ايلي الفرزلي
إذا سارت الأمور كما هو متوقع، فسيشهد، يوم غد، ولادة الحل الذي يعيد فتح مطمر برج حمود أمام نفايات المتن وكسروان وجزء من بيروت.
هذا يعني عملياً أن شوارع بيروت ستنجو من تكدّس النفايات، أسوة بما حصل في المتن وكسروان، لأن معمل المعالجة في الكرنتينا لن يمتلئ بالنفايات التي تنقلها إليه «سوكلين» ويتم تخزينها موقتاً فيه، قبل أربعة أيام. أما إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فإن «سوكلين» ستتوقف كذلك عن جمع النفايات من بيروت بعد أيام، بانتظار تخصيص مكان يمكن أن تُنقل إليه النفايات المتراكمة.
كل ذلك سيتضح يوم غد، حيث تعاود لجنة المال والموازنة الاجتماع لاستكمال ما بدأته أمس من نقاشات تتعلق بالحلول المقترحة من البلديات المعنية، إذ تقررت دعوة اتحادات بلديات المتن وكسروان وبعبدا وبلديات برج حمود والجديدة ـ البوشرية ـ السد، «لاتخاذ القرار المناسب»، مع إعطاء الأولوية للامركزية الحل، إن أمكن ذلك أو إذا قدمت البلديات حلولاً بديلة لطمر النفايات، في الفترة الموقتة، في مطمر برج حمود.
لماذا تجددت الأزمة أصلاً؟
لا إجابة عند أكثر من نائب مشارك في اللجنة سوى المزايدات المسيحية من جهة، و«اقتناع» البعض بأن على مناطق أخرى أن تتحمل نفاياته، من جهة ثانية، الأمر الذي دفع النائب نواف الموسوي إلى التذكير بما قاله سابقاً رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر بأن «على كل قضاء أن يأخذ خيراته»!
أما لماذا يعترض «الكتائب» على خطة سبق أن وافق عليها في مجلس الوزراء، فالإجابة على لسان رئيس الحزب النائب سامي الجميل هي: صوّتنا مع الخطة لأننا كنا نريد رفع النفايات من الشوارع، على أن نرى لاحقاً ماذا نفعل!
لامركزية الحل مشروع قديم سبق أن طرحه مجلس الإنماء والإعمار في العام 2006، لكنه لم يلقَ أي صدى إيجابي، لأسباب تتعلق بعدم استعداد أي منطقة لتقديم قطعة أرض تستقبل فيها معملاً للمعالجة أو مطمراً صحياً.
لم يتغير الكثير من عشر سنوات إلى اليوم، سوى التجربة القاسية التي عاشتها مناطق جبل لبنان وبيروت، قبل سنة، مع تراكم النفايات في الشوارع لسبعة أشهر، ومن ثم تراكمها مجدداً في المتن وكسروان منذ نحو أسبوع. وبما أنه من شبه المؤكد أن أياً من البلديات لا تملك حلولاً فورية لجمع النفايات من الشوارع، فإن الأولوية بالنسبة للمعترضين على فتح مطمر برج حمود صارت بنزولهم عن شجرة الاعتراض بأقل الأضرار، كأن يحصلوا على وعد بـ «تشذيب الخطة الحكومية»، بعد التأكد من عدم وجود بديل عن المطمر المذكور، في الفترة الموقتة المقررة في قرار مجلس الوزراء.
وبرغم الأفكار المتباعدة، إلا أن رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان مهّد لاستعداد الجميع للموافقة على إعادة فتح المطمر.. بشروط، من خلال تأكيده أن «القاسم المشترك هو أنه لا نريد ساحل المتن مكباً للنفايات، وهو من سابع المستحيلات، ولا نريد شوارعنا مكباً، ونحن نعمل ما بين الحدين». فيما لاقاه رئيس اللجنة الوزارية المتابعة لملف النفايات الوزير أكرم شهيب، مبدياً انفتاح اللجنة على أي حل يعزز الخطة الحكومية، التي أقرت في 12 آذار الماضي، ويحسّنها.
حتى لو تمكنت البلديات الراغبة بالانفصال عن الخطة المركزية من تأمين بدائلها المحلية، فإن أي قرار سيتخذ يحتاج إلى ما بين ستة أشهر إلى سنتين لإنجازه، بما يعني أن الكل مضطر في الفترة الفاصلة للانضواء تحت راية الحل المركزي.. على علاته، علماً أن مجلس الإنماء والإعمار أكد في الجلسة على إمكان تخفيض الفترة الانتقالية من أربع سنوات إلى سنتين ونصف، وذلك تبعاً لوتيرة المساعي التي تبذلها البلديات لإيجاد حلول لامركزية لنفاياتها.
كل ذلك يشير إلى أن المكسب المعنوي أو ربما السياسي، سيكون محصوراً بالتأكيد في الالتزام ببنود الخطة (لا سيما لناحية كمية النفايات التي تطمر في برج حمود) ورفض أي استنساب في تنفيذها وعدم التأخر برفع مستوى المعالجة والفرز، مع السعي إلى إنشاء معامل فرز جديدة، وإدخال البلديات في الحلول المتعلقة بالفترة الانتقالية.
وقد أشار كنعان إلى أن ثمة تقارير تفيد بأن نحو 1500 طن تنقل إلى مطمر برج حمود، فيما الخطة تشير إلى طمر ما يتبقى من الـ1200 طن بعد فرزها ومعالجة ما أمكن منها، لكن هذه المعلومات تنفيها مصادر معنية بعملية الطمر، موضحة أن الـ 1200 طن، التي تطمر في برج حمود ومثلها في الكوستا برافا، هي الكمية المتبقية من النفايات بعد فرزها ومعالجتها (يتم فرز 300 طن ومعالجة 300 طن من مجموعة 3000 طن تجمعها سوكلين من مناطق عملها). لكن مع ذلك، فإن الكمية التي تنقل إلى برج حمود يمكن فعلاً خفضها من 1200 طن إلى ما يقل عن ألف طن، بعد إنجاز مناقصة معمل المعالجة وبدء العمل على تسبيخ 750 طناً بدلاً من 300. وهذه الزيادة تنجم عن التحول من مرحلة التخمير الهوائي الذي يحتاج إلى أربعة أيام كحد أدنى، إلى مرحلة التخمير من خلال الغرف الخاصة، والتي يمكن التحكم بحرارتها ومستوى الضغط فيها ودرجة الرطوبة، بما يؤدي عملياً إلى تقليص مدة التخمير، من أربعة أيام إلى يوم واحد.
ومع التوقعات بسلوك أزمة مطمر برج حمود طريق الحل، فإن العمل سيتركز على دعم البديات الساعية إلى «الاستقلال»، والتي بدأ بعضها يسعى إلى اعتماد الفرز من المصدر. وهو أمر يعني تلقائياً فسخ العقد مع «سوكلين» في ما يتعلق بالجمع والفرز. أما بالنسبة للمعالجة والطمر، فهما أمر لا يمكن حسمه سريعاً.