«لوبي لبناني» يطالب بعمولات باهظة.. وباريس لا تتجاوب
وفد فرنسي إلى بيروت.. لإقفال لائحة مشتريات الأسلحة
محمد بلوط
يصل وفد عسكري وتقني فرنسي الى بيروت قبل نهاية الأسبوع الحالي، للقاء قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي وأركان الجيش اللبناني، وذلك بهدف إنجاز ما لم ينجزه «اتفاق الرياض»، بين رئاسة الأركان السعودية وشركة «أوداس» الفرنسية، بشأن الأسلحة الفرنسية للجيش اللبناني بأموال الهبة السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
الوفد الفرنسي كان قد شارك في اجتماع ترأسه الرئيس فرانسوا هولاند، الخميس الماضي في «الاليزيه»، خصص لتحديد ما تبقى من الصفقة من دون اتفاق، وتم وضع سقف لا يتجاوز الخمسين يوماً لإقفال ملف الهبة السعودية للجيش اللبناني.
الاجتماع اللبناني ـ الفرنسي المرتقب في بيروت، بمعزل عن السعوديين، ينبغي أن يحدّد خلاله الجيش اللبناني ما تبقى من لائحة المشتريات من الأسلحة والعتاد، اذ لا يزال هناك مبلغ يتراوح بين 5 الى 10 في المئة من هبة الثلاثة مليارات دولار (من 150 الى 300 مليون دولار) بحاجة إلى تحديد وجهة استخدامها، ليُصار بعدها الى إقفال لائحة المشتريات، بعد تحديد روزنامة التسليم المقدّر لها أن تمتدّ من ٣ أشهر إلى ٥ سنوات على أبعد تقدير.
ويقول مسؤول فرنسي لـ«السفير» إن المفاوضات ستحتاج الى فترة زمنية قد تستغرق ٥٠ يوماً قبل اعتبارها منتهية. وتعدّ سنة من المفاوضات حول صفقة بقيمة ٣ مليارات دولار، مهلة معقولة، لا بل «قصيرة نسبياً مقارنة بمفاوضات جرت في صفقات مشابهة»، حسب أحد المسؤولين الفرنسيين، مشيراً الى أن المفاوضات «كانت تتعدّى العامين وكانت تقديراتنا تشير إلى أننا لن نذهب الى التوقيع قبل العام 2015، فقد كانت الكرة في مرمى السعوديين، وكنا نفاوضهم من دون توقف، ولكن القناة تحرّكت بسرعة في شهر تشرين الأول الماضي، فتمّ تسريع التوقيع».
وثمة عوامل متعدّدة ساهمت في استعجال تسييل الهبة السعودية، وفق مصادر لبنانية، يمكن تلخيصها على الشكل الآتي: العرض الإيراني الجدي بتقديم أسلحة وذخائر للجيش اللبناني، زيارة قهوجي الأخيرة لواشنطن، مجريات معركة طرابلس الأخيرة، تجاذبات وعناصر سعودية داخلية، فضلاً عن ضغوط فرنسية ساهمت في إعادة تعويم الهبة.
ويبدو ان «لوبي من وسطاء السلاح اللبنانيين» كان قد لعب دوراً معرقلاً في المفاوضات، رفض المسؤول الفرنسي تسميته، ولكنه جزم «أن أكبر العقبات التي واجهناها هي تدخل بعض الشخصيات اللبنانية، وعرضها خدمات للتسريع في إنجاز الصفقة، ورفع الحجز عنها في الرياض، مقابل عمولات باهظة رفضناها».
وعن التوقيع في الرياض، قال المسؤول الفرنسي لـ«السفير» إن اللبنانيين لم يطلبوا إضافة أي شيء على الاتفاق قبل توقيعه، وإن السعوديين اكتفوا بالتأكد من أن الاسعار التي عرضت على الجانب اللبناني معقولة عالمياً، ومقبولة لبنانياً، وأن لا عمولات في الصفقة.
ونقل المسؤول اجواء التنافس بين ممثلي اسلحة الجيش اللبناني الجوية والبحرية والبرية، لنيل أكبر حصة ممكنة من الهبة، واصفاً إياه بـ«الطبيعي»، قبل أن يتدخل السعوديون لطلب لائحة لبنانية موحدة ونهائية للمشتريات.
والأرجح أن الفرنسيين قاموا بتعديل اللائحة، لتتوافق مع الميزانية المرصودة مع الإمكانيات وشروط مسرح العمليات اللبناني، واستعدادات البنى التحتية، مثل انعدام القواعد البحرية التي يمكنها استقبال مراكب تتعدى الأربعين متراً، مما أجبر اللبنانيين على التخلي عن مطلب حصولهم على مراكب يبلغ طول الواحد منها ثمانين متراً.
وبخلاف ما تولّى سياسيون لبنانيون الترويج له لتغطية التجاذبات السعودية، واعتبار الهبة مؤجلة التنفيذ الى حين انتخاب رئيس لبناني، واستخدامها في أسواق السياسة اللبنانية، يقول مسؤول فرنسي أشرف على مراحل طويلة من المفاوضات، إن هذه المسألة «مجرد فرضيات لا علاقة لها بالمفاوضات»، مشيراً إلى أن انكشاف ثغرات التسلح اللبناني في مواجهة «النصرة» و«داعش» وبروز حاجة الى مروحيات مقاتلة وصواريخ جو ـ أرض وأجهزة رصد، «لم يلعب أي دور ضاغط في مسار المفاوضات».
وقال المسؤول الفرنسي «لقد فاوضنا خارج أي تأثير للأحداث الجارية في لبنان» بخلاف ما كانت تقوله وزارة الخارجية الفرنسية.