سلام: نفاوض لتحرير العسكريين المخطوفين ولن نخضع للتهويل
الإرهابيون إلى العرقوب.. وشادي المولوي إلى عين الحلوة
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثامن والسبعين بعد المئة على التوالي.
وبينما كان الجيش اللبناني يسجل مزيداً من الإنجازات الأمنية، عبر إلقاء القبض على عدد من الرؤوس الكبيرة للمجموعات الإرهابية، كان التوتر الشديد يعصف بقضية العسكريين المخطوفين لدى تلك المجموعات التي تمارس عملية ابتزاز يومية خطيرة لذوي العسكريين وتحريكهم تصعيدا على نار التهديدات والتلويح بذبح أبنائهم وتحديد مواقيت لذلك. وكذلك ابتزاز الدولة اللبنانية لحملها على إلغاء أحكام قضائية صدرت عن المجلس العدلي مؤخرا بحق موقوفين إسلاميين ينتمون الى «فتح الإسلام» وشاركوا في قتال الجيش في نهر البارد.
واذا كانت الاتصالات العاجلة للوزير وائل ابو فاعور قد نجحت في تطمين مؤقت للأهالي، فإن ذلك لا يخرج قضية العسكريين من دائرة القلق، على حد قول مصادر مواكبة لهذا الملف، نظرا لتصعيد المجموعات الارهابية وتيرة تهديداتها بقتل العسكريين، وكذلك مطالبها التعجيزية، ومنها إلغاء الأحكام، فضلا عن ان حركة الوسيط القطري لم تسجل أي تقدم يذكر من شأنه أن يزرع ولو بصيص أمل لدى الأهالي. وقالت المصادر ان الوسيط القطري قام بحركة ما في الساعات الماضية إلا انها لم تأت بما يمكن أن يُبنى عليه تفاؤل جدي.
وفيما تفهم وزير الداخلية نهاد المشنوق موقف أهالي العسكريين، واصفا تهديدات الخاطفين بغير الجدية ووضعها في خانة التهويل، كان رئيس الحكومة تمام سلام يعلن من دبي، التي وصلها امس، في سياق زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، «ان لبنان يفاوض لتحرير عسكرييه المخطوفين، ولن يخضع للإرهاب، ولن نضعف أمام التهديد والتهويل».
ودعا سلام اللبنانيين الى «التضامن نصرة لقضية العسكريين المخطوفين، ولكي تبقى الثقة بلبنان كبيرة»، وقال: ان الإرهاب يفرض علينا شروطا وتهديدا بالقتل الشنيع للعسكريين، وأهالي العسكريين يعيشون كابوسا كبيرا وواجبنا ان نبلسم جراحهم ونداري مشاعرهم، لكننا لن نفاوض على حساب كرامتنا وعزة بلدنا.
على صعيد آخر، رجح مسؤول أمني لـ«السفير» ان يكون المطلوب شادي المولوي قد أصبح في مخيم عين الحلوة، وفق معلومات وردت الى الجهات المعنية من داخل المخيم. وقال ردا على سؤال: نحن على يقين أن أحمد الأسير موجود في عين الحلوة، ولكن لم يتأكد لنا بعد ما اذا كان شادي المولوي قد وصل اليه ام لا. وحتى الآن ما زلنا نجري تحقيقاتنا حول ملابسات هذه المسألة وكيفية عبوره من الشمال الى صيدا.
ووفقا للمعلومات الأولية فإن المولوي وصل الى عين الحلوة أواخر الاسبوع الماضي، مستخدما بطاقة هوية مزورة، ولم يؤكد المسؤول الامني ما تردد عن أن المولوي كان متنكرا بثياب امرأة، إلا انه أشار الى ان المعلومات تؤكد انه دخل المخيم وبرفقته امرأة وثلاثة أولاد. ولفت الى اتصالات ستجري مع مختلف القوى داخل المخيم، وفي ضوئها يبنى على الشيء مقتضاه وكل الاحتمالات واردة.
واذا ما صح لجوء المولوي الى عين الحلوة، فإن ذلك يرسم علامات استفهام حول كيفية مغادرته التبانة، وحول مصير رفيقه اسامة منصور، وهل حضر معه الى عين الحلوة، ام انه ما زال في التبانة أو انتقل الى مكان آخر، ومن هي الجهة التي سهلت للمولوي الهروب وبالتالي الوصول الى عين الحلوة، علما ان القوى الامنية كانت قد حددت موقعهما بعد هروبهما من معركة التبانة الاخيرة مع الجيش، داخل مربع سكني مكتظ في التبانة.
توقيفات واعترافات
في هذا الوقت، يواصل الجيش اللبناني خطته الامنية شمالا وبقاعا، وقد تمكن في الساعات الاربع والعشرين الماضية من توقيف مطلوبين في طرابلس، وإلقاء القبض على مجموعة إرهابية في البقاع الاوسط مؤلفة من اربعة سوريين كانوا قادمين من جرود عرسال في اتجاه إحدى بلدات البقاع الغربي ومنها جنوبا في اتجاه منطقة شبعا على ما قال مصدر امني. مشيرا الى ان الموقوفين هم قيادات في تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة».
ويأتي توقيف هذه المجموعة بعد أيام قليلة من توقيف مجموعة مماثلة في محيط بلدة عرسال تضم ثلاثة سوريين كانوا متجهين من جرود عرسال الى بلدة شبعا. وأكدت مصادر التحقيق مع هؤلاء الموقوفين اعترافهم بأنهم تلقوا تعليمات من قياداتهم خارج المنطقة بالانتقال الى منطقة العرقوب، ولا سيما بلدة شبعا، وبمجموعات متتالية انما قليلة العدد يضم كل منها ثلاثة أو أربعة أفراد على الاكثر. ولم تستبعد المصادر ان تكون مجموعات مماثلة قد تمكنت من العبور والوصول الى تلك المنطقة.
الى ذلك، تمكنت مخابرات الجيش، قبل أيام، من إلقاء القبض على شخصية سورية في برج حمود وُصفت بالمهمة، ولها دور أساسي في عملية نقل الاموال الى المجموعات الارهابية، سواء في الداخل اللبناني أو جرود عرسال والقلمون.
وكشفت مصادر التحقيق ان الموقوف وصل مؤخرا من الرقة، وأقر بأن التمويل يأتي من دولة خليجية صغيرة، مشيرا الى تغيير في أسلوب نقل الاموال، بحيث صار يتم التحويل عبر الشركات المالية أو المصارف باسم شخصيات غير مشتبه فيها، على ان اللافت للانتباه ان مجموعات التمويل أوقفت إرسال مبالغ كبيرة دفعة واحدة، بل صارت تعتمد أسلوب إرسال مبالغ صغيرة بين 10 و15 و20 ألف دولار، وعلى دفعات متتالية منعا لإثارة الشبهات، واعترف الموقوف بأنه تم تحويل أموال باسم عدد من المشايخ والجمعيات الاسلامية، وكثيرا ما كان يتم تسلمها في طرابلس ومنها يتم نقل الاموال الى عرسال أو الى الجرود.
لجنة قانون الانتخاب
سياسيا، سجل ملف قانون الانتخاب حضورا خجولا في عين التينة على طاولة اللجنة النيابية التي سارعت الى منح نفسها مهلة شهر لتفي بوعد الرئيس نبيه بري بإعداد قانون جديد للانتخابات، فيما كانت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري تخرق المشهد الداخلي ببدء جولة «شهادات» لبعض السياسيين والإعلاميين تمثلت طليعتهم بالوزير الاسبق مروان حماده تحت عنوان «ظروف الجريمة السياسية»، الامر الذي يرسم علامات استفهام حول الغاية منها في هذا التوقيت، وأي مناخات سيؤخذ اليها البلد عبر استحضار مادة و«شهادات تُليت سابقا على المنصّات الإعلامية وكانت سببا رئيسيا في التعبئة والتحريض والانقسام العمودي بين اللبنانيين؟ (راجع ص3)
على صعيد الملفات الفضائحية، دخلت فضيحة الطوفان المائي، على ذمة المعنيين بها، مرحلة التحقيق وتحديد المسؤوليات ومساءلة المتعهدين والمقصرين، فيما يبقى ملف الفساد الغذائي معلقا على خط التوتر والسجال المستمر بين الوزارات، والمواطنون موعودون هذا الاسبوع بكشف الجانب المتعلق بمياه الشرب. ومع ذلك تبقى العبرة في اختراق المحميات السياسية التي تغطي المرتكبين والمقصرين وصولا الى المحاسبة الجدية، لا ان تبقى الامور مجرّد مادة في الإعلام وعلى الشاشات.