بري لا يريد رئيسًا «نصلبه».. وجنبلاط «ينبه» المسيحيين
الحريري ـ عون: لحظة الحقيقة تدنو!
الجميع ينتظر جلسة 28 أيلول، الأربعاء المقبل، برغم أن أحدا لا يتوقع انتخاب رئيس الجمهورية فيها، حتى بات يصح القول في تلك الجلسة إن صيتها أكبر من فعلها.
والأرجح، أن العيون ستكون شاخصة في ذلك اليوم إلى الرابية أكثر منها إلى المجلس النيابي، لرصد رد الفعل البرتقالي على تجاوز المهلة الفاصلة التي كان العماد ميشال عون قد حددها لانطلاق حركة الاعتراض احتجاجا على ضرب الميثاقية، بدءا من الرئاسة.
ولئن كانت عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، أمس الاول، على مسافة أيام قليلة من 28 أيلول، قد فتحت باب التأويلات وأطلقت العنان لمخيلات محبي النهايات السعيدة في الروايات، إلا أنه بات شبه مؤكد أن الحريري لن يمنح أصوات كتلته إلى الجنرال، أقله في الجلسة المقبلة، ما يعني أن عون سيكون أمام خيارَين:
فإما أن يعطي الضوء الأخصر لانطلاق طلائع التحرك الميداني لقواعده بدءا من بعد ظهر الأربعاء المقبل أو صباح الخميس على أن تبلغ كرة الثلج المتدحرِجة حدها الأقصى في 13 تشرين الأول المقبل وفقا للروزنامة التي كانت محددة سابقا.
وإما أن يمدد الفرصة المعطاة للحريري إلى ما بعد 28 أيلول، لـ«مرة واحدة»، إذا كانت توجد لدى الرابية مؤشرات إيجابية تشجع على هذا «التمديد الحميد»، علما أنه كان لافتا للانتباه أن هناك في «التيار الوطني الحر» من قارب عودة الحريري على أساس أنها «عودة الاعتدال».
زوار الرابية خلال الساعات الماضية رصدوا مسحة من الارتياح والتفاؤل في صالون الجنرال، لكنه يبقى مجرد انطباع، لا يستند بعد إلى أي وقائع سياسية صلبة، في انتظار أن يصدر عن الحريري ما يحسم الاجتهادات في شأن حقيقة موقفه النهائي، مع الإشارة إلى أن نواب كتلته كانوا لا يزالون حتى أمس يؤكدون أن خيار انتخاب عون غير وارد.
وتؤكد مصادر «التيار الحر» لـ «السفير» أن خطة التحرك قد أُنجِزت من كل جوانبها، مشيرة إلى أن المباشرة في تنفيذها تنتظر إشارة عون الذي سيتخذ قراره، تبعا لما ستنتهي إليه جلسة الانتخاب التي تشكل الحد الفاصل بين مرحلتَين، مشددة على أن «التيار» كان يعني ما يقول حين وجه مؤخرا الإنذار النهائي المرتبط بمهلة زمنية، «وبالتأكيد نحن لا نلعب…».
بري… و»الطبخة»
وإذا كان «رادار» عين التينة هو الأدق محليا في التقاط الإشارات الرئاسية، فإن «شاشته» لم تلحظ بعد أي تطور نوعي على هذا الصعيد، إذ أكد الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس أنه ما من جديد في الملف الرئاسي، حتى الآن، موضحا أنه سيتواصل خلال الساعات المقبلة مع الحريري.
وسئل عما إذا كانت هناك طبخة رئاسية تُطهى في الكواليس بمعزل عنه، فأجاب: هذا ما يفسر أنهم لم يأكلوا بعد.
وحول دعوة البعض حزب الله إلى الضغط عليه لانتخاب عون، قبل مطالبة الرئيس سعد الحريري بذلك، لفت بري الانتباه إلى أن مرشحه المفضل هو التفاهم الوطني على سلة متكاملة تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب، وفق جدول أعمال الحوار الوطني، وبعدها يهون اختيار الرئيس، مشيرا إلى أنه ما لم نتوصل إلى توافق على هذه السلة، خصوصا في ما يتعلق بقانون الانتخاب، فإن أي رئيس، إن انتخبناه، نكون قد صلبناه.
وفي ما خص مطالبة بعض الأفرقاء بعرض مشاريع الانتخاب على الهيئة العامة للتصويت عليها، ومن ثم اعتماد المشروع الذي يحظى بالأكثرية النيابية، اعتبر بري أن هذا الطرح لا يعدو كونه هرطقة، لافتا الانتباه إلى أنه لا يمكن عرض المشاريع على الهيئة العامة من دون أن تكون قد مرت في مصفاة اللجان النيابية المشتركة. وأضاف: هناك للمناسبة من يطرح عكس ما يضمره، فيرفض قانون الستين علنا ويستعد سرا من الآن لخوض الانتخابات على أساسه.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت توجد فرصة لإعادة إحياء قانون اللقاء الأرثوذكسي، أجاب: سبق أن بُحِث هذا المشروع في المجلس النيابي ولم يمر، وبالتالي انتهى أمره.
«واقعية» جنبلاط
أما النائب وليد جنبلاط، المقيم حتى إشعار آخر في المختارة لأسباب أمنية، فقد أكد لـ «السفير» ضرورة المسارعة إلى تخفيف الضغط على الأمن والليرة من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية «لأن وجود رئيس يؤدي إلى تحريك الوضع وإحداث صدمة إيجابية للبلد وإعادة فتح المؤسسات من دون استثناء».
لكن، وبرغم «فسحة الأمل»، يعتقد جنبلاط أن الرئاسة مؤجلة وفق معطيات اللحظة الراهنة، خصوصا أنه لا أحد في الخارج «فاضي لنا».
وفي حين يحترم رئيس «الاشتراكي» خيار «حزب الله» المتمسك بترشيح ميشال عون علنا، يتساءل عما إذا كان المضمر شيئا آخر، لافتا الانتباه إلى أن موقف الرئيس نبيه بري مغاير وصارح به العماد عون.
ويحرص جنبلاط على إيجاد صيغ توفيقية مع حليفه الحريري، آملا في أن تكون خيارات الأخير قادرة على حماية ما تبقى من رصيده، خصوصا في ظل تخمة الراغبين بوراثته ضمن «تيار المستقبل»، ممن يحاولون المزايدة عليه في شارعه واختراع حيثيات من خلال الخطاب المتطرف.
ويعتقد جنبلاط أن أي بديل عن سعد الحريري سيكون متطرفا، وبالتالي فهو يجد أن هناك مصلحة وطنية عند كل القوى بما فيها «حزب الله»، في حماية خيار الاعتدال الذي يمثله زعيم «تيار المستقبل».
ويعتبر جنبلاط أن تمسك الرئيس بري بالحوار الوطني لا ينبع من الفراغ، «فالرجل يؤكد في كل جلسة التمسك بالطائف، ربما لأنه بات مدركا أن واقعا معينا لا بد وأن يتغير في يوم من الأيام… لا أدري كيف يقارب بعض المسيحيين المسألة، لكن أخشى ما أخشاه أن يؤدي مسار بعض الطروحات إلى أخذ المسيحيين نحو المثالثة بدل المناصفة… عندها مَن سيكون خاسرا غير المسيحي؟»
ويضيف جنبلاط: ما البديل عن الطائف؟ في الدوحة، كان هناك قرار غربي ودولي بانتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، وجاء اتفاق الدوحة، بفعل قوة دفع دولية وعربية… «الآن ما حدا فاضيلنا»، وإذا أطحنا الموجود، سيكون البديل هو المجهول، وأعتقد أن «حزب الله» هو أحرص من غيره على الاستقرار.