IMLebanon

قهوجي: الجيش يكسر الإرهاب.. ويحمي لبنان من الفتنة

قهوجي: الجيش يكسر الإرهاب.. ويحمي لبنان من الفتنة

التكفيريون يحاربون صقيع «الجرود» بمغامرة جديدة؟

كتب المحرر السياسي:

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السادس والثمانين بعد المئة على التوالي.

لا الفراغ الرئاسي ولا السياسي ولا الفساد الغذائي أو المائي أو الكهربائي ولا العاصفة المستمرة يمكن أن تحجب همّ الأمن المتقاطع مع أزمة سورية تظلل نيرانها حدود لبنان الشرقية والشمالية وصولا إلى العمق اللبناني.

في منطقة عرسال وجرودها، الجمر تحت الرماد. في الشريط الممتد من مجدل عنجر حتى المثلث اللبناني ـــ الفلسطيني ـــ السوري، تكبر المخاوف يوما بعد يوم، خصوصا في ضوء النيات الإسرائيلية التفتيتية من جهة، ومشاريع «المناطق العازلة» من جهة ثانية.

في العمق اللبناني، الأمن ممسوك، خصوصا بعد معركتي طرابلس وبحنين وما تخللهما من رفع للغطاء السياسي عن مجموعات إرهابية كانت تخطط لإشعال الفتنة وتعميمها لبنانيا.

وبرغم الرياح وعاصفة المطر والثلوج وانخفاض درجات الحرارة، أظهرت أعمال الرصد التي تقوم بها وحدات الجيش أن المجموعات الإرهابية في جرود عرسال والقلمون تتحين الفرصة الملائمة لتوجيه ضربة عسكرية جديدة للجيش، غير أن تجربة «عرسال 1» أنتجت معادلات جديدة وظيفتها منع حصول «عرسال 2» والتصدي لتلك المجموعات الارهابية ومنع تمددها نحو العمق اللبناني.

ولقد سجلت وحدات الجيش في منطقة البقاع الشمالي تحركات مكثفة للمسلحين في الأيام الأخيرة، بما فيها محاولات تقدم من جرود عرسال والقلمون نحو بعض التلال القريبة من بلدة القاع البقاعية «وصولا الى خرق الطوق المفروض والوصول إلى بعض القرى البقاعية الحدودية، وهنا تكمن الكارثة إن تمكنوا من ذلك، ولذلك كان قرار الجيش حاسما بمنعهم من تحقيق هذا الهدف مهما كلف الأمر» على حد تعبير مراجع معنية.

الخطر كامن في الجرود

التقييم العسكري لواقع منطقة عرسال يفضي إلى أن الخطر «كامن في الجرود والوضع هناك دقيق جدا»، وأن إجراءات الجيش «نجحت في إقفال خط التواصل ما بين تلك المجموعات الارهابية وبلدة عرسال»، وأن جنرال الصقيع «يمكن أن يدفع هذه المجموعات للقيام بمغامرات دموية»، في ظل تقديرات مفادها أن أعداد المسلحين في تلك المنطقة «تتراوح من ألفين إلى أربعة آلاف مسلح»، وثمة معلومات «عن حركة مسلحين ذهابا وإيابا من الرقة إلى القلمون عبر خريطة انتشار الجيش السوري».

وتبعا لهذا الرصد، تتصرف قيادة الجيش على قاعدة ان المعركة «باتت حتمية مع المجموعات الارهابية»، وأن وحدات الجيش «في وضعية قتالية دائمة»، وأن الخطط تأخذ في الاعتبار بعض دروس «عرسال 1» من دون الخوض في تفاصيلها.

واللافت للانتباه عندما يوجه السؤال الى أحد المعنيين مباشرة بـ«جبهة عرسال» عن إمكان التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري في مواجهة المجموعات الارهابية، يأتي الجواب: «كل شيء يُدرس، والوضع مفتوح على شتى الاحتمالات».

في الوقت نفسه، لا أحد يتوقع أن تنتهي المعركة أو تحسم في منطقة القلمون، وما يخشى منه ليس تلك المجموعات وحسب «بل بعض تجمعات النازحين السوريين وما يمكن أن تحويه من خلايا إرهابية نائمة، يمكن أن تشكل خطرا على العمق الذي يفترض أن يكون آمنا، كما حصل في معركة عرسال الأولى».

الجيش متحفز لأي طارئ

من الواضح أن الجيش اللبناني استفاد من تجربة عرسال الأولى إلى حد أنه وضع لنفسه خريطة طريق عنوانها «ما بعد عرسال ليس كما قبلها»، ووفق هذه الخريطة سار في حربه ضد المجموعات الإرهابية مستفيدا من غطاء سياسي مفتوح وفره له زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس الحكومة تمام سلام، وتمكن بالتالي من تحقيق إنجاز أمني كبير في طرابلس والشمال، كما ينقل عن قائد الجيش العماد جان قهوجي ان «الجيش بعد معركة عرسال ليس كما قبلها، الجيش محصن متماسك وموحد ومتحفز لأي طارئ، ومعركة طرابلس كسرت كل الخلايا الإرهابية وقلبت كل المقاييس، ومكنت الجيش من التحرك بقوة وبحرية في كل المنطقة، وكل الذين قتلوا العسكريين في بحنين صاروا في قبضة الجيش ولم يعد هناك فارون بعنوان «الانشقاق» سوى عسكري واحد».

يؤكد قهوجي أن الجيش أسقط الهدف التفتيتي للبنان الذي كانت تعد له المجموعات الإرهابية لتغيير وجه لبنان، واعتبر أن إلقاء القبض على عماد جمعة، ثم على أحمد ميقاتي ومعاونه قبل أيام قليلة، «شكل إنجازا كبيرا جدا ليس بالمعنى الأمني فحسب، بل بما شكله من إحباط لمؤامرة كان يمكن أن تشعل فتنة سنية ـ شيعية تحرق البلد».

على أن جهوزية الجيش في المعركة التي يخوضها ضد الإرهاب تبقى قليلة الفعالية في غياب السلاح النوعي، وان كان قد تلقى منذ «غزوة عرسال» في 2 آب وحتى الآن أسلحة وذخائر أميركية بقيمة 60 مليون دولار، فإن هبة المليار دولار الموكل صرفها إلى سعد الحريري ما زالت قيد التنفيذ، ولكن من دون تحديد مواعيد لوصول السلاح والأعتدة والذخائر.

أما الهبة السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار للجيش عن طريق الفرنسيين، وبرغم الضجيج الإعلامي حولها والتوقيع الفرنسي ـ السعودي النهائي، فإنها لا تزال حبرا على ورق ولم تدخل حيز الترجمة الميدانية، ولا يعلم الجانب اللبناني شيئا من تفاصيلها سوى أنه يسلّم اللوائح إلى السعوديين، وهم يرسلونها إلى الفرنسيين، ويجري صرف المال مباشرة من دون أن يمر عبر أية قناة لبنانية.

وكما أن لبنان لم يتحمل قبل سنوات قليلة أكلاف صيانة طائرات «ميغ 29» الروسية (الهبة الشهيرة) أو مبيتها ومكملاتها من رادارات أرضية وتدريب طيارين وقطع غيار وغير ذلك، كذلك لا يستطيع أن يتحمل أكلاف طائرات «اف 16» أو غيرها من الطائرات الحربية غير المعروضة عليه أصلا، لذلك، فإن ما يريده الجيش «هو حصر السلاح الذي يمكنه من حماية الحدود من الخطر الاسرائيلي وخطر الإرهاب التكفيري وكذلك حماية الداخل ومنع العبث بأمنه، ولذلك، تم اختيار الطائرات المقاتلة الصغيرة الحجم، وقد تصل 6 طائرات أميركية «سوبر توكانو» وهي من النوع المستخدم من قبل الجيش الأميركي، وثمة برنامج لدى الجيش للحصول على 18 مروحية أميركية، 12 منها مستعملة بسعر مخفض و6 جديدة».

واللافت للانتباه في هذا السياق أن الحماسة اللبنانية للسلاح الروسي تراجعت لاعتبارات عدة، منها الكلفة العالية، سواء لتحديث المروحيات المستعملة التي تردد أن الجانب الروسي سيقدمها للجيش وقد صرف النظر عنها، أو لتحديث دبابات الـ»ت 72» التي يرغب الجيش بأفضل منها كونها أصبحت من الجيل القديم، وكل هذه الأمور ستكون موضع بحث مع وفد عسكري لبناني سيزور موسكو الأسبوع المقبل، علما أن وفدا عسكريا مماثلا كان قد زار العاصمة الروسية في أيلول الماضي للغاية نفسها.