Site icon IMLebanon

«حزب الله» يقاطع الحكومة تضامناً مع عون

هل يستمر سلام بـ«اللي بقيوا»؟

«حزب الله» يقاطع الحكومة تضامناً مع عون

عماد مرمل

بينما كان البعض يتوقع أن يحمل معه شهر أيلول رئيساً للجمهورية، أتت الجلسة الـ 45 لانتخاب الرئيس أمس ألأشد هزالة وبرودة، ربما، فمرّت مروراً عابراً، لم يشعر به أحد، في تتمة لتدحرج حجارة الدومينو من أعلى الهرم الى قاعدته.

في هذا الوقت، يبدو أن عوارض التآكل والتحلل في الجسم الحكومي تتجه الى المزيد من التفاقم، على وقع تمسك فريق الرئيس تمام سلام ـ «المستقبل» بعدم تأجيل جلسة مجلس الوزراء، وقرار العماد ميشال عون بالاستمرار في المقاطعة، وملاقاة «حزب الله» له، بعدما قرر الحزب التغيب عن جلسة اليوم، «تضامنا مع الجنرال، وتفهماً لهواجسه، وتحسساً بخطورة الإمعان في تهميش مكوّن لبناني اساسي»، كما قالت لـ«السفير» مصادر مطلعة على حيثيات موقف الحزب.

وقد أبلغ الحزب قراره كلاً من الرئيس نبيه بري والرئيس سلام والعماد عون، والنائب وليد جنبلاط، بعدما حاول عبثاً الدفع في اتجاه تأجيل الجلسة، بغية إعطاء فرصة للمساعي التي يبذلها من أجل معالجة أزمة المقاطعة البرتقالية للحكومة، لاسيما انه لمس استعداداً لدى «التيار الحر» للبحث في مخارج، وبالتالي كان من شأن التأجيل ان يعطي قوة دفع ايجابية لوساطة الحزب، وفق العارفين.

ولعل موقف الحزب سيساهم في إعادة «النضارة» الى تحالفه مع الرابية، بعدما كثرت في الآونة الأخيرة «التأويلات» حول حقيقة نياته، ومدى استعداده للبقاء الى جانب عون في «السرّاء والضرّاء».

وبرغم ان الاتصالات تكثفت، حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، على خطوط الضاحية ـ المصيطبة ـ عين التينة ـ الرابية ـ المختارة ـ «المستقبل»، فانها لم تنجح في ارجاء الجلسة التي يُتوقع لها ـ إذا تمسك سلام بانعقادها بعد تغيب الحزب ـ ان تكون تشاورية وأقل من عادية، في ظل غياب الوزراء «النازحين» («التيار» و «حزب الله» و «الطاشناق»)، بحيث لا تصدر عنها أي قرارات أساسية.

وأبلغت مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله» «السفير» ان الحزب يحمّل الرئيس فؤاد السنيورة المسؤولية عن اجهاض محاولات التوصل الى اتفاق على ارجاء الجلسة، مع ما يعنيه ذلك من زيادة في الاحتقان المسيحي.

وتفيد المعلومات ان «حزب الله» انطلق في قراره بعدم المشاركة في مجلس الوزراء اليوم من قناعة لديه بأن هواجس العماد عون محقة، أو أقله تستحق النقاش، ولا يجوز تجاهلها، لأن أي استهتار بها سيهدد بتداعيات وخيمة.

ويعتبر الحزب انه لا يصح التقليل من شأن مقاطعة طرف مسيحي وازن كـ «التيار الحر» للحكومة، وهو يرى انه كان من الافضل لو ان سلام علّق جلسة الخميس، كما فعل الرئيس بري حين علّق الحوار بعد مقاطعة «التيار».

ويفترض الحزب ان خياره سيشكل قوة ضغط نحو دفع الآخرين الى التعاطي بجدية مع شكوى عون من التهميش، وصولا الى حماية الحكومة من بعض اهلها، والمحافظة على التوازنات الداخلية التي لا يمكن ان تستقيم إذا شعر أي مكوّن بالغبن.

وتردّد ليلا ان وزير المردة روني عريجي يميل ايضا الى مقاطعة الجلسة، انسجاما مع موقف الحزب.

باسيل: بعد ما بلّشنا!

ولكن، الى متى ستواصل الحكومة تأرجحها بين «القطيعة» والعمل بـ «القطعة»، وكم تستطيع ان تصمد صيغة «تعا ولا تجي»، مع تراكم الملفات التي تحتاج الى مجلس وزراء منتج، ولو بالحد الأدنى؟

بالنسبة الى «التيار الحر»، سيشكل الإصرار على انعقاد الحكومة، برغم مقاطعته لها، استفزازاً اضافياً وامعاناً في انتهاك الميثاقية، وتبعاً للمسار الذي ستسلكه اليوم ولما سيصدر عنها سيتقرر ما إذا كان سيحصل ردّ.

لن يقبل «التيار» بأن يتحول غيابه عن الحكومة الى أمر اعتيادي يمكن التأقلم معه، لكن المحظور الاكبر من وجهة نظره هو ان تعمد الحكومة الى نشر أي مراسيم او قرارات وسط غياب رئيس الجمهورية والمكوّن الوزاري المسيحي الاوسع تمثيلا.

وفي تحذير واضح، ومرتفع السقف، يقول رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل لـ «السفير»: ليس مسموحاً نشر أي مرسوم او قرار من دوننا، وإذا فعلوا ذلك، ستقع الواقعة الكبرى، وسيكون رد فعلنا عنيفاً جداً.

وحين يُسأل باسيل عما لا يزال يخفيه التيار في جعبته بعد مقاطعته الحكومة والحوار، يجيب: بعد ما بلشنا.. وكل شيء في وقته حلو.

ويحذّر باسيل من استمرار العبث الحكومي بالميثاقية، قائلا: إن محاولتهم إخفاء رؤوسهم في الرمل لن تنفع في تحوير الحقائق والتعمية عليها، بل كلما حفروا أكثر في الرمل سيغرقون أكثر، وأنا أنصحهم ان يحفروا بدل ذلك في تاريخ لبنان، ليتعلموا من حكمة رجالات كبار كالرئيس صائب سلام وأمثاله، وكم نحن بحاجة الى هذه الحكمة في الظروف الصعبة التي نمر فيها.

ويدعو باسيل رئيس الحكومة الى التعامل بمسؤولية وطنية مع مقاطعة «التيار» لمجلس الوزراء، متسائلا: اين تمام سلام 92.. لقد اشتقنا اليه.

ويشدد باسيل على ان إشارة حسن النية حيالنا تكون بتعيين بديل عن اللواء محمد خير والتراجع عن التمديد له، إلا إذا كان هو أهم من خير البلد، علما ان معركتنا تجاوزت مسألة التعيينات والاشخاص الى ابعاد أوسع تتصل بالميثاق والشراكة.

خيار سلام

في المقابل، يؤكد مقربون من سلام لـ «السفير» أن الاعباء التي يتحملها الرجل تكاد لا تطيقها الجبال، مشيرين الى انه يصادف أمورا غريبة عجيبة، لا تركب على «قوس قزح»، لكن لا خيار أمامه سوى كظم الغيظ والعض على الجرح، خصوصا بعدما أصبحت الحكومة الحالية، على علاتها، هي الاطار او الرمز الاخير للدولة مع تداعي المؤسسات والطاولات الاخرى، وبالتالي لم يعد بالامكان التفريط بها، بمعزل عن المشاعر الشخصية لسلام ورأيه المعروف في هذه الحكومة.

ويعتبر المواكبون لمشاورات المصيطبة انه لم يكن هناك من مبرر لإرجاء جلسة مجلس الوزراء اليوم، «إذ لماذا تتأجل.. والى متى.. وما المطلوب حتى يعود الفريق المقاطع؟»، لافتين الانتباه الى ان هذه التساؤلات ظلت من دون أجوبة شافية ومقنعة.

ويشير هؤلاء الى ان العديد من بنود جدول أعمال الجلسة الحكومية اليوم تخص وزارات الخارجية والطاقة والتربية، وبالتالي فإن المقاطعين يعطلون أنفسهم ومشاريعهم بالدرجة الاولى، وكأن السحر بدأ ينقلب على الساحر.

وتكشف الاوساط اللصيقة بسلام عن ان هناك تغطية اقليمية ـ دولية لبقاء الحكومة، باعتبارها باتت تمثل الشرعية الوحيدة، موضحة ان السفراء وكبار الزوار يشددون خلال لقاءاتهم مع سلام على ضرورة حماية الحكومة، وهذا ما سمعه من الايرانيين والسعوديين الذين يختلفون على كل شيء إلا انهم يتفقون حول هذه النقطة.

وترى الاوساط ان «التيار الوطني الحر» يجب ان يستبدل اسمه الى التيار المسيحي الحر، بفعل الخطاب الطائفي الحاد الذي يستخدمه رئيسه، لشد عصب القاعدة ومحاولة رفع منسوب شعبيته في داخل البيئة البرتقالية. وتضيف: ماذا سيقول اصحاب هذا الخطاب لناشطة في «التيار»، على سبيل المثال، اسمها ريا الدعواق، وهل لا يزال يوجد مكان لها في صفوفهم؟

وتشدد المصادر المقرّبة من سلام على ان مفهوم الميثاقية المعتمد من الرابية هو انتقائي، وبدل ان تكون وظيفته تحصين الدولة اصبح يهددها، مستغربة ان تُطرح مثل هذه الاشكالية الوهمية، في حضور ثمانية وزراء مسيحيين، لافتة الانتباه الى انه ليس مقبولا ان يتحول مجلس الوزراء الى «فشّة خلق» للبعض.

ويعتبر المحيطون بسلام ان المعادلة التي يطرحها التيار هي «إما عون رئيسا للجمهورية وإما الفدرالية»، محذرة من مخاطر هذه المعادلة.

«حزب الله» ـ «التقدمي»

وفي ظل انسداد الآفاق الداخلية، عقد ليل أمس لقاء قيادي بين «حزب الله» و «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ضم عن الحزب الوزيرين محمد فنيش وحسين الحاج حسن والنائبين حسن فضل الله وعلي عمار ورئيس لجنة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، وحضر عن «التقدمي» الوزيران أكرم شهيب ووائل ابو فاعور، والنائب علاء الدين ترو وأمين السر العام ظافر ناصر ووكيل الداخلية هادي ابو الحسن.

ووفق بيان صادر عن «التقدمي»، كان اللقاء مناسبة لتأكيد متانة العلاقة الثنائية بين الطرفين اللذين أكدا ضرروة بذل اقصى الجهود في هذه المرحلة الدقيقة لتفادي المزيد من الأزمات، كما جرى التشديد على ضرورة حماية الاستقرار واستمرار الحوار بين مختلف الأفرقاء.