شهيّب غير مقتنع بالتزوير: الترحيل وإلا..
«الحلف الرباعي الرئاسي» يرتّب أوراقه
مع عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، بدا واضحاً أن الاستحقاق الرئاسي المقيم في «الثلاجة» اكتسب قدراً من الحيوية، سمح له بالانتقال الى «البراد»، حيث درجة الحرارة أكثر ارتفاعاً، ولكن ليس الى الحد الكافي لإنضاج توافق وطني حول اسم رئيس الجمهورية.
ومن يراقب حركة الاتصالات منذ 14 شباط، يكتشف أن المحور الداعم لخيار ترشيح النائب سليمان فرنجية يحاول الإمساك بالمبادرة وتحسين مواقعه قبل جلسة 2 آذار الانتخابية، فيما لم يصدر بعد عن العماد ميشال عون أي موقف أو تعليق في أعقاب عودة الحريري، متقاطعاً في ذلك مع سلوك «حزب الله» الذي تجنب أمينه العام السيد حسن نصرالله في خطابه امس الاول الخوض في الشأن الرئاسي، أو في المواقف التي صدرت عن الحريري منذ عودته.
على ضفة «الحلف الرباعي الرئاسي»، تكثفت المشاورات بين مكوّناته أمس، على وقع التشارك في «الخبز والملح»، حيث زار الحريري مساء الرئيس نبيه بري في عين التينة وتناول العشاء الى مائدته، بعد ساعات من لقائه فرنجية في «بيت الوسط» حيث استبقاه على الغداء، فيما كان النائب وليد جنبلاط قد زار قبل أيام كلاً من الحريري وبري.
ومن عين التينة، أكد الحريري ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية مهما كلف الأمر، لافتا الانتباه الى أن هناك أربعة مرشحين التقوا في بكركي وقالوا إن أياً منهم يأتي للرئاسة له الغطاء المسيحي، وسليمان فرنجية من ضمن هؤلاء الأربعة. وأشار الى أنه لم يتكلم مع فرنجية في مسألة توليه رئاسة الحكومة، «ولم أفتح هذا الموضوع، بل هو الذي تكلم واقترح»، مضيفا أنه «اذا طُلب مني أن أتولى هذه الوظيفة فسأتولاها».
أما اللقاء بين الحريري وفرنجية، فقد قالت مصادر مطلعة على أجوائه لـ «السفير» إنه ساهم في تثبيت مبادرة ترشيح رئيس «تيار المردة» الى رئاسة الجمهورية، لافتة الانتباه الى أن الحفاوة التي استقبل بها الحريري ضيفه، ثم قوله بعد تصريح فرنجية إن كلامه من ذهب، يؤشران الى مدى ثبات رئيس «تيار المستقبل» على خياره.
ولفتت المصادر الانتباه الى أن التزام الحريري بترشيح فرنجية هو من ذهب ايضا، مؤكدة أن الاجتماع كان إيجابيا، وجرى خلاله التركيز على كيفية حلحلة الأزمة الرئاسية والسيناريوهات المحتملة للجلسة الانتخابية المقررة في 2 آذار المقبل.
ولاحظت المصادر أن فرنجية بدا حريصا على تأكيد استمرار تنسيقه مع الحلفاء في شأن الجلسة المقبلة، برغم أنه كمرشح رئاسي قد يكون محرجاً في هذا الموقف، كونه مطالبا أكثر من غيره بالحضور وعدم المقاطعة، إضافة الى أنه وجّه إشارات إيجابية الى العماد ميشال عون.
وأكد فرنجية من «بيت الوسط» أنه ينسق دائما مع حلفائه ولا يقوم بشيء إلا بالتنسيق معهم، معتبرا أن فرصه الرئاسية متساوية مع غيره، ومشددا على أنه «لن يكون هناك رئيس جمهورية لا يحظى بالتوافق الوطني».
وأوضح أنه والحريري متفقان على الكثير من الأمور، «أما إذا طلبوا مني الانسحاب لكي أحرجه مسيحياً، فليست هوايتي أن أحرج شخصاً كان وفياً وشهماً معي وذا أخلاق عالية في ترشيحي»، مشيرا الى أنه ما دام هناك كتل تؤيد ترشيحه فهو مستمر ولن يتراجع.
مهلة النفايات
أما على صعيد أزمة النفايات التي حضرت بقوة على طاولة الحوار الوطني أمس، في ظل تعثر مشروع الترحيل بعد الالتباسات التي أحاطت به، على إيقاع الكلام حول وقوعه ضحية مافيات روسية، فإن الوزير أكرم شهيب أكد لـ «السفير» أن المهلة المعطاة لشركة «شينوك» حتى يوم غد الجمعة لتستكمل ملفها، هي نهائية وقاطعة، «وإذا لم تستطع تأمين الوثيقة المطلوبة منها، سيُعتبر الاتفاق المنجز معها بحكم الملغى فورا».
وأوضح أن «شينوك» يجب أن تُسلّم الدولة اللبنانية ورقة رسمية تحمل توقيع وزارتي الخارجية والبيئة الروسيتين والسفارة اللبنانية في موسكو، إضافة الى توقيع وزارة البيئة الروسية على الالتزام بإخضاع عملية ترحيل النفايات لاتفاقية «بازل» التي تمنح الأمم المتحدة دور المراقبة.
وأعرب عن اعتقاده أن ما يحكى عن تزوير حصل لإحدى الوثائق ليس صحيحاً، لافتاً الانتباه الى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان قد أبلغ رئيس الحكومة تمام سلام خلال اجتماعهما على هامش مؤتمر ميونيخ ترحيب موسكو بالتعاون الحاصل لترحيل النفايات الى روسيا، «ولكن يبدو أن أمراً ما غير طبيعي حصل في روسيا في ربع الساعة الأخير، ونحن في انتظار أن تحسم «شينوك» أمرها ليبنى على الشيء مقتضاه».
ونفى أن تكون هناك أي عمولات أو محاصصة خلف ملف الترحيل، معتبرا أن كل ما يقال في هذا السياق هو للاستهلاك، وليس مبنياً على أي معطيات أو وقائع حسية. وشدد على أن السعر الذي تم تحصيله خلال التفاوض هو الأفضل، وموضحا أن الكلفة الإجمالية لترحيل النفايات على مدى عام ونصف العام هي حوالى 216 مليون دولار، أي بزيادة 50 مليون دولار عن المبلغ الذي كانت ستتقاضاه «سوكلين» لو استمرت في عملها ضمن الفترة الزمنية ذاتها، «وبالتالي نحن اعتبرنا أن هذا الفارق مقبول ويمكن احتماله قياسا على الأضرار الصحية والبيئية المترتبة على استمرار تراكم النفايات».
وأكد انه إذا سقط خيار الترحيل فلا بديل من العودة الى خطة المطامر، وإلا فستظل النفايات تتراكم في الشوارع.