أمر عمليات يحرّك «داعش».. و«لامركزية تنفيذية»!
«الفطر» يقاوم التهديدات: «الأمن الاستباقي» مستنفر
يحتفل لبنان والعالمان العربي والإسلامي بعيد الفطر، اليوم، على وقع تفجيرات إرهابية، عابرة للحدود، باتت تهدّد الأمن العالمي، وليس هذه الدولة أو تلك حصراً.
وإذا كان البعض في لبنان والإقليم لا يزال يحاول استثمار مفاعيل الإرهاب في صراع المحاور وفي لعبة عضّ الأصابع، لتحسين شروط المواجهة والتسوية، فإن تدحرج العمليات الانتحارية في كل اتجاه، أتى ليثبت أن أي محاولة لاستخدام أو توظيف «ثور الإرهاب» الفالت، من ضمن حسابات ومصالح سياسية ضيقة، إنما هي مغامرة تفيض بالمخاطر وتعكس قصوراً في استشراف التحديات وتحديد طبيعتها وأسبابها.
فرنسا، بلجيكا، بنغلادش، نيجيريا، مالي، تركيا، أفغانستان، العراق، سوريا، السعودية، الكويت، اليمن، الاردن، مصر، تونس، الجزائر، ولبنان.. كلها وغيرها، أصبحت في مرمى الإرهاب الذي ثبت أنه لا يميز بين جنسيات ضحاياه ولا بين اتجاهات الدول المستهدفة، بما فيها تلك التي تجد له تبريرات أحياناً، أو حتى تقدم له الدعم المخابراتي والمالي بشكل او بآخر، من باب «النكد السياسي» او الحقد على الخصوم.
ويبدو واضحاً، وفق معطيات العارفين واستنتاجاتهم، أن «أمر عمليات» موحّد صدر بتصعيد الهجمات الإرهابية وتوسيع نطاقها الجغرافي، حيث تتولى مجموعات تنظيم «داعش» ترجمته تباعاً، على قاعدة اللامركزية التنفيذية العسكرية، أي تبعاً لما تراه كل مجموعة مناسباً ضمن الساحة التي تنشط فيها.
وفي لبنان تحديداً، لا يزال هناك من يصرّ على تحجيم خطورة التهديد التكفيري، متعمداً مقاربته انطلاقاً من حسابات الزواريب ولعبة تسجيل النقاط، الأمر الذي من شأنه تضييق زاوية النظر وأفق المعالجة.
وبينما كان يفترض ان تشكل «صدمة القاع» فرصة لمراجعة وطنية شاملة، تعيد ترتيب الأولويات وتشذيب الأدبيات، على قياس هذه المرحلة المفصلية، استمر البعض في «الحرتقة» الداخلية التقليدية وصولاً الى محاولة تجهيل الفاعل او استبداله، وفقا لمعايير المصلحة الضيقة.
ولئن كان خصوم «حزب الله» يستسهلون في كل مرة اتهامه باستدراج الإرهاب الى لبنان نتيجة تدخله العسكري في سوريا، فإن أوساطاً حليفة له تساءلت في اعقاب الهجمات الانتحارية: «هل المطلوب من لبنان وباقي عواصم المنطقة دفع أثمان أكبر حتى تترسخ القناعة بأن الإرهاب التكفيري يعتمد عقيدة الغاء الآخر، ايا كان هذا الآخر»؟
وفيما تستمر الخصومات والنكايات السياسية بالتأثير المباشر على مواقف العديد من الأطراف الداخلية وخياراتها، من دون مراعاة حساسية اللحظة، تواصل قوى الجيش والأجهزة الأمنية بذل أقصى الجهود لتحصين الوضع الأمني وتفعيل الإجراءات الوقائية، قدر الإمكان، خلال فترة عطلة العيد.
وفي هذا السياق، أبلغت مصادر أمنية واسعة الاطلاع «السفير» أن ثمة تهديدات جدّية قيد الرصد والمتابعة، لافتة الانتباه الى أن التدابير الاحترازية التي كانت متخذة خلال شهر رمضان ستستمر في أيام العيد، وبعده، ومن دون أي استرخاء.
وأكدت المصادر أن عيون الجيش والأجهزة الأمنية مفتوحة بالكامل لمنع الإرهابيين من التشويش على العيد، موضحة أن هناك معطيات حول إمكانية تنفيذ اعتداءات في مناطق معينة يجري التحقيق فيها وتتبعها بدقة، على قاعدة الأمن الوقائي، بغية تعطيل اي سيناريو ارهابي محتمل، قبل الشروع في تنفيذه.
وأشارت المصادر الى ان الصعوبة التي تواجه عمل القوى العسكرية والأمنية تكمن في ان المواجهة تتم مع عدو يعتمد «اللامنطق» إستراتيجية له، كما يتبين من طبيعة العمليات الانتحارية التي نفذها في أكثر من مكان، وبالتالي لا يمكن توقع أفعاله استنادا الى نمط السلوكيات المعتادة او المفترضة لمحترفي الإجرام.
وفي سياق متصل، علمت «السفير» أن «حزب الله» يتخذ في مناطق انتشاره، وخصوصا في الضاحية الجنوبية ومناطق البقاع الشمالي، اجراءات أمنية احترازية مشددة، بعضها ظاهر وبعضها الآخر خفي، كما عزز التنسيق مع الأجهزة المعنية في الدولة، للحؤول دون أي اختراق قد تسعى المجموعات الإرهابية لتنفيذه في فترة عيد الفطر الذي يُخشى ان يجد فيه التكفيريون، فرصة للإيغال في ظلاميتهم.
ولوحظ أن الإجراءات الرسمية باتت مشددة في محيط مطار بيروت، كما في محيط معظم مراكز العبادة وبعض المراكز والمؤسسات الحساسة في العاصمة والضواحي.