سلام مطمئن لصمود الحكومة.. وجنبلاط قلق من الصراع على لبنان
«حزب الله» ـ «المستقبل»: «الحوار الاضطراري» مستمر
يستمر المناخ العام في لبنان متأثرا بضغط سياسي مرتفع، يتسبب في ارتفاع حرارة المنابر والشارع على حد سواء، ومهددا بإشعال حرائق داخلية، كان لبنان قد نجح طيلة الفترة السابقة في أن ينأى بنفسه عنها، نتيجة تقاطع بين قرار خارجي واعتبارات محلية حول ضرورة المحافظة على حد أدنى من الاستقرار، في محيط إقليمي متفجر ومتفلت.
ولكن ارتفاع حدة الصراع الإقليمي بين الرياض وطهران، وما يواكبه من تصعيد سعودي غير مسبوق ضد «أهداف» لبنانية، في السياسة والاقتصاد والإعلام والمال، أحدثا تفسخا في مظلة الحماية، وإن تكن محاولات «حصر الخسائر» متواصلة، ضمن هوامش داخلية ضيقة.
وفي هذا الإطار، يُنتظَر انعقاد لقاء مرتقب بين الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، لعله يساهم في تبريد الأجواء المحمومة، فيما علمت «السفير» أن معاون الأمين العام لـ «حزب الله» حسين خليل والوزير علي حسن خليل ومدير مكتب رئيس تيار «المستقبل» نادر الحريري اتفقوا خلال جلسة الحوار الأخيرة التي جمعتهم في عين التينة على عقد جلسة أخرى، إنما من دون تحديد ما إذا كانت ستكون موسعة أم ستقتصر عليهم.
وفي المعلومات أن جلسة الحوار المقبلة بين الحزب والتيار و «حركة أمل» ستعقد مبدئيا ما بين 16 و20 آذار الحالي، في وقت أكد الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس أنه لا بديل عن الحوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، «وإذا كان يوجد شيء آخر ممكن، أخبروني..».
وقالت مصادر قيادية في «تيار المستقبل» لـ«السفير» إن خيارات التيار تتراوح بين ثلاثة احتمالات: الأول الصبر واعتماد المعالجة الهادئة، وهذا الاحتمال هو الأبرز ويمكن أن يشكل اللقاء المفترض بين بري والحريري قوة دفع له، والثاني تعليق المشاركة في الحكومة ولا يبدو أنه وارد في الوقت الحاضر، والثالث، وهو الأضعف، ينحو في اتجاه قلب الطاولة على الجميع.
الحكومة «صامدة»
أما أوساط رئيس الحكومة تمام سلام، فأبلغت «السفير» أن المعطيات المتوافرة في السرايا لا تفيد بأن هناك نية لدى أي طرف بالانسحاب من الحكومة أو تعليق مشاركته فيها، برغم الخلافات السياسية الحادة بين مكوناتها، لأن الجميع يعرف أنه لا يوجد بديل عنها في ظل الظروف الراهنة واستمرار الشغور في موقع رئاسة الجمهورية.
وبالنسبة إلى العقوبات السعودية بحق لبنان، أكدت الأوساط أن الرياض لا تزال غاضبة جدا، «علما أن الرئيس سلام كان قد أبلغ السفير السعودي علي عواض عسيري، عندما التقاه مؤخرا، بأنه يرغب في زيارة المملكة ولقاء مسؤوليها حتى يشرح لهم حقيقة الموقف الرسمي اللبناني من كل جوانبه، لكن لم يأتِ حتى الآن أي رد على هذا الطلب ولم يتحدد بعد أي موعد لزيارة المملكة.»
جنبلاط والحوار السعودي – الإيراني
وفي سياق متصل، اعتبر النائب وليد جنبلاط في مقابلة تلفزيونية مع محطة «أورينت نيوز» أن بيان الحكومة عن التمسك بالإجماع العربي كافٍ وهو نوع من الاعتذار، مشيرا إلى أن الرئيس سلام فعل ما يجب أن يفعله، «وأتمنى أن تقبل المملكة والإمارات العربية المتحدة وغيرهما من دول الخليج الاعتذار اللبناني الرسمي من أجل مصلحة لبنان والعلاقة التاريخية بين لبنان والخليج».
ولفت الانتباه إلى أن هناك صراعاً إيرانياً – سعودياً على لبنان والمنطقة، «وأعتقد أن لبنان لا يتحمل عبء هذا الصراع»، مشددا على أن الحوار السعودي – الإيراني مفيد والحوار العربي – الإيراني ضروري «كي نعلم ماذا تريد إيران وماذا نريد نحن».
وأكد أن «سعد الحريري يبقى العنوان الأول للاعتدال اللبناني والضمانة، وأي محاولة للتجريح به أو لطعنه هي ضرب من الخيال وعدم العقلانية»، معتبرا أن أشرف ريفي يزايد على الحريري فقط لكسب الأنظار.
ورأى أن «حزب الله» امتداد للسياسة الإيرانية في لبنان، لكن تجميد السلاح والمساعدات هو إضعاف للدولة، «وهم سيستفيدون من الأمر». وأضاف: هناك سياسة تمليها إيران على الحزب وهو جزء من منظومة إيرانية في لبنان، وإذا كان البعض يظن بأن «حزب الله» سينسحب من سوريا نتيجة بعض المواقف العربية، فلن ينسحب. نحن طالبنا بالنأي بالنفس منذ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لكن الكلام لم ينفع. هناك صراع عربي ودولي وإقليمي على سوريا.
ملف النفايات
على خط آخر، يُتوقع أن تغرق نقاشات جلسة مجلس الوزراء المقبلة مجددا في مطامر النفايات التي عادت إلى الواجهة على أشلاء مشروع الترحيل «الراحل»، وسط اتجاه إلى اعتماد الحزم لفرضها حيث تقتضي الضرورة.
وقالت مصادر حكومية مطلعة لـ «السفير» إنه لم يعد هناك خيار لمعالجة أزمة النفايات سوى إحياء حل المطامر، بعدما سقط حل الترحيل، فيما خيار المحارق مكلف ويتطلب تنفيذه وقتا طويلا، وبالتالي فإنه قد يُعتمَد على المدى الطويل ولكن ليس الآن.
وشددت المصادر على أن الأزمة وصلت إلى مرحلة لم يعد مسموحا فيها «الدلع»، مشيرة إلى أن القوى السياسية باتت معنية بأن تتحمل مسؤولياتها وأن تكف عن «الغنج».
وأوضحت المصادر أن الأفضل هو حصول توافق سياسي على إنشاء المطامر، «خصوصا أن كل ديك على مزبلته صياح»، لافتة الانتباه إلى أن الخيارات الأخرى انتفت بالتجربة العملية، وبالتالي لا مبرر لأي مماطلة إضافية في المباشرة في استحداث المطامر التي اصبحت ممرا إلزاميا للخروج من نفق النفايات، «أما في حال أصر طرف أو آخر على الاستمرار في الاعتراض، فإن الدولة يجب أن تكون حازمة في تطبيق قرارها.»
وأكدت مصادر سلام أن تقدما حصل على الطريق نحو اعتماد المطامر، وهناك إيجابيات في النقاش، لكن الأمور لم تصل بعد إلى خواتيمها.