Site icon IMLebanon

نصرالله يلاقي الحريري.. ويتحدّى المشككين: جرّبونا

فرنجية «يرمّم» ترشيحه.. وبري «يُنشِد»: كلمات.. كلمات

نصرالله يلاقي الحريري.. ويتحدّى المشككين: جرّبونا

استطاع الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطابه العاشورائي، أمس، وبإطلالة شخصية مباشرة من مجمع سيد الشهداء في الرويس، أن يعيد «كرة النار» الرئاسية الى ملعب الآخرين، بعدما تدحرجت في شوارع الضاحية، خلال الأسابيع الأخيرة، بفعل الضخ المنظّم من بعض القوى السياسية التي صورت «حزب الله» وكأنه غير متحمس للتجاوب مع تحرك الرئيس سعد الحريري، وبالتالي غير راغب ضمناً في وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.

وفي مؤشر الى اقتراب الحريري من لحظة حسم خياره، عُلم أنه توجه ليل أمس الى السعودية، بالتزامن مع دعوة نصرالله الضمنية له بأن يبادر الى نصحها بوقف حربها على اليمن، بدل أن يردّ عليه، كما جرت العادة بعد كل خطاب أو مناسبة لـ«حزب الله»..

وسعى نصرالله الى حماية الفرصة الرئاسية المستجدّة لعون من مفاعيل هجومه على السعودية وإدانته الشديدة للمجزرة التي ارتكبتها قبل أيام في صنعاء، وهو الأمر الذي ترجمه من خلال التمييز بين انتقاده الحاد للرياض وصولاً الى تحذيرها من أن الدم اليمني سيجرفها ما لم توقف العدوان، وبين التفاعل الإيجابي مع مشروع مبادرة الحريري باتجاه «الجنرال».

ومنعا للاجتهاد في تفسير نيات «حزب الله» حيال تطورات الملف الرئاسي، أبدى نصرالله انفتاحا على المسار السياسي الإيجابي الذي أطلقه الحريري، بل هو توجّه الى رئيس «تيار المستقبل»، بلغة متقدمة في مرونتها، إذ قال إن التحوّل الذي يتم الحديث عنه لجهة أن الحريري قد يعلن عن دعمه لترشيح عون، هو تحوّل إيجابي نسانده ونؤيده ونعترف لمن يملك هذا التحوّل بالشجاعة.

وأعطى نصرالله إشارة جديدة الى عدم الممانعة في تولّي الحريري رئاسة الحكومة، عندما لفت الانتباه الى أن ما بين «المستقبل» و«التيار الحر» هو تفاهم وجزء من هذا التفاهم «انتخاب عون كمرشح قوي للرئاسة وفلان كمرشح قوي لرئاسة الحكومة».

وتمكن نصرالله ايضا من تحقيق التوازن بين أولويات حلفائه المتضاربة، معتمداً على مسطرة سياسية دقيقة في رسم مواقفه وترسيم حدودها. بهذا المعنى، نجح «السيد» في التوفيق بين متطلبات حلفائه وخصوصيات العلاقة مع كل منهم، وهو الذي استشعر بوجود محاولة للإيقاع بينهم وبين الحزب:

فقد أكد نصرالله أن «عون هو مرشحنا ونحن أهل الصدق والوفاء والالتزام بالموقف، هكذا كنّا وهكذا سنبقى»، وذهب في التحدي الى الحد الاقصى بقوله إنه عند الامتحان يكرم المرء أو يهان، قاطعاً بذلك الطريق أمام محاولات التشويش على التحالف مع «التيار الحر» أو تشويهه.. كما برّأ «التيار» من تهمة إبرام صفقة ثنائية من تحت الطاولة مع الحريري، واضعاً ما يجري على خط الرابية ـ بيت الوسط في إطار «التفاهم».

وفي الوقت ذاته، ساند «السيد» الرئيس نبيه بري في دعوته الى التفاهمات الوطنية، داعياً ضمناً «الجنرال» الى أن يتفاهم معه كما فعل مع «المستقبل». ولم يفت نصرالله أيضا أن «ينحاز» بوضوح الى جانب بري في المطالبة بفتح أبواب المجلس النيابي امام «تشريع الضرورة» من دون ربطه حُكما بقانون الانتخاب، وكذلك الأمر بالنسبة الى تفعيل العمل الحكومي ودعوة «التيار» للعودة الى مجلس الوزراء مقابل الالتزام بالميثاقية والشراكة.

وتكلم «السيد» بعاطفة سياسية وشخصية عن «حليفنا وعزيزنا سليمان فرنجية»، واصفا ترشيحه بأنه كان عرضاً مشوقاً ومشجعاً، ورافضاً تحميل الحزب وزر الضغط عليه لاقناعه بالانسحاب، ملمحا الى ان المطلوب من الآخرين ان يتحاوروا معه، في إطار التمهيد لانجاز الاستحقاق الرئاسي.

الحريري: خطاب تأجيج الكراهيات

وعلى مسافة أقل من ثلاث ساعات من الخطاب، قال الرئيس الحريري إن السيد نصرالله توقّع أن أردّ عليه في نهاية خطابه «الا انه رد على نفسه بنفسه، وكلامه ينطبق حرفيا على ما تقوم به ايران في سوريا والمنطقة». وأضاف: «أننا أمام خطاب سياسي متوتر، لا وظيفة له سوى تأجيج الكراهيات بين المسلمين وصب الزيت على نيران الحروب العربية»، معتبرا في سلسلة تغريدات بعد مغادرته بيروت، أن «ما سمعناه وما نسمعه منذ سنوات حلقة في مسلسل يسيء للبنان ولعلاقاته مع اشقائه، لكنه لن يكون وسيلة لجر لبنان الى ما تريده ايران وأدواتها».

وقال الحريري إنه «الأجدر بالذين يتباكون على اليمن وشعبها ان يتوقفوا عن المشاركة في تقسيم اليمن وتسعير الحرب الاهلية بين ابنائها، ودعا من يسألون «ماذا تفعل السعودية في اليمن، ليسألوا أنفسهم ماذا يفعلون هم في اليمن وكيف يعطون ايران شرعية تدريب الميليشيات وتسليحها»، وتابع: «ليكفّ هؤلاء عن سفك دماء اليمنيين والسوريين والعراقيين وليكفّوا عن سياسات ضرب الوحدة الاسلامية»، واتهم إيران بأنها «رأس حربة التخريب في سوريا والعراق واليمن وهي المسؤولة عن تسريب السموم المذهبية الى مجتمعاتنا وتهديد وحدتها وعيش أبنائها».

ترتيب الأوراق

ومع انحسار مفاعيل «التغريدة» السعودية الملتبسة التي أظهرت مدى هشاشة الساحة الداخلية وقابليتها السريعة للتأثر بكل شاردة وواردة.. بدا أن الاطراف المحلية المعنية بتوازنات الاستحقاق الرئاسي تحاول تحصين خطوطها الدفاعية والهجومية، في انتظار ان يقول رئيس «المستقبل» كلمته النهائية والرسمية في ما خص ترشيح عون.

هكذا، وفي يوم واحد، أدارت الرابية وبنشعي محركاتهما، وأعطت كل منهما إشارة واضحة الى انها مصممة على الاستمرار في خوض المعركة الرئاسية حتى «الرمق السياسي» الأخير.

فقد جال الوزير جبران باسيل على أحزاب «القومي» و «الديموقراطي» و «الطاشناق»، في إطار السعي الى توسيع نطاق البيئة السياسية الحاضنة لترشيح «الجنرال»، استعدادا لملاقاة الرد الايجابي الذي تنتظره الرابية من بيت الوسط.

بالتزامن، كان فرنجية يصل الى عين التينة ويلتقي بري، حليفه «في السرّاء والضرّاء»، معيدا تنشيط خلايا ترشيحه الذي كان الكثيرون يعتقدون انه دخل في طور «الموت السريري»، بعد انعطافة الحريري نحو الرابية.

ولعل التمهّل الزائد للحريري في حسم خياره رسميا، سمح لمراكز القوى الداخلية في التقاط أنفاسها وإعادة ترتيب اوراقها، بعدما تبعثرت مع عودة رئيس «المستقبل» الى لبنان، متأبطا مشروع مبادرة جديدة قاده الى الانفتاح على خيار عون.

لكن لا يبدو ان خصوم هذا الخيار بوارد الاستسلام، بل هم يُظهرون عند كل فرصة استعدادا للمضي في مقاومته، وهذا ما عكسه بوضوح فرنجية في زيارته الى بري في هذا التوقيت، معبّراً من على منبر عين التينة عما يختلج في أعماق رئيس المجلس النيابي.

والأرجح ان زيارة فرنجية الى بري، في هذه اللحظة، تنطوي على رسائل في اتجاهات عدة، فهو أراد ان يؤكد لعون انه لن ينسحب ما دام هناك نائب واحد يؤيده، وللحريري انه لن يتأثر بامكان تراجعه عن دعمه، ولعل رئيس «تيار المردة» أراد ايضا ان يبلغ نصرالله، قبيل إلقاء كلمته في مجلس عاشوراء،(ليل أمس)، بأنه باق على موقفه.

وأوضح بري امام زواره امس ان النقاش مع فرنجية تركز على الشأن الرئاسي، مشيرا الى ان ضيفه أكد له الاستمرار في ترشيحه.

وردا على سؤال، أجاب بري: ما داموا لم يقبلوا بالسلة الوطنية التي اقترحتها، فلم يعد لدي ما افعله سوى النزول الى مجلس النواب والمشاركة في جلسات الانتخاب، التزاما بالدستور، كما افعل منذ سنتين ونصف تقريبا. وأضاف: البعض تكلم حول تفاهمات يعقدها مع الآخرين، ولا أدري ما الفارق بينها وبين ما أطرحه.. وتابع مبتسما ومستعيرا كلمات أغنية للفنانة ماجدة الرومي:»كلمات.. كلمات»(التفاصيل ص 2و3).