IMLebanon

هل سقط «التفاهم النفطي»؟

سلام مستاء.. ولن يدعو إلى جلسة وزارية

هل سقط «التفاهم النفطي»؟

ايلي الفرزلي

هدأت العاصفة النفطية. لا المرسومان وصلا إلى مجلس الوزراء، ولا اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفط دعيت للاجتماع، ولا مجلس النواب سيتحرك على جبهة النفط البري قريبا.

هل كان التفاؤل الذي نجم عن لقاء الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل مجرد زوبعة في فنجان؟

بعد أسبوعين على اللقاء، الذي تردد أنه فتح كوة في جدار تجميد الملف المستمر منذ ثلاث سنوات، لا شيء يتقدم، بل على العكس، ثمة خشية فعلية من أن تكون الأمور قد عادت إلى نقطة الصفر. هذه الخشية بدأت تتعزز في ضوء ما يحكى عن تراجع أحد طرفي «التفاهم النفطي» عن مضمون الاتفاق، فضلا عن عدم حماسة بعض «تيار المستقبل» لعرض أي «بلوك» حدودي خلافي، علماً أن هذا الموقف المستجد إذا تأكد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر.

ولعل التحفظ الشديد من قبل رئاسة الحكومة ينذر أيضا بأن ثمة قطبة مخفية تعيق التقدم. رئيس الحكومة ظل متسلحاً بالصمت إلى أن قرر أمس وضع النقاط على الحروف، بعدما كان سابقاً يؤكد أنه لن يتكلم إلا عندما يحين الوقت.

وإذا كانت التسريبات السابقة تشي أن سلام كان مستاءً من الشكل الذي جرى فيه الاتفاق بين بري وباسيل، فإن هذا الاستياء من «الطريقة غير المثالية» التي تم التوافق فيها على الموضوع، أكده بنفسه، أمس، لـ«السفير»، فوضع بذلك حداً للانتظار، قائلاً: موقفي صريح وواضح، هذا ملف وطني وتقني بامتياز، يجب إبعاده عن المزايدات والمواقف السياسية، لأننا نخوض غمار تجربة كبيرة وفيها تحدٍ كبير للوطن ولمستقبله.

أضاف: هذه ثروة طبيعية وطنية تحتاج قدرة وجهوزية عالية فنياً وتقنياً وإدارياً ومالياً لخوضها بخطى ثابتة، وبرؤية واضحة وليست مجتزأة، فالأمر ليس إقرار جزء اليوم وترك الباقي، المهم أن نعرف الى اين نمضي بالموضوع كله.

وأعلن سلام أنه لن يدعو اللجنة الوزارية المعنية بملف النفط قبل انضاج الملف ومقاربته بشكل واضح وشفاف واستكمال كل مستلزماته، وفي ذلك انتقاد مبطن لدور «هيئة ادارة القطاع»!

مصادر معنية تذكّر أن سلام سبق وقال عندما كان يُطالَب بعرض الموضوع على طاولة مجلس الوزراء: «فليتفق الأفرقاء قبلاً». اليوم، وبعدما اتفق الطرفان اللذان كانا الأكثر خلافاً في الملف، فإن شرط سلام يكون قد تحقق، لكن ذلك لا يكفي، على ما بدا واضحاً، لسببين، أولهما في الشكل، ويتعلق بعدم إطلاعه رسمياً على الاتفاق الذي تم بل قرأه في الصحف، وعليه فهو عندما يبلّغ بالاتفاق رسمياً يقرر ماذا يفعل. والثاني، في المضمون، ويتعلق بحاجته إلى الوقت لدراسة الملف جيداً قبل الإقدام على أي خطوة، انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقه، خصوصا أن المراسيم التي ستصدر ستحدد وجهة لبنان النفطية لعشرات السنين، وبالتالي يفترض برئيس الحكومة أن يكون مطلعاً على دقائقه. وهو لذلك أعلن أنه يحاول استكمال كل المعطيات، خصوصا أنه لا يتعلق حصراً بمسألة إقرار «البلوكات». وقال ردا على سؤال لـ«السفير»: «هذا ملف وطني وتقني بامتياز، يجب إبعاده عن المزايدات والمواقف السياسية، لاننا نخوض غمار تجربة كبيرة وفيها تحدٍ كبير للوطن ولمستقبله، واذا لم نؤسسه على قواعد واضحة ومتينة وبعيدة المدى قد لا ينجح في السنوات المقبلة».

لا شيء يضيفه وزير الطاقة أرثيور نظريان إلى المعلومات المتداولة. بالنسبة له، فقد قام بواجبه وجال على المعنيين وأطلعهم على التطورات المتعلقة بتثبيت الاكتشافات النفطية في البلوكات الجنوبية الحدودية. أما بشأن سبب عدم الدعوة إلى اجتماع حكومي، فيقول وزير الطاقة لـ «السفير» إن لا معلومات لديه بشأن أسباب التأخير، مشيراً إلى أنه ربما يكون للرئيس سلام بعض المعطيات التي تؤخر الأمر أو ربما يحتاج إلى مزيد من التشاور قبل ذلك.

من جهته، لا يزال رئيس لجنة الأشغال والطاقة النيابية النائب محمد قباني يحافظ على تفاؤله. يقول بلهجة حاسمة: لم يتعطل الموضوع، والاتفاق على المبدأ هو الأهم.. وقد أنجز، لكن بعض التفاصيل لا تزال تحتاج إلى المزيد من النقاش، خصوصا أن ثمة وجهات نظر مختلفة حول الشركة الوطنية وتوقيت إنشائها ودورها أو حول العلاقة المالية مع الشركات (نسبة الأتاوة والمشاركة في الأرباح أو في الانتاج..).

وبالتوازي، ومع إنضاج الظروف السياسية والتقنية التي تسمح بوضع التنقيب بالبحر على السكة الطويلة، يستمر قباني في تحضير اقتراح قانون التنقيب في البر. وهو أبلغ «السفير» أنه يحتاج إلى أسبوع إضافي لتقديمه إلى دوائر المجلس النيابي، آملاً أن لا يتأخر في سلوك طريقه إلى الإقرار، خاصة أن التنقيب في البر يسمح للبنان بالبدء بالاستفادة من ثروته النفطية بشكل أسرع (تقنيا وزمنيا) بالمقارنة مع البحر.

في هذا الوقت، علمت «السفير» أن شركات نفطية كبرى استعادت حركة تواصلها مع المعنيين في لبنان، فيما تستكمل هيئة البترول تحضيراتها لمواكبة التطورات التقنية التي ستبدأ منذ لحظة إقرار المرسومين. وأكد مصدر في الهيئة لـ «السفير» أنها تتحمل مسؤولياتها كاملة في هذا المجال، ولا تزال تميل إلى إقرار المرسومين كما هما، وقال: «من لا يثق بنا.. فليُبادر الى إقالتنا»، واضاف: «لن نرضى أن يتم التعامل معنا كما تم التعامل مع وزارة البيئة في ملف النفايات».

ورداً على الانتقادات التي تتعرض لها الهيئة على خلفية اتفاقية الاستكشاف والانتاج وما تتضمنه من نسب تتعلق بالأتاوات أو نسبة الأرباح، يدعو المصدر إلى عدم التسرع في تعديل مقترح الهيئة، لأنه يحافظ على التوازن الدقيق بين حماية حقوق لبنان وتحفيز الشركات الكبرى على العمل والحفاظ على الحقول الصغيرة والمتوسطة. كما يوضح أن النظر إلى الأتاوة (4 في المئة) من دون النظر إلى إجمالي حصة الدولة منذ بدء الانتاج يبقى ناقصاً، لأن الأرباح اللاحقة ترفع عملياً الأتاوة إلى أكثر من 12 في المئة.

أما بالنسبة للشركة الوطنية، فيوضح المصدر أن إنشاءها أمر متفق عليه من الجميع، لكن الهيئة لا تزال ترى أنه من الأنسب أن تُنشأ بعد مرحلة الاستكشاف، حيث تكون الاكتشافات مثبتة.