Site icon IMLebanon

الدولة تشترط: لا تفاوض إلا بوقف قتل العسكريين

غارات جوية للجيش تقتل 50 من المسلحين

الدولة تشترط: لا تفاوض إلا بوقف قتل العسكريين

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الحادي والعشرين بعد المئة على التوالي.

للمرة الأولى منذ إقدام المجموعات التكفيرية على خطف العسكريين، قبل خمسين يوماً، بدت الأدوار منسّقة على مستوى الحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنية، برغم «التشويش» المتأتي من بعض الخطاب السياسي وبعض أهالي العسكريين وأعمال الخطف المضادة المدانة، وذلك في مواجهة خطر حقيقي يهدد المصير الوطني ويتجاوز خطف العسكريين… وبلدة عرسال.

وفيما يتوجه رئيس الحكومة تمام سلام اليوم إلى نيويورك طارحاً ملف العسكريين في أولوية جدول أعمال محادثاته مع عدد من رؤساء الوفود، يتحرك وزير الداخلية نهاد المشنوق باتجاه الأتراك ومعه مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي أبقى خطوطه مفتوحة مع أنقرة والدوحة مشترطاً وقف قتل العسكريين، قبل أن يبدأ التفاوض مع الخاطفين، وهو الشرط الذي حدّدته خلية الأزمة التي انعقدت برئاسة سلام في السرايا الحكومية، أمس الأول.

وبالتزامن، يواصل الجيش تنفيذ خطة عسكرية اقتضت حشد أكثر من خمسة آلاف عسكري في منطقة البقاع الشمالي، تم تدعيمهم بمدفعية ثقيلة بعيدة المدى وبطائرات مروحية هجومية استخدمت للمرة الأولى صواريخ جو ـ أرض من طراز «هيلفاير» كان الأميركيون قد زوّدوا الجيش بها في الأسابيع الأخيرة، ووعدوا بشحن كميات إضافية منها في الأيام القليلة المقبلة.

وقالت مصادر مطلعة لـ«السفير» إن الجيش تمكن من القضاء على أكثر من خمسين من الإرهابيين وقادتهم في جرود عرسال، وثمة صور جوية تؤكد حجم الضربة التي تلقّوها في الساعات الـ72 الأخيرة، كما أن الجيش جرّد حملة توقيفات في عرسال ومخيمات النازحين في جرودها أفضت الى توقيف نحو 140 شخصاً معظمهم من السوريين، وبينهم 35 اعترفوا بمشاركتهم في أعمال قتالية ضد الجيش اللبناني أو بتحضيرهم للقيام بأعمال ارهابية جديدة ضد وحدات الجيش في المنطقة.

كما قرر الجيش إحكام الطوق على كل المنافذ البرية المؤدية الى جرود عرسال، بما يمنع وصول المواد الغذائية والمؤن على أنواعها وخصوصا مادة المازوت.

وأوضحت المصادر أن اجراءات الجيش جعلت المجموعات الإرهابية تلجأ الى اسلوب العبوات الناسفة وإطلاق المزيد من التهديدات، في اليومين الماضيين، وهذا المعطى تم وضعه في الحسبان، وستتخذ إجراءات وقائية إضافية على قاعدة أن الجيش يخوض مواجهة مفتوحة، وهو غير معني بما يجري من وساطات أو مفاوضات، ولن يخضع لأي ابتزاز.

وسجّلت المصادر أن أية جهة سياسية لبنانية لم تتدخل لدى قيادة الجيش لثنيها عن اجراءاتها «وهذه نقطة ايجابية تبين وحدة الموقف حول الجيش وعدم تردد أي طرف سياسي في خيار المواجهة مع المجموعات التكفيرية».

هذه الاجراءات عرضها قائد الجيش العماد جان قهوجي أمام خلية الأزمة التي شددت على مضي الجيش في تنفيذ خطته، بما في ذلك عدد من التدابير الاحترازية التي تواكبها «من دون تردد أو هوادة أو تهاون،» وأكد سلام أن قرار الحكومة هو المواجهة المفتوحة على كل الخيارات والاحتمالات والأثمان، مشدداً على أهمية وقوف اللبنانيين بكل أطيافهم وراء الجيش وباقي المؤسسات الأمنية صفاً واحداً.

وأعطى اجتماع خلية الأزمة الضوء الأخضر للجيش لملاحقة الإرهابيين والمتعاملين معهم وعدم بقاء عرسال رهينة بأيديهم، على أن توضع خطط تأخذ في الاعتبار كيفية تحييد المدنيين.

وتناول البحث الوساطة المستمرة لتحرير العسكريين، «خصوصا أن المسلحين يرفضون التفاوض الا بشروطهم ويحاولون ابتزاز الدولة والجيش وأهل العسكريين، لأن غرضهم هو تعميم الفوضى وزرع الفتنة» على حد تعبير أحد المشاركين في اجتماع خلية الأزمة.

وعلم أن الوسيط القطري أعاد فتح قنوات التفاوض مع المجموعات المسلحة، وفي الوقت نفسه، تبلّغ كما الجانب التركي «أن أول عنصر للمفاوضة مع «داعش» و«النصرة» هو وقف القتل (للعسكريين) حتى نبدأ الأخذ والرد معهم… واذا رفضوا ذلك، فإن قرار الدولة اللبنانية حاسم برفض الخضوع للابتزاز من أي نوع كان» على حد تعبير مرجع أمني واسع الاطلاع.

وكانت «جبهة النصرة» قد عممت، أمس الأول، شريط اعدام الشهيد العسكري محمد حمية، واشترطت لتسليم جثمانه لذويه اطلاق 15 سجيناً اسلامياً في سجن روميه، الأمر الذي جوبه برفض من والد الشهيد الذي قال: «لا أريد جثة ولدي إن كانت الدولة ستبادلها بإطلاق سراح بعض المجرمين من رومية».

وشيّعت بلدة عيدمون في عكار جثمان الشهيد محمد عاصم ضاهر، كما شيّعت مدينة صيدا جثمان الشهيد علي الخراط وكذلك جثمان والده الذي فارق الحياة بعد ساعات من سقوط ولده شهيداً بانفجار عبوة ناسفة بدوريته في عرسال، الى جانب رفيقه محمد ضاهر.

وترافق بث شريط إعدام الجندي محمد حمية وتشييع الشهيدين ضاهر والخراط مع نزول عدد من الأهالي الغاضبين الى الشوارع حيث أقدموا على حرق الاطارات وقطع الطرق، فيما سجل خطف عدد من المدنيين من ابناء عرسال، وهي الخطوة التي لقيت استنكارا من قبل الرئيس نبيه بري وقيادة «حزب الله». وقال بري أمام زواره إن الخطف المضاد يفوق في خطورته جريمة خطف العسكريين، داعيا القوى العسكرية والأمنية الى عدم التهاون مع أي عمل من هذا النوع لأنه يشكل خطراً على الوحدة الوطنية. وضم بري صوته الى صوت رئيس الحكومة بالدعوة الى الذهاب نحو مواجهة مفتوحة حتى تحرير جميع العسكريين.

من جهته، قال النائب وليد جنبلاط إننا لا نستطيع أن نستمر بهذا الجهل وبارتكاب جرائم مماثلة لجريمة خطف العسكريين، ودعا خلال جولة واسعة في مناطق حاصبيا والعرقوب وراشيا والبقاع الأوسط على مدى يومين، الى «الإسراع بمحاكمة عادلة للمسجونين في رومية»، وأكد انه لن تكون شبعا عرسال ثانية.

وقال جنبلاط إنه اذا اقتضى الأمر من أجل المصلحة الوطنية العليا ومن أجل درء الفتنة والخطف والخطف المضاد، فلتكن المقايضة لكن بشروط معينة .