«السفير» تجمع «بلوكات» مجلس الوزراء
«التفاهم النفطي» أمام الحكومة: غاز.. وألغاز!
عماد مرمل
أواخر 2017: إسرائيل تستخرج نفط لبنان؟
.. أما وأن الاتفاق النفطي بين عين التينة والرابية وُلد في أعقاب آلام المخاض، فإن اختبار مفاعيله العملية ينتظر «لمّ شمل» مجلس الوزراء بعد عيد الفطر المبارك، حيث يُفترض أن يقود الرئيس تمام سلام عملية الحفر في «آبار» الحكومة، بهدف استخراج «الوقود السياسي» الكفيل بإدارة محركات الحلم النفطي.
وبهذا المعنى، فإن مجلس الوزراء سيكون أمام محك إقرار مرسومَي النفط اللذين سيفتحان الطريق أمام إطلاق آلية المزايدة واستدراج العروض، إضافة إلى إقرار مشروع قانون الضرائب، على أن التحدي الأكبر يبقى متمثلا في حماية الطاقة الكامنة من تجاذبات أهل البّر، بحيث لا تتحول من ثروة مسيّلة للغاز إلى… مسيّلة للدموع.
وفي حين تفاوتت المواقف من «ورقة التفاهم» النفطية بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون ممثلا بالوزير جبران باسيل، فإنه يمكن القول إن التفاهم تمحور، وفق المعنيين به، حول العناصر الآتية:
حماية مصالح لبنان وحقوقه النفطية عند الحدود البحرية مع إسرائيل بالدرجة الأولى، وقبرص وسوريا.
تحقيق الاستفادة القصوى للبنان من ثروته الطبيعية، عبر ضمان أحسن الشروط للدولة، عن طريق تعزيز المنافسة بين الشركات.
تأمين شروط نجاح المزايدة من خلال إيجاد بيئة جاذبة للشركات والاستثمارات.
تثبيت حضور البلوكات الجنوبية (8 و9 و10) في أي «معادلة تلزيم».
وفي انتظار أن تلتئم الحكومة بعد العيد، جمعت «السفير» – عبر صفحاتها ـ مكونات مجلس الوزراء، لاستطلاع آرائها في أعقاب اتفاق عين التينة، فكانت هذه الحصيلة:
بري
يؤكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن المسار النفطي انطلق في الاتجاه الصحيح، ويُفترض أن يمر تباعا في اللجنة الوزارية ومجلس الوزراء ثم مجلس النواب، وبعدها يصح القول إن الفول أو النفط صار في المكيول.
ويستهجن بري الكلام حول أن الاتفاق النفطي الذي تم «بيننا وبين «التيار الوطني الحر»، يختزل القوى الأخرى في الحكومة أو يتجاوزها»، لافتا الانتباه إلى أن اللقاء مع «التيار» عبر الوزير جبران باسيل تم أصلا بناء على طلب الرئيس تمام سلام الذي كان قد اشترط، على طاولة الحوار وخارجها، حصول تفاهم سياسي قبل عرض المرسومَين الشهيرين المتعلقين بالموضوع على مجلس الوزراء.
ويشدد على أن الاتفاق لا يلغي دور المؤسسات الدستورية كما يتوهم البعض، بل يسهله، مؤكدا أهمية عرض البلوكات، خصوصا تلك الجنوبية، حتى نتمكن من تكريس حقنا ونقطع الطريق على محاولات إسرائيل سرقة ثروتنا وقضم مساحة 850 كلم مربع من مياهنا البحرية، ثبت أنها غنية بالمكامن الغازية، وبعد ذلك ليس مهما أن يبدأ التلزيم العملي.
السنيورة
وأبلغ رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة «السفير» أن «المستقبل» سيكون إيجابيا على طاولة مجلس الوزراء حيال مرسومي النفط ومشروع قانون الضرائب.
ويلفت السنيورة الانتباه إلى أن الثابتة الأساسية بالنسبة إلينا هي طرح البلوكات العشرة ثم الموافقة على تلزيم واحد أو إثنين أو ثلاثة كحد أقصى. وينبه إلى أن من الحكمة التدرج في التلزيم حتى نكون قد اكتسبنا الخبرة اللازمة واختبرنا السوق وكيّفنا عملية الطرح المستقبلية مع حصيلة النتائج الأولية، آملا في أن تكون روحية الاتفاق بين الرئيس بري والتيار الحر قد راعت هذا الاعتبار الحيوي.
وفي ما يتعلق بالحدود البحرية الجنوبية، يدعو السنيورة إلى عدم تضخيم خطر التهديد الإسرائيلي للمكامن النفطية والغازية العائدة للبنان، معتبرا أنه لو كانت إسرائيل هي التي تتولى استخراج النفط لكان القلق من أطماعها مشروعا لأنها عدوة، لكن الأمر مختلف هنا، لأن الشركات الدولية هي المكلفة من تل أبيب باستخراج الطاقة، وهذه الشركات لن تتجرأ على العمل في أي منطقة بحرية متنازع عليها، ويكفي أن تُرفع دعوى قضائية واحدة على أي منها حتى يتوقف عملها فورا، «أما لو كانت إسرائيل تستخرج مباشرة لكانت بتعملها (السرقة) وبتعمل بيّها…».
ويكشف عن أنه شجع الرئيس سلام على ضم لبنان إلى معاهدة «المؤسسة الدولية للشفافية في أعمال استخراج النفط»، كي نحمي ثروتنا الطبيعية من أي شكل من أشكال التلاعب والفساد.
جنبلاط
ويعتبر النائب وليد جنبلاط في كلامه لـ «السفير» أن الاتفاق النفطي بين بري وعون مفيد، وهو أفرج سياسيا عن الملف، وهذا لا ينفي أن مجلس الوزراء كله معني بهذه القضية.
ويلفت جنبلاط الانتباه إلى أن الثروة النفطية ملك عام برسم الأجيال، والأرقام التقريبية تدفع إلى أن نعلق آمالا كبرى عليها، لا سيما لجهة إيفاء الدين العام، ما يستوجب حمايتها من خطر الفساد الداخلي، موضحا أن هناك ثغرات قانونية تناولها الخبير نقولا سركيس في دراسته المنشورة في «السفير» يجب أخذها بعين الاعتبار، حتى نحصن هذه الثروة، وأنا أعلم أن الرئيس بري حريص على ذلك.
باسيل
وفيما كان الوزير جبران باسيل يهم بالصعود إلى الطائرة متوجها إلى فرنسا، أكد لـ «السفير» أن تفاهم عين التينة كان يجب أن يحصل منذ وقت طويل، معتبرا أنه ستكون له مفاعيل إيجابية على لبنان والثروة النفطية، وكذلك على العلاقة الثنائية بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، وأنا مسرور للتطور الذي طرأ على هذه العلاقة.
ويتفق باسيل مع بري في شرح حيثيات الاتفاق، لافتا الانتباه إلى أن الرئيس سلام أبلغنا أنه لا يقبل عرض مرسومي النفط إلا بعدما نتفق نحن و «أمل»، خصوصا أن التباين الأساسي كان موجودا بيننا تحديدا، بينما الأطراف الأخرى لم تكن لديها مشكلة معلنة، مؤكدا عدم وجود أي نية لاختزال مجلس الوزراء الذي سيأخذ دوره الطبيعي.
ويشدد باسيل على أن أهمية التوافق النفطي الذي جرى مع بري يكمن في أنه يضمن حصول مزايدة شفافة وناجحة، بينما لم يكن هذان الشرطان متوافرين في السابق.
فنيش
ويقول الوزير محمد فنيش لـ «السفير» أن اتفاق عين التينة النفطي، الذي سعينا إليه أكثر من مرة، هو تطور إيجابي يريح لبنان ويشكل خطوة متقدمة على طريق الاستفادة من ثروتنا الطبيعية.
ويتابع: لقد تأخرنا بما فيه الكفاية، ومع ذلك أن تصل متأخرا أفضل من ألا تصل أبدا، ومن المهم أن نحاول الآن تعويض الوقت الضائع والدفع في اتجاه إطلاق دينامية الاستفادة من ثروتنا النفطية في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يعاني منها لبنان، وصولا إلى قطع الطريق على العدو الإسرائيلي الذي يسعى باستمرار إلى سرقة مواردنا الطبيعية.
ويشير إلى وجود إمكانية للبناء على التفاهم النفطي لتحقيق تقارب سياسي بين الرئيس بري والعماد عون، مع بعض الجهد الإضافي، لاسيما أن الخيارات الإستراتيجية تجمعهما.
نظاريان
ورحب وزير الطاقة والمياه أرثيور نظريان بـ «الاتفاق الحاصل في موضوع التنقيب عن النفط بين «التيار الحر» و «أمل»، والذي طوى الاختلاف في وجهات النظر حول إستراتيجية التلزيم في البلوكات البحرية، ما من شأنه تسريع إقرار المرسومين المتبقيين في مجلس الوزراء، متمنيا على جميع الأطراف في مجلس الوزراء «الإسهام في تسريع إقرار المراسيم وصولا إلى الانتهاء من دورة التراخيص والمباشرة في أعمال الاستكشاف والإنتاج».
درباس
أما الوزير رشيد درباس (كتلة سلام) فيقول لـ «السفير» مبتسما: لم أعرف لماذا اختلفوا سابقا ولماذا اتفقوا الآن.. ولكن يبدو أن السلة تحولت إلى برميل. ويشير إلى أنه على العموم متفائل بمسار الملف النفطي استنادا إلى المؤشرات المتجمعة، والمهم أن تكون هناك مواكبة وطنية له بغية تحصينه في مواجهة التحديات والمخاطر التي قد تعترضه. ويضيف: لقد اكتشفت من خلال عملي في الوزارة أن الرئيس بري مصاب بـ «أمل» لا شفاء منه، ولذلك يبتكر المساحات والساحات للتوافق.
وعلى طريقته، يستطرد درباس قائلا: لعل «حركة أمل» و «التيارالحر» يعثران، وهما يحفران تنقيبا عن النفط، على رئيس للجمهورية.
حرب
ويشدد الوزير بطرس حرب على ضرورة التقيد بالأصول الدستورية والقانونية في اتخاذ القرارات الكبرى، قائلا لـ «السفير»: إن أي اتفاق ثنائي أو أكثر لا يستطيع أن يختزل هذه الآلية، فكيف إذا كان يتعلق بالنفط والغاز.
ويستغرب حرب تغييب وزير الطاقة آرثيور نظاريان عن التفاهم بين عين التينة والرابية، معتبرا أن هذا الاستبعاد يؤشر إلى تجاوز للقواعد المفترضة. ويوضح أنه سيحدد موقفه النهائي تبعا لما سيُطرح علينا في مجلس الوزراء، فإذا تبين لنا أن هناك استجابة لشروط المصلحة العليا للدولة وأن الثروة النفطية لن تخضع للمحاصصة التقليدية سنكون مرحبين، أما في حال جرى تغليب مصالح القوى النافذة على الاعتبارات الوطنية فسنتصدى لذلك. ويتابع: من حيث المبدأ، يبدو اتفاق أمل ــ التيار غير سليم في الشكل والمضمون، لكننا سننتظر اتضاح صورته، مع تمنياتنا بأن يكون مطابقا للمواصفات حتى نشجعه.
حناوي
أما الوزير عبد المطلب حناوي (كتلة الرئيس ميشال سليمان) فنصح بأن يجري تلزيم البلوكات العشرة بالتدريج وليس دفعة واحدة، حتى تستطيع تأمين الإدارة واليد العاملة وعوامل أخرى كالإحاطة شيئا فشيئا بهذا القطاع الجديد، داعيا إلى أن نتعلم في هذا المجال من أخطاء غيرنا، وتحديدا من هولندا التي كانت قد لجأت إلى التلزيم الشامل لكل بلوكاتها النفطية دفعة واحدة، ما رتب خسائر على اقتصادها الوطني.
ورأى أن الموقف من تفاهم بري – باسيل يتحدد تبعا لطبيعة مضمونه ومردوده، ونحن سنرحب به طبعا إن تبين أنه يصب في خانة تعزيز الاقتصاد اللبناني، مشيرا إلى أن القرار النهائي سيتخذ بعد درس الملف والاطلاع على جميع تفاصيله في مجلس الوزراء.
قزي
ويقول الوزير سجعان قزي لـ «السفير» إنه إذا كان الاتفاق بين الرئيس بري و «التيار الحر» هو جزء من اتفاق وطني شامل فلا مشكلة لدينا معه، أما إذا كان يختزن صفقة ثنائية فسيكون لنا الموقف المناسب حين يُعرض الأمر على طاولة مجلس الوزراء.
ويؤكد أن الثروة النفطية ليست إرثا لأي طرف كي يصار إلى إجراء حصر إرث ثنائي في شأنها، والشكل الذي أعلن من خلاله عن الاتفاق يوحي وكأن هناك من يقول «الأمر لنا»، وما على السامعين سوى التنفيذ.
ويوضح أنه في حال عدم إدراج الملف النفطي على جدول أعمال الجلسة الحكومية المقبلة، فأنا سأطلب مناقشته من خارج جدول الأعمال، حتى لا يكون مجلس الوزراء «الزوج المخدوع»، مضيفا: في كل الحالات، لعله من الأفضل أن تنتقل الخلافات من البر إلى البحر، لأن أضرارها على اللبنانيين تصبح أقل، ولا بأس في أن يتبادل السياسيون الرسائل من تحت الماء، عملا بقصيدة الشاعر نزار قباني: رسالة من تحت الماء.
عريجي
وزير «تيار المردة» روني عريجي أبلغ «السفير» أنه ينتظر ما سيُعرض في مجلس الوزراء حول الشأن النفطي، حتى نتخذ الموقف المناسب. ويتابع: نحن الآن أمام قضية إستراتيجية لا تحتمل أي مسايرة، بل يجب التعاطي معها بمهنية وحرفية ومسؤولية وشفافية.
ويشدد على أن الثروة النفطية والغازية ليست ملكا لفرد أو طائفة أو حزب، وبالتالي فإن كل وزير منا هو أمام مسؤولية تاريخية، ونحن من جهتنا سنكون حريصين على التثبت من أنه سيتم احترام الأصول والقواعد التي ينبغي اتباعها في مقاربة ملف وطني بامتياز من هذا النوع.
ويؤكد أن «المردة» سيكون إيجابيا ومتجاوبا، بقدر تناغم ما سيُعرض على مجلس الوزراء مع المعايير العلمية، إذ إننا لا نتعاطى كيديا مع المسائل الوطنية، ولا نخلط الأمور بعضها ببعض.