الحريري ومراد لانتخابات بلدية توافقية بقاعاً
المخاوف الأمنية تبدّدها.. «ضمانة النازحين»!
برغم توسيع السعودية نطاق عقوباتها على أفراد وشركات لبنانيين، معظمهم ممن وردوا على «اللائحة السوداء» الأميركية سابقا، لم يلتفت «حزب الله» نهائيا للحملة السعودية المتصاعدة، بل سلك خطابه منحى متدرجا بلغ ذروته، أمس، على لسان قياديين بارزين في «شورى القرار» الشيخ نعيم قاسم والسيد هاشم صفي الدين، اذ دعا الأول السعوديين للاعتذار من لبنان «لأنهم أساؤوا اليه واعتدوا عليه»، فيما اتهم الثاني السعودية بتشويه الإسلام.. وحلفاءها بالاختباء وراء راية العروبة لتغطية ارتكاباتهم، معتبراً أن السعوديين يحاولون الاستفادة «من مال النفط ووجود مكة والمدينة تحت سلطتهم».
هذه المواقف العالية السقف سرعان ما حذر رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري من خطورتها، وقال أمام زواره، أمس، إنه بات متخوفاً من إقدام السعوديين والخليجيين «على أمور أكبر»، ورأى أنه اذا استمر مناخ الشحن والتوتر «قد تصل الأمور الى نقطة أصعب بكثير».
وفيما كان وزير الداخلية نهاد المشنوق يحذر من أننا على حافة الهاوية السياسية والمالية، جزم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة أن لا خطر على الليرة اللبنانية، وقال لـ«رويترز» إن سياسة المصرف ما زالت المحافظة على استقرار العملة الوطنية، مضيفا أنه لا يعلم بأية إجراءات اتخذتها السعودية ضد المصالح الاقتصادية اللبنانية.
أمنياً، لوحظ أن الواقع اللبناني «انضبط» ربطاً بمعطيات الهدنة السورية، فقد عزز الجيش اللبناني إجراءاته الحدودية شمالا وشرقا، مخافة إقدام تنظيمي «داعش» و«النصرة» على محاولة إحداث أي اختراق حدودي، برغم حدوث مواجهات جديدة بين مجموعات هذين التنظيمين الإرهابيين في جرود عرسال، ليل أمس، كما شملت الإجراءات التدقيق اليومي بعدد من مخيمات النازحين السوريين، فضلا عن إبقاء «العين الأمنية» مفتوحة على عدد من المناطق اللبنانية، وبينها بعض تجمعات النازحين السوريين والمخيمات الفلسطينية.
«عجقة» وفود أوروبية
وقال مرجع أمني واسع الاطلاع لـ«السفير» إن الإجراءات في محيط الضاحية الجنوبية تحافظ على وتيرتها المشددة، خصوصاً أنه في حسابات الأمن «كل شيء وارد»، وأوضح أنه بعد نجاح الجيش في تنفيذ عملية أمنية متقنة قبل أيام قليلة أدت الى توقيف القيادي في تنظيم «داعش» أحمد محمد أمون الملقب بـ«أحمد بريص» بالقرب من منزله في عرسال، تم رصد حالة هياج لدى «داعش» شبيهة بتلك التي أعقبت توقيف القيادي في «النصرة» عماد جمعة (الأول من آب 2014)، لكن بفارق أن خطة اقتحام عرسال كانت موضوعة قبل عملية جمعة، وهذه المرة فوجئت المجموعات بتوقيف أمون، وتبين لها أن قدرتها على التحرك شبه معدومة.
ورداً على سؤال حول ما اذا كانت هذه المجموعات تخطط لعمل أمني كبير، قال المرجع نفسه: نعم بالتأكيد.
وأوضح أن قضية الهدنة التي تستثني «داعش» و«النصرة» قد تؤدي الى خلق أوضاع جديدة ضاغطة على هذين التنظيمين، وبالتالي يمكن أن يبادرا الى التسلل من أية نقطة ضعف سواء في الداخل اللبناني (أحزمة وانتحاريين) أو تنفيذ محاولات تسلل عبر الحدود.
وأشار المرجع الى أن الهدنة السورية قد تفتح شهية الإعلام الغربي وشركات الإعمار العملاقة والمنظمات غير الحكومية وبعض الوفود لزيارة سوريا في الأيام المقبلة، مثلما قد نشهد عودة غربية جزئية الى بعض السفارات في سوريا، وهذا يستوجب أيضا منا كدولة لبنانية أن نكون متيقظين، خصوصاً أن لبنان أصبح البوابة الوحيدة الى سوريا، وقد يحاول بعض المقاتلين الأجانب الهرب من أرض المعركة في سوريا إذا شعروا أن الآفاق باتت مقفلة أمامهم هناك، ولذلك، رصدنا تدفق خمسة وفود أجنبية (معظمها أوروبية) الى بيروت في الأيام العشرة الأخيرة، كان القاسم المشترك بين معظمها أمرين اثنين:
أولهما، طلب التدقيق في اللوائح التي وضعتها بعض العواصم الغربية لمقاتليها «الجهاديين» على أرض سوريا، وإمكان توقيف من سيحاول منهم الفرار عبر لبنان.
ثانيهما، إبداء الاستعداد لتقديم كل مساعدة متاحة عبر الضغط على الحكومات لزيادة المساعدات للحكومة اللبنانية لمواجهة أعباء قضية النزوح السوري الى لبنان ومساعدتهم على الصمود والبقاء في لبنان بانتظار تسوية الأزمة السورية.
وأضاف المرجع نفسه أن النزوح السوري المليوني (1.5 مليون لاجئ) إلى لبنان، يتحول للمرة الأولى الى مؤشر إيجابي لمصلحة الاستقرار، «وكل ذلك بفضل الزلزال الذي أصاب أوروبا بسبب أزمة اللاجئين، وصار لسان حال الأوروبيين والأميركيين تأكيد أهمية استقرار الوضع اللبناني في هذه المرحلة الإقليمية المفصلية».
وكشف المرجع أن بعض الوفود الأمنية الأوروبية قدمت معطيات للحكومة اللبنانية حول نشاط بعض العصابات التي تتولى تهريب النازحين عبر المرافئ الشرعية وغير الشرعية، وتم الاتفاق على تشديد الإجراءات اللبنانية لمنع عمليات المتاجرة بأرواح النازحين السوريين وأيضا اللاجئين الفلسطينيين، وذلك في ضوء تعاظم ظاهرة محاولات هجرة أبناء المخيمات الفلسطينية الى أوروبا وباقي مناطق اللجوء، بسبب توقف معظم خدمات «الأونروا».
تفاهمات انتخابية
من جهة ثانية، علمت «السفير» أن الرئيس سعد الحريري تفاهم مع رئيس «حزب الاتحاد» الوزير السابق عبد الرحيم مراد، في خلال اللقاء الذي جمعهما، مساء أمس، في «بيت الوسط» بحضور وزير الداخلية نهاد المشنوق، على خوض الانتخابات البلدية والاختيارية في البقاع الغربي بلوائح توافقية.
وكان الحريري قد تفاهم في الشمال مع الرئيس نجيب ميقاتي وحلفائه، وأبرزهم الوزير السابق فيصل كرامي، على خوض الانتخابات البلدية في مدينتي طرابلس والميناء، بلائحتين توافقيتين، ومن المتوقع أن يسري قرار «المستقبل» على معظم مناطق نفوذه في إقليم الخروب والشمال والبقاع والجنوب، باستثناء مدينتي بيروت وصيدا.
يذكر أن الحريري أدى، أمس، صلاة الجمعة في مسجد الإمام علي بن ابي طالب في الطريق الجديدة، ولاقاه المئات من أبناء المنطقة لاستقباله فور شيوع نبأ وجوده هناك، وقال الحريري «اننا لا نريد أن يحدث أي سوء لبلدنا الذي حميناه وسنستمر في حمايته، وقد عدت الى لبنان وسأبقى معكم ومش رايح على محل واذا سافرت راجع بسرعة.. وما تخافوا اذا سافرت» (ص2).