Site icon IMLebanon

أزمة النفايات بعد عام.. في «الباركينغ»

لماذا فصل بيروت عن الخطة الشاملة؟

أزمة النفايات بعد عام.. في «الباركينغ»

ايلي الفرزلي

عام مرَّ على تجربة الحراك المدني، التي كادت تتحول إلى ثورة في وجه النظام وفساده، الذي جعل النفايات تحتل الشوارع والأنهار والوديان.

عام مرَّ على تجربة الحراك المدني الذي وقف بوجه السلطة اللاهثة خلف الصفقات، قبل أن تؤدي تناقضاته الكثيرة من جهة، وعنف السلطة من جهة ثانية، إلى انفراط عقده.

عام مرَّ رُفعت خلاله النفايات من الشوارع، وانتهت الكارثة نظرياً بعد سبعة أشهر من وقوعها، لكن آثارها البيئية والصحية لن يكون بمقدور أحد تقدير نتائجها القريبة أو البعيدة المدى، كما أن أحداً لن يكون بمقدوره الجزم بأن الخطة التي أقرّتها حكومة العجز لن تصل إلى حائط مسدود.

حادثتان لا يمكن تخطيهما، أمس، تفتحان الباب واسعاً أمام مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالتخبط الرسمي الذي رافق ولا يزال يرافق رحلة الحلول الحكومية المرتجلة. في الأولى، انتفض حزب «الكتائب»، للتأكيد على موقفه المبدئي الرافض لفتح مطمر برج حمود، وللاعتراض، واقعياً على طمر النفايات من دون معالجة. وفي الثانية، انتفض وزير الداخلية نهاد المشنوق على قرار مجلس الوزراء الذي ينص على إجراءات مركزية لتلزيم مشاريع تحويل النفايات الى طاقة، مطالباً بانفصال مدينة بيروت عن المشروع، مدعماً بدراسات لبلدية بيروت.

الخطوة «الكتائبية»، التي ترافقت مع تكرار التعامل الأمني غير المبرر مع المعتصمين، تعيد إلى الذاكرة كل العنف الذي رافق تخبط السلطة مع الملف منذ أن فتح على مصراعيه قبل سنة تقريباً. كما تعيد التأكيد على أن الحلول التي قدمت في آذار الماضي، والتي اعترض عليها حزب «الكتائب» في حينه، هي حلول منقوصة ومجتزأة (خصوصا مع رفض حزب «الطاشناق» إنشاء معمل في المكان).

وطالما لا خطة متكاملة تبدأ بالفرز من المصدر وتمر بالفرز في المعامل ثم بالمعالجة انتهاءً بطمر العوادم فقط، فإن كل الخطط المبنية على نظام المحاصصة لن تصمد طويلا طالما أنها لا تقف على أرضية متينة.

مرت أشهر طويلة ولا تزال النفايات تجمّع في ما صار يعرف بالـ «باركينغ» في الكوستا برافا وبرج حمود، في انتظار تحويلهما إلى مطمرين، وهي عملية تثير مخاوف الأهالي القريبين من المطمرين ومعظم البيئيين، انطلاقاً من أن العمليات تتم من خلال مقاولين لا خبرة لهم بكيفية إعداد المطامر، التي تزداد خطورتها بسبب اتخامها بالمواد العضوية، المنتجة للغازات.

ومن خارج سياق التجاذبات المعتادة في مجلس الوزراء، استعاد وزير الداخلية ملف النفايات، ليعلن عن رغبة بلدية بيروت بالسير بشكل مستقل في إنشاء معمل للتفكك للحراري (محرقة)، وهو ما خلق مجموعة من التساؤلات الوزارية حول الغاية والأسباب والجوانب التقنية والمالية، كانت أبرزها تلك التي أثارها الرئيس سلام بصوت عال.

وللتذكير، فإن مجلس الإنماء والإعمار لا يزال يحضّر العدة القانونية والتقنية لاعتماد تقنية تحويل النفايات إلى طاقة، وقد درس ملفات نحو 26 شركة أبدت اهتمامها ببناء المحارق، وخفّض العدد إلى أربع شركات، تمهيداً لإجراء مناقصة عالمية.

وإذا كان العائق الأكبر أمام هذه المناقصة لا يزال يتعلق بمكان المحرقة وكيفية وصلها بشبكة الكهرباء، فإن المشنوق يكون بطلبه قد وضع حداً للمشروع، أو جمّده، بانتظار أن تبت اللجنة الوزارية المعنية بملف النفايات بالطلب.

وقد اعتبر رئيس اللجنة الوزير أكرم شهيب أن هذه المسألة تحتاج إلى دراسة متأنية، لتبيان مدى تأثيرها على الخطة المستدامة، مع تعداده لمجموعة من الأسئلة التي يفترض أن تحدد الإجابة عليها مسار الطلب:

ـ من يبني المحرقة الخاصة ببيروت، الدولة أم البلدية؟

ـ كيف سيتم التعامل مع المناطق الخدماتية الأخرى التي تبدي رغبتها بالانفصال عن الخطة المركزية؟

ـ كيف تحصّل البلدية أموالها؟

ـ أين يمكن أن تنشأ هذه المحرقة؟

ـ هل يجب بناء معمل كهرباء إلى جانبها، وهل يمكن نقل الطاقة منها وربطها بالشبكة الأم؟

يعود مصدر مطلع على مناقصة المعالجة، التي أجريت مؤخراً، ليعتبر أن القطبة المخفية تكمن فيها. وهو إذ يوضح أن المشنوق كان من أشد الرافضين لها للغاية نفسها، أي الرغبة في استقلال العاصمة بقرارها، في ما يتعلق بمعالجة نفاياتها، إلا أنه يشك في إمكان وصوله إلى غايته.

فالكرنتينا، حيث يوجد معمل الفرز حالياً هو المكان الوحيد المتوفر في العاصمة لتنفيذ المشروع. وهو مكان لا يمكن اعتماده إلا في سياق اتفاق سياسي شامل، نظراً لحساسيته الطائفية التي عبّر عنها النائب نديم الجميل، أمس، برفضه طرح موضوع إنشاء معمل للتفكك الحراري أي محرقة لمعالجة النفايات في منطقة الكرنتينا، متسائلاً عما سيؤول إليه المعمل بعد مرور بضع سنوات على التشغيل.