بري لـ«السفير»: موقف جعجع يعكس ميلاً للاحتكار والاحتقار
الحريري يستعد لـ«مراجعة رئاسية»؟
إذا كانت عطلة الحكومة، المعطلة أصلا، ستطول إلى ما بعد عودة رئيسها تمام سلام من رحلة نيويورك، فإن ملفات أمنية وقضائية تحركت أثناء العيد، يرجح أن تستمر بالتفاعل في الأيام المقبلة، بعدما عكست حجم الترهل الذي بلغه منطق الدولة ومؤسساتها، كما تبين من طريقة المقاربة لقضيتي تفجير كسارة ـ زحلة، ومفاعيل القرار الظني في تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس.
وبهذا المعنى، أصيبت هيبة الدولة الشاحبة بانتكاسة إضافية في أعقاب الإفراج عن مفتي راشيا السابق الشيخ بسام الطراس تحت ضغط مرجعيات سياسية ودينية، برغم ورود اسمه في اعترافات عدد من الموقوفين في ملف تفجير كسارة، الأمر الذي بدا أنه استنساخ لسيناريو شادي المولوي الذي أوقفه «الأمن العام» بشبهة الإرهاب ثم أخرجته المداخلات من السجن بطلاً، ليتكشف بعد حين أنه من أخطر الإرهابيين.
وإزاء الالتباسات التي ترافق هذه القضية، قال الرئيس نبيه بري لـ«السفير»: رضي القتيل ولم يرض القاتل..
كما أن استسهال الطلب من مجلس الوزراء حل «الحزب العربي الديموقراطي» و«حركة التوحيد ـ فرع هاشم منقارة» استنادا الى القرار الظني في تفجير مسجدي طرابلس، أثار ردود فعل وجدت في هذه الدعوة تجاوزا للأصول والقواعد القانونية والقضائية، التي لا تبرر حل أي حزب، قبل صدور حكم قضائي مبرم يدينه، من دون أن يعني ذلك التخفيف بأي شكل من وطأة الجريمة المرتكبة وضرورة إنزال أشد العقوبات بحق مرتكبيها، أياً كانوا.
وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«السفير» إن «الأمن العام» قام بواجبه القانوني باستدعاء الشيخ الطراس الى التحقيق بعد ورود اسمه في التحقيقات، مشيرا الى أن «النقاش تمحور حول توقيت التوقيف عشية عيد الأضحى، وقد استنفرت الطائفة السنية بكامل مفتيها وأركانها، وكان يمكن أن ينتج من ذلك تصعيد بالكلام وعلى الأرض، لذلك تدخلت درءا للفتنة وتلافيا للمحظور لأن الموقوف مفتٍ سابق، علما أنه ترك رهن التحقيق، وبالتالي يمكن للقضاء استدعاؤه ساعة يقرر ذلك لأنه مشتبه فيه وليس متهماً بعد».
واعتبر المشنوق أن صدور القرار الاتهامي في قضية تفجير مسجدي السلام والتقوى «استدعى مني الطلب من مجلس الوزراء حل «حركة التوحيد» و«الحزب العربي الديموقراطي»، لأن الشبهة وحدها كافية بالنسبة الى دور هذين التنظيمين الواضح والمعروف والمحدد في التحقيقات والقرار الظني».(ص2)
بري يرد على جعجع
سياسيا، أكدت أوساط سلام لـ«السفير» أن الأمور جامدة على صعيد الأزمة الحكومية، موضحة أن الاتصالات قائمة، لكن بوتيرة خفيفة بسبب عطلة عيد الأضحى، والمهم أن يقتنع وزراء «تكتل التغيير» بعدم صوابية مقاطعة الجلسات وتعطيل الحكومة والاستمرار في التصعيد السياسي والإعلامي.
وأشارت الاوساط الى أنه لا يزال هناك متسع من الوقت من الآن وحتى موعد انعقاد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء المفترض أن تحصل في 28 الشهر الحالي، أي بعد عودة الرئيس سلام من رحلته الى الأمم المتحدة في نيويورك، بدءا من 23 أيلول.
أما الرئيس بري فأكد لـ«السفير» أن «المردة» سيعود حتما الى الحكومة في الجلسة المقبلة لها، «كما أرجح أن «حزب الله» الذي تغيب في المرة الماضية في محاولة لاستيعاب موقف «التيار» سيعود بدوره الى المشاركة، لان استمرار غيابه سيهدد الحكومة، والحزب حريص عليها ومتمسك ببقائها في ظل الظروف الحالية، على حد علمي».
وردا على سؤال بشأن اقتراح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع باختصار الحوار الى خمسة أو ستة أطراف حتى يصبح منتجا، يجيب بري: «من المستحيل اختزال المكونات السياسية والطائفية بخمسة أو ستة فقط، وأنا لم أعتمد على المزاجية أو الاستنسابية في اختيار الجهات المدعوة الى الحوار، بل استندت الى معيار واحد ومشترك يتعلق بحجمها التمثيلي في مجلس النواب، وأي عبث بهذه المعادلة ينطوي على لعبة خطيرة، ويعكس ميلا الى احتكار التمثيل واحتقار الآخرين»(ص2).
في المقابل، أبلغت أوساط وزارية من فريق «8 آذار» «السفير» أن مقاطعة وزراء «حزب الله» «المردة» الثلاثة كانت محصورة بجلسة الحكومة الأخيرة فقط ولم يُتخذ قرار بمقاطعة كل الجلسات، أقله حتى الآن، رافضة الخوض في ما سيكون عليه موقف هذا الفريق في الحكومة إذا طرح موضوع حل «الحزب العربي الديموقراطي» و«حركة التوحيد»، لافتة الانتباه الى أن الأمر يتطلب المزيد من المشاورات.
فرنجية والراعي
الى ذلك، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، في الديمان حيث عقدت بينهما خلوة استمرت حوالي 90 دقيقة.
وقالت أوساط المردة لـ«السفير» إن الزيارة تشاورية، لافتة الانتباه الى أن هناك علاقة مميزة تربط بين فرنجية والراعي الذي يكنّ الود والاحترام لرئيس «المردة»، وهما حريصان على التشاور حول المستجدات بين الحين والآخر.
الحريري عائد
في هذا الوقت، كان مستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور غطاس خوري يزور جعجع في معراب، موضحا «أن النقاش قائم حول إمكانية إيجاد خرق ما في الملف الرئاسي، ولا قرار نهائياً في هذا الاتجاه».
وكشف عن أن الحريري سيعود قريبا من سفره ليتحرّك هذا الملف مجدداً بطريقة ما نحو مكان جديد.
وقال خوري لـ«السفير» إن المراوحة الرئاسية «لم تعد مقبولة بفعل تداعياتها المتفاقمة على الوضع العام»، مشيرا الى أن الحريري لا يزال ملتزما بخيار ترشيح فرنجية وهو سيناقش ما آل اليه هذا الخيار مع كل من بري وفرنجية بعد عودته.
وأضاف: نحن قصدنا من ترشيح فرنجية إيجاد حل لأزمة الشغور الرئاسي، لا إضافة عقدة جديدة اليه، وإذا استمر الأفق مسدودا، يجب البحث في خيارات تسمح بإيجاد كوّة فيه.