لائحة تصفيات.. والبلدية تناشد الجيش الإمساك بالأمن
الأمر لمن في عرسال: لـ«داعش» أم للدولة؟
سعدى علّوه
وصلت رسالة المسلحين المتشعبة إلى عرسال واضحة لا لبس فيها: «الأمر لنا».
رسالة اختار الإرهابيون توقيتها أياما قبل الذكرى السنوية الثانية لغزوة آب، يوم استبيحت عرسال وخرج مسلحون من مخيمات النازحين فيها قبل أن يصل أقرانهم من الجرود المحتلة. رسالة يراد منها استعادة الأجواء التي أخذت عرسال إلى ما وصلت إليه نتيجة الحؤول دون اتخاذ قرار سياسي بإطلاق يد الجيش اللبناني ليحسم الأمور قبل ان تتفاقم إلى النقطة التي وصلت إليها.
والرسالة واضحة بوضوح الـ14 برغياً التي ثبتت في حنك المختار محمد علولة إثر محاولة اغتياله بعدما حاصره مسلحون على دراجة نارية وآخرون في آلية بزجاج داكن وأمطروا سيارته بوابل من الرصاص. علولة الذي وضعه المسلحون، غزاة عرسال في آب 2014، على اللائحة الأولى التي ضمت يومها نحو سبعين اسماً نزح معظمهم عن البلدة، فيما تمت تصفية أخرين. افتتح الإرهابيون باستهداف علولة لائحتهم الثانية التي تضم ما بين 10 إلى 16 اسماً من خيرة أبناء عرسال، ومعهم رئيس بلديتها باسل الحجيري.
العناية الإلهية أنقذت علولة، «مختار المخاتير»، المعتدل، الخدوم الذي لا عداوات له في المحيط وكل عرسال ومخيمات اللاجئين فيها. المختار الذي نال النسبة الأعلى بين كل المخاتير (1560 صوتاً).
لائحة يؤكدها مصدر أمني لـ«السفير» مشيراً إلى «ان هناك معلومات مؤكدة عن وجود لائحة اغتيالات ستباشر «داعش» و«النصرة» بتنفيذها وعلى رأسها باسل الحجيري والمخاتير الذين ينتهجون خيار «الدولة والشرعية»، ليضع محاولة اغتيال علولة في إطارها.
ويشير المصدر الى ان «لائحة التصفيات تطال كل من تجرأ على الوقوف بوجه ابوعجينة وكذلك شقيق ابو طاقية وسائر الذين تجرأوا على زيارة قائد الجيش والاعلان صراحة ان عرسال ترحب بالنازحين وترفض الإرهابيين».
الرسالة متشعبة ولكنها واضحة: معاقبة عرسال على اقتراعها للاعتدال في البلدية ومعاقبتها انتخابياً لمن صادروا قرارها وأوصلوها إلى الاختناق الذي تعاني منه وعادوها مع محيطها، بمن فيهم «تيار المستقبل» الذي لم يخرق إلا بثلاثة أعضاء محسوبين على لائحته. عرسال التي أسقطت علي الحجيري، رئيس البلدية السابق بكامل لائحته، ولم تجدد في المخترة للمختار أبو علي، شقيق الشيخ مصطفى الحجيري الملقب بـ «أبو طاقية».
رسالة تنفيذية للتهديد الذي لم يأخذه رئيس بلدية عرسال وأبناؤها على محمل الجد بعد زيارة أعضاء من المجلس البلدي قيادة الجيش ومطالبتها بأن يكون «الأمر لعسكر لبنان» فعلياً في البلدة. يومها تلقى الحجيري تهديدا من مجهولين جاء فيه «ستدفعون الثمن إن تم التعرض لنا» عبر اتصالات مجهولة المصدر.
رسالة المحاصرين في الجرود الذين خسروا خمسين في المئة من الأراضي التي احتلوها في العراق، وضاقت عليهم ساحتهم السورية الخلفية المتصلة بجرود عرسال من جرود القلمون إلى الرحيبة إثر سقوط «القريتين» و»مهين» و»تدمر» بيد الجيش السوري و «حزب الله»، وبعد فشل الهجمات الانتحارية في القاع في تحقيق اهدافها، ومع عدم القدرة على التحكّم بالقرى الشيعية المحيطة، لم يبق سوى عرسال «المحتلة» باعتراف أسياد البلاد، الرهينة واقعياً، بعد احتلال جرودها ومنع أهلها عنها.
الطريق إلى الرقة لن تكون عبر عرسال، هكذا يقول الواقع على الأرض، ولا مناص لألف عنصر من «داعش» و»النصرة» محاصرين في الجرود إلا الاستسلام أو خلع الثياب العسكرية والانضمام إلى مخيمات النازحين كما فعل المئات من بينهم. ومع فرار مسلحين من الجرود، وانضمام أخرين إلى مخيمات النزوح ونجاح البعض في الخروج من عرسال والعودة تهريباً إلى سوريا، بالإضافة إلى مقتل كثر في معاركهم مع الجيشين اللبناني والسوري و»حزب الله» في الجرود المحاصرة بالكماشة الثلاثية، تقول مصادر مطلعة لـ «السفير» إنه لم يبق في الجرود أكثر من الف عنصر «داعشي» ومن «النصرة».
ومع ذلك، قال رئيس بلديتها باسم الحجيري لـ «السفير» إن عرسال تريد من الجيش اللبناني «الإمساك بأمن البلدة لما فيه مصلحة العراسلة وعموم السوريين الذين يريدون عرسال آمنة للجميع، وليختر الجيش الطريقة التي تناسبه، فالمهم بالنسبة لنا سيادته ومؤسسات الدولة على عرسال».
ويؤكد الحجيري المعلومات عن وجود أشخاص مستهدفين في عرسال «سمعنا بلائحة جديدة غير القديمة، لكننا نريد من الدولة أن تحمي عرسال وأبناءها والنازحين الحريصين على البلدة فيها كما أهلها». وإلى الأمن تريد عرسال التفاتة أنمائية «فليأتوا بمؤسسات الدولة إلى عرسال وليتعاملوا معها كما كل البلدات اللبنانية الأخرى، ليعوضوا على مزارعيها وأصحاب المقالع والمناشر وقطاع النقل كما كل القطاعات المتضررة، لتعود عجلة الاقتصاد بالفائدة على أهلها وضيوفهم»، كما يطالب الحجيري.
وماذا بعد؟
يؤكد مصدر امني لـ «السفير» أن دخول الجيش وتموضعه داخل عرسال وإمساكه الأمن فيها هو الحل الأول «ولكنه يحتاج إلى قرار سياسي واضح وصادر عن مجلس الوزراء، وهو ما ليس متوفراً على ما يبدو حتى الآن برغم الذيول الكارثية على عرسال والمنطقة نتيجة عدم اتخاذه سابقاً».
ثانياً، تشديد الجيش الخناق على المسلحين في الجرود عبر إعادة النظر بوضع مخيمات النازحين الواقعة خارج سيطرة الجيش «فإما أن تنقل المخيمات في الجرود إلى ما قبل حواجز الجيش وبالتالي تتوقف الإمدادات التي تصل الجرود تحت شعار عدم تجويع النازحين وأطفالهم، مما يؤدي إلى وصولها للنازحين»، وإما «توسيع منطقة سيطرة الجيش إلى ما بعد مخيمات النازحين بعد حاجز وادي حميد وبالتالي اقتلاع ذريعة الامدادات من ناحية وضبط الوضع الأمني من ناحية ثانية.