IMLebanon

«الكتائب» تستقيل.. والحكومة المشلولة لا تنهار!

أين تحقيق «المعلومات» في احتمال الخرق الإسرائيلي للإنترنت؟

«الكتائب» تستقيل.. والحكومة المشلولة لا تنهار!

تتجاوز استقالة وزيري «الكتائب» سجعان قزي وآلان حكيم حدود الصيفي وحسابات الحزب، لتضع على المحكّ مستقبل الحكومة ككل، وتسلّط الأضواء الكاشفة على مجمل المأزق السياسي الآخذ في التمادي تحت وطأة الشغور الرئاسي والشلل التشريعي والتعثر الحكومي.

وقد أتى قرار «الكتائب» بالانسحاب من الحكومة ليخطف بعض الضوء من حادثة تفجير «بنك لبنان والمهجر»، التي بقيت قيد التحقيق من قبل شعبة المعلومات، فيما أبلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق وفداً من الاتحاد الأوروبي التقاه، أمس، أن الوضع الأمني في لبنان تحت السيطرة ولا يمكن القبول بأن تصبح المصارف «رهائن لأسباب سياسية»، مجدداً القول إن التفجير الأخير «لا يشبه حوادث التفجير التي سبق للبنان أن شهدها». وأكد أن المؤسسات العسكرية والأمنية «تعمل على مدار الساعة للتصدي لكل الأخطار الأمنية ومواجهة الخلايا الأمنية الإرهابية النائمة والعمل على كشفها والقضاء عليها».

وغداة استهداف «لبنان والمهجر»، قرر «حزب الكتائب» أن يفجّر «قنبلة سياسية» في داخل الحكومة عبر الإعلان عن استقالته منها، احتجاجاً على كل مسارها وسلوكها، وفق أدبيات الصيفي، وإن يكن هناك من سارع إلى ربط هذا القرار بحسابات التنافس في الشارع المسيحي وعليه، بل إن قوى مسيحية سارعت إلى وضع موقف «الكتائب» في إطار المزايدة، متوقعة أن تكون له تبعات مستقبلاً على التحالفات السياسية والنيابية.

ولعل الأسباب الموجبة التي أوردها النائب سامي الجميل في معرض تفسير دوافع الاستقالة تشكل جزءاً يسيراً مما يشكو منه الرئيس تمام سلام شخصياً، وهو المقيم بل العالق، في عنق زجاجة حكومته التي تشبه كل شيء إلا.. مجلس الوزراء.

ومع ذلك، يبدو أن القرار السياسي، ببعديه الداخلي والخارجي، الذي أشرف على ولادة هذا الكائن الحكومي الهجين لا يزال ساري المفعول، وبالتالي فإن مجلس الوزراء سيبقى على الأرجح موصولاً بأجهزة التنفس الاصطناعي حتى إشعار آخر، ولن يتأثر باستقالة هذا أو ذاك، كما أكدت مصادر وزارية لـ «السفير».

بهذا المعنى، فإن بقاء الحكومة برغم الخطوة الكتائبية، يبقى بمعايير رعاة الاستقرار النسبي، أفضل من سقوطها غير المدروس والذي قد يشرّع الأبواب أمام المجهول، فيما هناك من يروج في المقابل لنظرية أخرى مفادها أن رحيل الحكومة، لو من دون بديل جاهز، سيُحدث صدمة من شأنها أن تختصر مراحل المراوحة وتدفع في اتجاه إطلاق دينامية جديدة، سواء عبر انتخاب رئيس الجمهورية أو إجراء انتخابات نيابية عاجلة.

ولئن كان يُتوقع أن تحتوي باقي مكونات الحكومة، استقالة وزيري «الكتائب»، إلا أن ذلك لا يعفي من طرح الأسئلة الآتية:

كيف ستتعايش الحكومة مع النزف المستمر في وزرائها المستقيلين تباعا، من اشرف ريفي إلى قزي وحكيم؟

كيف سيتعامل سلام مع الاستقالة التي تبلّغها إعلامياً فقط، ولم تسلك بعد طريقها القانونية؟

هل يمكن أن تشكّل الاستقالة الكتائبية صدمة ايجابية، تكسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها مجلس الوزراء منذ فترة طويلة أم أن الوقت سيطويها وكأنها لم تكن؟

هل ما حصل سيُقصّر العمر السياسي للحكومة وسيعجّل في إحالتها إلى التقاعد، أم أنها ستستمر بـ «يلي بقيوا» في انتظار التسوية الإقليمية ـ الداخلية؟

ما هي خطورة اهتزاز «الستاتيكو» الحكومي في ظل الشغور الرئاسي والشلل التشريعي واستهداف القطاع المصرفي ودقة الواقع الأمني المرشح لمزيد من الاختبارات؟

هل من شأن خلط الأوراق في السياسة والأمن أن يدفع في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي «على الحامي»؟

كيف ستنعكس الاستقالة على داخل مجلس الوزراء وموازين القوى فيه؟

هل سيزداد «التيار الوطني الحر» تشددا ليحمي نفسه من المزايدات على يمينه ويساره، والى أي حد سيؤدي غياب وزيري «الكتائب» إلى تحسين شروط الموقع التفاوضي لوزراء «التيار» الذين باتوا يشكلون الثقل الوازن للتمثيل المسيحي في الحكومة، في ظل غياب «الكتائب» و «القوات اللبنانية»، ما يعني أن أي استقالة لهم لاحقاً قد تؤدي إلى إصابة ميثاقيتها بجروح بالغة؟

في هذا السياق، قالت أوساط كتائبية مقرّبة من الجميل لـ «السفير» إن استقالة حكيم وقزي نهائية ولا تراجع عنها. وكشفت عن اتصالات أجرتها جهات سياسية عدة مع رئيس الحزب لثنيه عن قراره، لكنه أبلغها تصميمه على موقفه.

وسألت «السفير» رئيس الحكومة تمام سلام عن تعليقه على الاستقالة، فاكتفى بالقول: لا تعليق.

فضيحة الانترنت.. تابع!

على صعيد آخر، تعود لجنة الاتصالات والإعلام النيابية إلى الاجتماع ظهر اليوم لمتابعة البحث في ما آلت إليه التحقيقات في ملف الانترنت غير الشرعي، بحضور عدد من الوزراء، إضافة إلى القضاة المعنيين ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء بصبوص.

وعشية جلسة اللجنة، أكد الرئيس سلام لـ «السفير» أن التحقيق يجب أن يأخذ مداه للوصول إلى كل الحقيقة في فضيحة الانترنت، مشددا على انه لا توجد حصانات ولا حمايات لأحد، وكل مرتكب تثبت إدانته ينبغي أن يلقى الجزاء الذي يستحقه، لكن في الوقت ذاته من غير الجائز إصدار أحكام مسبقة، وعلينا جميعا ان نترك القضاء يعمل من دون ممارسة أي ضغوط او تأثيرات عليه.

ويكتسب اجتماع لجنة الإعلام، اليوم، أهمية استثنائية، بموضوعه المتشعب، من الانترنت غير الشرعي إلى التجسس الإسرائيلي مرورا بالتخابر الدولي غير الشرعي و «الغوغل كاش».

ووفق المسارات التي حددها القضاء، فإن التحقيقات في هذه القضية تتركز حول أربعة مسارات، أولها كيفية دخول معدات الانترنت غير الشرعية إلى لبنان عن طريق مرفأ بيروت ومطار بيروت الدولي، وهنا تبرز مسؤوليات الجمارك والجيش اللبناني ووزارة الاتصالات.

وثاني المسارات يتعلق بتركيب أبراج الاتصالات، وهنا تبرز بالدرجة الأولى مسؤولية المخافر المناطقية المعنية في قوى الأمن.

وثالث المسارات هو تسرب الانترنت غير الشرعي.

ورابع المسارات يتعلق باحتمال الخرق الإسرائيلي، خصوصاً بعد التثبت من أن بعض المعدات المستعملة إسرائيلية، فيما يجري التدقيق باستجرار الانترنت غير الشرعي من شركة في قبرص التركية تتعامل مع إسرائيل، علما أن مخابرات الجيش أكدت في تقريرها الأخير المقدم إلى القضاء انه لا يمكن الجزم بعدم وجود خرق إسرائيلي ولكن تفكيك المعدات ومحو «الداتا» من جهاز التخزين (server) يزيد الشبهات وأن المعدات أدخلت إلى لبنان عبر معابر شرعية لكن بمسميات مختلفة.

ومن المتوقع أن تكون شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي قد أنجزت تحقيقها حول هذه النقطة بالذات في ضوء الاستنابة التي كان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر قد رفعها إلى كل من الجيش وقوى الأمن الداخلي لإجراء تحقيقين مستقلين حول قضية التجسس، فبادر الجيش إلى تقديم تقريره للقاضي صقر، فيما لم تقدم شعبة المعلومات تقريرها حتى الأمس، علما أن مصادر أمنية واسعة الاطلاع أفادت «السفير» أن شبهة الخرق الإسرائيلي «باتت ثابتة إلى حد كبير وفق معطيات تحقيق شعبة المعلومات».

يذكر أن وزير الاتصالات بطرس حرب لم يرفع بعد إلى القضاء المختص ملف التخابر الدولي غير الشرعي، علماً انه كان قد أكد لمدعي عام التمييز القاضي سمير حمود خلال الجلسة السابقة للجنة الاتصالات انه سيحيله إليه.