Site icon IMLebanon

الحريري المحرَج: «السرايا» أم «الديوان»؟

بري مع فرنجية… السنيورة لن ينتخب عون.. و«الرابية» تترقب

الحريري المحرَج: «السرايا» أم «الديوان»؟

عماد مرمل

تسعة أيام تفصل أصحاب الرهانات المتضاربة عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 28 أيلول التي يُفترض ان تشكل اختبارا لكل «الغطاسين»، فإما ان تصح التوقعات بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا وإما ان تدخل الازمة في مرحلة جديدة مفتوحة على كل السيناريوهات القاتمة.

ولئن كان كلٌ من المتفائلين أو المتشائمين، محليا، بانتخاب عون قريبا يستند الى فرضيات واجتهادات متباينة، ينطلق بعضها من وقائع سياسية وبعضها الآخر من عواطف شخصية، إلا ان العنصر الاشد تأثيرا هو الموقف السعودي الذي يبدو انه «موضع تأويل»، بين من يجزم باستمرار تشدده ضد «الجنرال» وبين من يعتبر انه أصبح على الاقل حياديا.

وهناك من يفترض في هذا السياق ان الضغط على الحريري لدعم ترشيح عون، من دون ان يكون محصنا بضوء اخضر سعودي، سيؤدي الى المفاعيل الآتية:

ـ سيخسر الحريري المزيد من رصيده الشعبي في شارعه وبيئته.

ـ ستفرط «كتلة المستقبل»، اذ سيتمرد عدد من أعضائها على قرار الحريري وصولا الى حد الانفصال عنه، وليس مستبعدا ان يصدر رد فعل حاد عن الرئيس فؤاد السنيورة.

ـ ستعمد السعودية الى محاربة الحريري الذي سيتعرض للحصار الشديد وستلجأ الى دعم المتطرفين على الساحة السنية، وبينهم «صقور المستقبل»، وبالتالي فإن وضع الحريري سيصبح شبيها بوضع الرئيس نجيب ميقاتي عندما تولى رئاسة الحكومة السابقة مدعوما من فريق 8 آذار، إذ اصرت الرياض على مقاطعته برغم كل المحاولات التي بذلها للتقرب منها.

وينبه مرجع كبير الى ان الحريري الذي سيربح رئاسة الحكومة إذا انتخب عون خلافا للارادة الملكية، سيخسر في المقابل أجزاء إضافية من تياره وكذلك حليفه الاقليمي، متسائلا عما إذ كانت هناك مصلحة في دفع رئيس «المستقبل» الى ما يشبه «الانتحار السياسي»، فيما تبرز في ساحته شخصيات متشددة تحاول وراثة زعامته وقضم نفوذه وشعبيته انطلاقا من شعارات متطرفة وشعبوية.

في المقابل، يعتبر المتحمسون لدفع الحريري الى فك مساره عن المسار السعودي في الاستحقاق الرئاسي، ان قرارا جريئا من هذا النوع سيعيده من الباب العريض الى رئاسة الحكومة التي تشكل مدخلا إلزاميا لتصحيح الخلل في التوازن الوطني، «ثم ان لدى عون وحزب الله هذه المرة تصميما غير مسبوق على خوض معركة الرئاسة حتى النهاية، ما يعني ان خيارات الحريري محدودة بل معدومة مهما طال الزمن، وكلما اسرع في انتخاب عون خفف من كلفة الانتظار عليه وحسّن شروط موقعه التفاوضي».

ويشير هؤلاء الى ان السعودية منشغلة اصلا عن الملف اللبناني وحتى عن الحريري وأزماته، ما يمنحه الحق في استعادة المبادرة الذاتية لانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الاوان، لان بقاءه على هذه الحال من المراوحة يعني المزيد من الاستنزاف، في حين ان هناك فرصة ثمينة امامه لإبرام تسوية انقاذية تاريخية، على اساس شراكة حقيقية.

بري: هذه معلوماتي

في هذا الوقت، يستغرب الرئيس نبيه بري الحملة المنظمة التي تستهدف تحميله المسؤولية عن عدم انتخاب عون، مشيرا الى ان الغاية منها تحوير الحقائق وتحريف الوقائع.

ويقول بري لـ «السفير» انه في حال قرر الرئيس سعد الحريري دعم عون، يصبح «الجنرال» رئيسا يوم غد بمعزل عن موقفي، فكيف أكون أنا من أعرقل وصوله الى قصر بعبدا؟

ولكن بري لا يخفي في الوقت ذاته خياره المبدئي: إذا خُيرت بين ميشال عون وسليمان فرنجية، فأنا أنتخب فرنجية من دون تردد، ولدي اسبابي.

وحين يُسأل بري عما إذا كان يمكن ان ينتخب عون إذا وافق الحريري على دعمه؟ يجيب: ليس بالضرورة.. وموقفي يمكن ان يتراوح بين الاقتراع بورقة بيضاء وبين الانسحاب من الجلسة الانتخابية.

ولا يلبث بري ان يضيف مستدركا: فقط، في حال جرى التوافق على انتخاب عون ضمن سلة تفاهم وطني على مرحلة ما بعد الرئاسة، يمكن ان انتخب الجنرال، لان الاولوية يجب ان تكون للمشروع السياسي وليس للشخص، وحتى في ما يتعلق بفرنجية، أنا أقول صراحة إنه إذا لم يحصل اتفاق مسبق معه على مرتكزات السلة المتكاملة، فان انتخابه سيُخرجنا من أزمة ليُدخلنا في أخرى فورا.

ولا يعير بري الكثير من الاهتمام او الاهمية للتسريبات حول لقاء سعد الحريري – جبران باسيل في باريس، لافتا الانتباه الى ان قرار القبول بعون رئيسا لا يتوقف على الحريري فقط، بل إن موقف السعودية في هذا المجال مفصلي، «ومعلوماتي المستمدة من مصادر موثوقة تفيد بان الرياض لم توافق حتى هذه اللحظة على خيار عون، وما دام موقفها على هذا النحو، فان اي كلام آخر هو كبيع السمك في البحر..».

ويحرص بري على التأكيد ان المحافظة على موقع الحريري هي مصلحة عامة وضرورة وطنية، مهما اختلفت معه، معتبرا ان تعطيل الحوار والحكومة والمجلس تحت شعار الميثاقية إنما يهدف الى الدفع في اتجاه انتاج المعادلة الآتية: «انهيار الدولة او انتخاب عون»، مؤكدا انه يرفض الخضوع الى هذا النوع من الضغوط.

السنيورة: ملتزمون بفرنجية

وفي ظل الاستنتاجات المتباينة لما سيؤول اليه موقف «بيت الوسط» من «الجنرال»، يقول الرئيس فؤاد السنيورة لـ «السفير» إن ما يتردد حول إمكان موافقة «المستقبل» وسعد الحريري على انتخاب عون رئيسا، في جلسة 28 أيلول: «ليس صحيحا على الاطلاق».

وينفي السنيورة حصول لقاء بين الحريري والوزير جبران باسيل في باريس، مؤكدا ان احتمال حدوث تحول ايجابي في موقف الحريري حيال عون في المدة الفاصلة عن جلسة 28 أيلول، كما يتوهم البعض، «هو احتمال غير واقعي ولا يستند الى أي اسس». ويتابع: «على كل حال، تسعة أيام وتظهر الامور على حقيقتها، ويا خبر النهار ده بفلوس، بكرا ببلاش..».

ويستغرب السنيورة لجوء البعض الى الربط بين الوضع المالي للحريري وبين فرضية موافقته على انتخاب عون، متسائلا: ما الرابط بين الامرين؟ انه ربط غريب عجيب، وكأن الحريري سيستخدم المال العام عندما يصبح رئيسا للحكومة من أجل معالجة مسائله الشخصية.

ويعرب السنيورة عن اعتقاده بان ضخ هذه الكمية من التوقعات والشائعات حول نية الحريري دعم عون إنما يهدف الى تحميل رئيس «المستقبل» المسؤولية لاحقا، عندما لا تتحقق هذه التوقعات ولا تصح تلك الشائعات.

ويشير الى ان «حزب الله» يساهم أيضا في تعميم أجواء ضاغطة في اتجاه انتخاب عون، من باب تبرئة الذمة والإيحاء له بان الحزب فعل أقصى ما يستطيعه من أجل إيصاله الى الرئاسة، كما ان بعض من يضخ «التفاؤل الوهمي» يهدف الى إعطاء عون حقنة تخديرية.

وعندما يقال للسنيورة بان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يدفع أيضا نحو انتخاب «الجنرال»، يجيب: الجمل بنية والجمّال بنية…

ويؤكد السنيورة ان «المستقبل» لا يزال حتى الآن ملتزما بترشيح النائب سليمان فرنجية ولم يطرأ أي تغيير على هذا الخيار، لكن إذا استمر الافق مسدودا، من دون ان يستطيع فرنجية او عون اختراقه، فربما يصبح من الضروري حينها التفتيش عن خيار آخر يكون مقبولا، ونحن في هذا الطرح لا نلعب من وراء ظهر مرشحنا فرنجية الذي سبق له أن أكد استعداده للانسحاب في حال جرى توافق وطني على اسم آخر.

الرابية.. متفائلة

تختلف المقاربة البرتقالية كليا للمشهد الرئاسي، وتؤكد مصادر قيادية في «التيار الحر» لـ «السفير» ان هناك بحثا في داخل «المستقبل» حول خيار انتخاب «الجنرال»، ومؤشراته متعددة، ومنها النقاش في الاجتماع الشهير لـ «كتلة المستقبل»، والتصريحات والزيارات العلنية لبعض أعضاء الكتلة، والموقف الاخير للنائب السابق غطاس خوري الذي لم يقفل الباب امام خيار بديل عن ترشيح فرنجية.

وتشير المصادر المقربة من عون الى أن المؤشرات المنبعثة من داخل أروقة «المستقبل» هي مصدر اجواء التفاؤل والتسريبات الايجابية، وليست الرابية التي تواصل التحضيرات للتحرك الشعبي وفق الجدول الزمني المحدد، إذا لم تحمل جلسة 28 ايلول جديدا.

وتلفت المصادر الانتباه الى انه بعد أيلول سيغدو من الصعب جدا تحقيق أي اختراق في الشأن الرئاسي، لان الاولوية ستصبح لقانون الانتخاب مع بداية العقد العادي لمجلس النواب في منتصف تشرين الاول، وإذا لم يتم وضع قانون جديد، يكون لبنان امام المجهول.

وتستبعد المصادر ان يكون الحظر السعودي على انتخاب عون لا يزال ساري المفعول، مستشهدة بالمواقف السعودية التي تنفي وجود «فيتو» على أي مرشح، وبحفل العشاء الذي اقامه السفير السابق علي عواض عسيري ودعا اليه «الجنرال»، إضافة الى ان سمير جعجع الذي تربطه علاقة ممتازة بالرياض يدعم ترشيح «الجنرال». وتضيف المصادر: ربما لبنان ليس ضمن اولويات المملكة وفريقها الحاكم في هذه المرحلة، لكن هذا شيء والقول ان الرياض تمنع انتخاب عون شيء آخر.

وترى المصادر انه بعدما قادت المصادفة أمس الى إعلان نائب الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم ونائب رئيس حزب «القوات» جورج عدوان عن التمسك بدعم ترشيح عون، فانه بات من الواضح ان المشكلة هي عند «تيار المستقبل» وان الحريري معني بمعالجة هذه العقبات والصعوبات التي تواجه فريقه.