تنافس بلدي في صيدا والجنوب.. و«نائب شرعي وحيد» في جزين!
نصر الله للإسرائيليين: أي اعتداء نردّ عليه خارج «المزارع»
ردّ الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله على ما أسماها «العصابات» التي حاولت استثمار دم القيادي الشهيد مصطفى بدر الدين («ذو الفقار»)، بإطلاق تأويلات لا تمتّ بصلة إلى ثقافة المقاومة وتاريخها وحاضرها.
وبشكل غير مباشر، شمل الرد بعض المناخات السلبية التي راجت على مدى أسبوع، حتى ضمن جمهور «حزب الله»، سواء حول طبيعة الحادثة التي أدت الى استشهاد بدر الدين، أو حول مجمل حضور الحزب في الساحة السورية.
من هنا جاء كلام السيد نصر الله قاطعاً بأننا باقون في سوريا «وسيذهب قادة أكثر من السابق الى سوريا وسنحضر هناك بأشكال مختلفة». وقال: «لم يخرجنا استشهاد أي قائد من قادتنا من أي معركة بل كان يزيد قوتنا بهذه المعركة». وأضاف: ثأرنا الكبير يكون في أمرين: الأول، أن يتعاظم حضورنا في سوريا. والثاني، أن نلحق الهزيمة النكراء والنهائية بالجماعات الإرهابية التكفيرية الإجرامية.
وأكد نصر الله أن معطيات استشهاد بدر الدين أشارت إلى مسؤولية الجماعات المسلحة التكفيرية، وأضاف «تحققنا وفحصنا فليس هناك أي مؤشر يدل على أنه الاسرائيلي»، وأوضح «نحن لم نخش أبداً تحميل إسرائيل مسؤولية أي اعتداء علينا وقد هددّنا بالردّ وفعلنا كاعتداء القنيطرة (الذي استهدف الشهيدين جهاد عماد مغنية وأبو عيسى وأحد الضباط الإيرانيين)».
وفي كلام يحمل في طياته عدم وجود أي احراج في أن يكون «حزب الله» في موقع المبادرة على كل الجبهات، برغم اللحظة الإقليمية الضاغطة، أطلق نصر الله معادلة جديدة في الصراع المفتوح مع العدو: «أنا أقول للإسرائيليين الذين أنصفونا، وللأعراب الذين هم أشد كفراً ونفاقاً، الذين اتهمونا، وللعالم وللعدو وللصديق، في أسبوع الشهيد القائد الجهادي الكبير السيد مصطفى بدر الدين، إذا امتدت يدكم إلى أي مجاهد من مجاهدينا ـ أيها الصهاينة ـ سيكون ردنا مباشراً وقاسياً وخارج مزارع شبعا، وبكل وضوح، وأياً تكن التبعات».
وتكتسب هذه الرسالة مضموناً مزدوجاً، فهي من جهة، رسالة تهدف الى تحصين وحماية المقاومة والمقاومين، عبر التحذير المسبق للعدو من مغبة أي استهداف مستقبلي. ومن جهة ثانية، تترك الباب مفتوحاً أمام توسيع ساحة المواجهة، خارج حدود مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، بدءاً من الخط الحدودي نفسه، وانتهاء بعمق «الجبهة» مع الاسرائيليين. وهذا يعني أن منظومة الحزب القتالية ستكون معنية نظرياً وميدانياً بتحديد الأهداف والساحات المحتملة.. وصولاً الى كل الاحتمالات المتدحرجة لمعادلة «ما بعد شبعا».
وعدا البعدين الاسرائيلي والتكفيري، يمكن القول إن السيد نصر الله أعطى الشهيد بدر الدين بعض حقه، بحرصه على تقديم مقتطفات من سيرته الذاتية مقاوماً (1982) ومؤسساً (1983) وقائداً حتى لحظة استشهاده على أرض سوريا، مروراً بمحطات بارزة مثل انتصار نيسان 1996 و «كمين أنصارية» في أيلول 1997 (أحد عقول المقاومة) وإنجاز التحرير في العام ألفين، فضلا عن «حرب تموز 2006» وتفكيك الشبكات الاسرائيلية في لبنان، فضلاً عن أدواره على صعيد الحرب النفسية مع العدو وتجربة «الإعلام الحربي» في المقاومة.
أما النقطة الرابعة التي أثارها السيد نصر الله، فتتمثل في القول إن «حزب الله» بألف خير، طالما أنه أصبح مؤسسة حقيقية («انتقلنا من قوة محلية الى قوة اقليمية»)، لا تتوقف حركتها على شخص أو قائد، «مهما كان كبيرا».
وبرغم طبيعة المناسبة، بدا نصر الله حريصاً على توجيه رسالة سياسية واضحة للجنوبيين، عشية المرحلة الثالثة من الاستحقاق البلدي، بأن المشاركة الانتخابية تتمحور حول خيارات سياسية بالدرجة الأولى «لأنه في هذا المناخ الذي تخاض فيه حرب إعلامية شعواء علينا، يتم استغلال حتى دماء الشهداء، كما شهدنا خلال الأسبوع الماضي بشهادة السيد مصطفى بدر الدين»..
وتقاطع موقف نصر الله مع دعوة الرئيس نبيه بري للالتزام باللوائح التي تمَّ التفاهم عليها بين «الثنائي الشيعي». وتوجّه رئيس المجلس إلى الجنوبيين بالقول «لنجعل من يوم الانتخاب يوم عرس للجنوب لا بل للبنان، عبر المشاركة الكثيفة في عمليات الاقتراع، وتقديم اعلى مستوى حضاري وديموقراطي».
انتخابات الجنوب.. مميزة
يذكر أن محافظتي الجنوب ستشهدان، غداً، في أقضيتهما السبعة انتخابات بلدية واختيارية، حيث يجري التنافس على 3318 مقعداً بلدياً و706 مقاعد اختيارية، في ظل تنافس انتخابي عبّر عنه قرار «الحزب الشيوعي اللبناني» بخوض معارك انتخابية في أكثر من ستين قرية جنوبية في مواجهة اللوائح الائتلافية لـ «حزب الله» و «أمل» (نماذج اللوائح اليسارية في الطيبة وحولا والخيام وكفر رمان وبنت جبيل وصور والبازورية الخ..).
ومن المتوقع أن تشهد مدينة صيدا معركة انتخابية بين لائحة مدعومة من «المستقبل» من جهة، وبين لائحتين، أولى، يدعمها «التنظيم الشعبي الناصري» وحلفاؤه، وثانية، تدعمها «الجماعة الاسلامية».
ويصح القول إن معركة صيدا هي معركة رفع نسبة المشاركة بالنسبة لـ «المستقبل»، خصوصاً في ضوء نتائج بيروت، فاذا كانت المشاركة ضعيفة، يتقلص فارق الأصوات مع أسامة سعد الذي يملك قوة تجييرية محسوبة (بلوك انتخابي)، وبالتالي تصبح فرص الأخير أو «الجماعة» بالخرق ممكنة، من دون اغفال المعنى السياسي الذي يريده كل طرف عبر اختبار شعبيته على مسافة سنة من الاستحقاق النيابي، علما أنه راجت معلومات في صيدا، أمس، عن نية الرئيس سعد الحريري الانتقال للمدينة، اليوم، لتحفيز جمهوره نحو أوسع مشاركة انتخابية.
ومن المنتظر أن تشهد مدينة حاصبيا معركة بلدية بين لائحة مدعومة من «الاشتراكي» وبين «لائحة مستقلين»، وذلك بعدما انفرط عقد المفاوضات الارسلانية ـ الجنبلاطية حول حصص الجانبين في المجلس البلدي لمدينة حاصبيا، وقرر بعدها الارسلانيون و «القوميون» سحب مرشحيهم وترك حرية الاختيار لناخبيهم.
ومن خارج السياق البلدي الذي تتداخل فيه الاعتبارات السياسية والعائلية، ينتظر أن يشهد قضاء جزين معركة نيابية حقيقية، حيث يتنافس على المقعد الماروني الشاغر بوفاة النائب ميشال الحلو أربعة مرشحين هم المحامي ابراهيم سمير عازار، رجل الأعمال أمل أبو زيد («التيار الوطني الحر»)، العميد المتقاعد صلاح جبران، الناشط العوني السابق باتريك رزق الله.
واذا كانت حسابات اللاعبين الموارنة في جزين والقضاء تتصل بالسعي للامساك بمفتاح المنطقة السياسي والخدماتي، فإن الصوت الشيعي في منطقة الريحان، سيلعب دوره في حسم هوية الفائز بالمقعد الماروني في ضوء التجارب الانتخابية السابقة، وخصوصا تجربة العام 2009، عندما أعطى «حزب الله» أصواته لمرشحي «التيار الحر» الثلاثة الذين فازوا في مواجهة لائحة «تيار الاعتدال» بقيادة سمير عازار الذي يحظى بدعم واضح من الرئيس بري.
وعشية انتخابات جزين، وجّه العماد ميشال عون نداء الى الجزينيين، ذكّرهم فيه بأن هذه المنطقة مسقط رأسه وأرض أجداده، ودعاهم الى تثبيت الخط السياسي الذي صوتوا له في العام 2009، وقال:»بعد 48 ساعة، سيكون لدينا النائب الشرعي الوحيد في البرلمان اللبناني»!