السنيورة يشرح لبري مبادرة الحريري.. وفلتشر يحذر من خرق «داعشي»
نصرالله لعون: أنت مرشح قناعتنا.. وليس الوفاء
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع والسبعين بعد المئة على التوالي.
ويسجَّل للبنانيين أنهم تعايشوا في السنوات الأخيرة مع صنوف الفراغ، رئاسة وحكومة ومجلساً نيابياً ومواقع إدارية، وهم تعايشوا مع ظواهر شاذة كثيرة، أبرزها تلك المتصلة بأكلهم وشربهم وصحتهم، في انتظار مَن يحاول كسر تلك الحلقة المفرغة.
وإذا كان «البطل الرئاسي» لا يزال مفقوداً حتى الآن، فإن قيمة مبادرة وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى خوض مواجهة مفتوحة مع منظومة مافيات الفساد الغذائي، التي عمر بعضها من عمر «الكيان»، أنها «تعطي اللبنانيين أملاً بإمكان فتح نوافذ إصلاحية تكسر السواد المحيط بهم من كل مكان»، على حد تعبير النائب وليد جنبلاط، مؤكداً لـ«السفير» أنه سيُمضي في هذه «الفرصة» حتى النهاية، وأعلن دعمه لكل من يواجه المافيات المعشعشة بقوة في مفاصل النظام كلها.
ومع إعلان أبو فاعور، أمس، عن لائحة جديدة تتضمن أسماء المؤسسات التي تحتوي على أطعمة فاسدة في بعبدا وكسروان، وذلك في سياق حملة سلامة الغذاء، ظل الرأي العام اللبناني مشدوداً إلى هذا الملف، من زاوية أنه فُتح بشكل مفاجئ، في ظل تضارب «المنازل والمصالح الوزارية» في التعامل معه، وكذلك من زاوية انعدام الثقة بدور الدولة ومؤسساتها، وبالقدرة على الاستمرار في حملات كهذه في ضوء التجارب السابقة.
وكشف أبو فاعور لـ«السفير» أنه سيفتح الأسبوع المقبل ملف المياه، سواء الشركات غير المرخصة وصولاً إلى إقفالها كلها، أو تلك المرخصة التي لا تلتزم بالمواصفات.
وقال إنه سيحول اليوم ملف المؤسسات التي تحتوي أطعمة فاسدة إلى النيابة العامة التي ستبادر إلى فتح ملفات قضائية تمهيداً لملاحقة المخالفين، وأشار إلى أن المراقبين الصحيين في وزارة الصحة عندهم صفة الضابطة العدلية ولن تتوقف جولاتهم على المؤسسات.
ووصف أبو فاعور مواقف القوى السياسية بأنها «كلها داعمة من دون استثناء»، وأوضح أن جنبلاط كان مصراً على الإطلاع على التقارير المخبرية قبل الإعلان عنها في كل مرحلة، وأنه تبلغ منه أنه سيمضي قدماً في مشروع قانون سلامة الغذاء حتى إقراره في مجلس النواب، وأن الرئيس نبيه بري أعطى اشارات إيجابية في الاتجاه نفسه (ص 5).
«حزب الله» في الرابية
سياسياً، وبعد ساعات قليلة على مبادرة «التيار الوطني الحر» الى تقديم طعن بقانون التمديد للمجلس النيابي، أمام المجلس الدستوري، معطوفاً على تمنيات بأن المطلوب من المجلس «قرار لا نصاب»، كان وفد قيادي من «حزب الله» يضمّ المعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا يزور الرابية وينقل الى العماد ميشال عون تحيات السيد حسن نصرالله وتقديره لكل حرف من حروف مواقفه الأخيرة عبر «السفير»، والتي قال فيها إننا انتقلنا من مرحلة التفاهم الى «التكامل الوجودي».
ونقل الخليل عن السيد نصرالله تقديره للمواقف الوطنية الجريئة للعماد عون، وقال له: «دع الوفاء جانباً يا جنرال، نحن وبغضّ النظر عن كونك حليفنا، قناعتنا كانت وما زالت أنك ومن موقعك كزعيم مسيحي وطني وعربي كبير، أنت الأكثر مقبولية لكي تتبوأ موقع رئاسة الجمهورية.. وما يسري على باقي الطوائف يسري على المسيحيين».
ورد عون شاكراً الحزب والسيد نصرالله، وقال إنه أراد من خلال مواقفه الأخيرة إعادة إفهام العالم طبيعة العلاقة التحالفية الراسخة بينه وبين «حزب الله»، وعرض موقفه من التمديد والملفات السياسية المطروحة.
وكان لافتاً للانتباه أن «حزب الله» وعلى عكس زياراته الدورية الى الرابية، تعمد الإعلان مسبقاً عن زيارة الأمس، وعن موقف سيعلنه بعدها، وبالفعل خرج حسين الخليل للقول «إنّنا أصبحنا والتيار الوطني الحرّ كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعت له سائر الأعضاء بالسّهر والحمّى»، واعتبر «أنّ الخلاف على التمديد (مع «التيار») هو من الصغائر العابرة التي تمرّ مرور الكرام».
وردّ الخليل على تأويلات «14 آذار» لمواقف السيّد نصرالله في الليلة الأخيرة من عاشوراء، بالقول إن عون «حيثيّة كبيرة على مستوى الزعامة الوطنية، وشخصيّة تتميّز بقرارها الحرّ، البعيد كلّ البعد عن أيّ أجندات خارجيّة، وتتميّز أيضاً بالزعامة المسيحية، فهو رئيس أكبر كتلة مسيحيّة ويكاد يكون الزعيم الأوحد للمسيحيين في لبنان وفي منطقة الشرق الأوسط. إذاً، من الطبيعي أن يتمّ التوافق على رجل كالعماد عون ليتبوّأ كرسيّ رئاسة الجمهوريّة. هذه قناعة لا يمكن أن نبدّلها أو أن نغيّر فيها من الآن وحتّى إشعارٍ آخر».
وأكد أن «حزب الله» ردّ على مبادرة «المستقبل» بسياسة اليد الممدودة من دون شروط. وقال: «هناك جهود تُبذل من بعض الحلفاء (نبيه بري) والأصدقاء (وليد جنبلاط) وهم مشكورون على ذلك، ونحن نأمل خيراً ولا زالت يدنا ممدودة».
ورداً على سؤال لـ«السفير» قال حسين الخليل إن ميشال عون «هو مرشحنا حتى ينقطع النفس.. والتزامنا معه غير مشروط ولا محدد بزمن وهذه قناعتنا وليست مجرد عبارات تطلق على عواهنها» (ص 3).
السنيورة والحريري في عين التينة
وقالت أوساط في «تيار المستقبل» لـ«السفير» إن رئيس «كتلة المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة زار، يرافقه نادر الحريري (مدير مكتب الرئيس سعد الحريري) قبل أيام قليلة، الرئيس نبيه بري واجتمعا به بحضور معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل، وتم الخوض في موضوع الاحتمالات التي ستواجه الطعن بالتمديد، فضلاً عن مجريات الاستحقاق الرئاسي وتطوير المبادرة الحوارية التي أطلقها الحريري.
وأشارت الأوساط نفسها إلى أن المبادرة قائمة، ويجري البحث عن كيفية تأطيرها وجدول أعمال أي حوار سياسي، وقالت إن «الإشارات الإيجابية» التي تحدث عنها الرئيس بري جدية، ولو أن معظمها أتى من خارج لبنان، وجددت القول إن الدعوة للحوار «لم تكن مشروطة بل على أساس أن يكون التفاهم على مرشح رئاسي توافقي ركيزة من أجل وضع حد للفراغ الرئاسي وإعادة تفعيل جميع المؤسسات».
وكان لافتاً للانتباه تزامن «الإشارات الإيجابية» التي أشار اليها بري، مع بيان مجلس الأمن الدولي، ثم دعوة السفير الأميركي دايفيد هيل، «البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن بموجب الدستور والميثاق الوطني»، مبدياً قلق بلاده من استمرار شلل المؤسسات السياسية اللبنانية، مؤكداً بعد لقائه البطريرك بشارة الراعي، أمس، أن «قرار انتخاب الرئيس يعود إلى اللبنانيين أنفسهم وعليهم أن يأخذوا هذا القرار».
وقال السفير البريطاني في لبنان طوم فلتشر في مقابلة مع «السفير» إن أية إشارات في اتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة الحالية «مرحّب بها، وإذا تمعنّا بتصريحات بعض الزعماء السياسيين اللبنانيين نرصد بعض الأصوات المشجّعة من الجهتين، بما فيها خلال أيام عاشوراء (خطاب السيد نصرالله)، ما يعني بأنّ الناس مستعدّة للحوار». وأبدى رداً على سؤال قلقه «من أن تخترق داعش الحدود اللبنانية أكثر من أيّ مكان آخر» (تفاصيل المقابلة ص 2).
جعجع: الطعن خطوة فولكلورية
من جهته، أكد رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أن موضوع التمديد النيابي لم يطرح خلال زيارته الى السعودية، مشيراً الى أن الرئيس الحريري طلب منه السير بالتمديد مرات عدة ورفض، «إلا أن المجهول الذي كنا سندخل فيه دفعنا إلى السير به».
وقال جعجع، في حديث لبرنامج «كلام الناس» مع الزميل مرسال غانم «لو كان السيد نصرالله جدياً في ما أعلنه بدعم عون ننزل جميعاً لانتخاب رئيس بـ19 الجاري ونهنئ جميعنا الفائز»، أضاف «إن كان سحب ترشيحي يؤدي لحصول انتخابات رئاسية أقوم بذلك الآن، لكن الواقع ليس كذلك». ورأى أن «طعن التيار الحر امام المجلس الدستوري خطوة فولكلورية». واعتبر أن «الوصول الى الفوضى لا يعني الوصول الى مؤتمر تأسيسي ولست مغرماً باتفاق الطائف، ولكنه الأفضل بين أيدينا».
واعترف جعجع أنه «أخطأ» بالتعبير حيال «داعش» «عندما وصفتها بالكذبة الكبيرة»، وقال إنها «انتشرت كل هذا الانتشار لأن أحداً لم يواجهها».