ماذا كشفت التحقيقات مع أمهز؟
تسارع إيقاع مفاوضات تأليف الحكومة أمس، وبدا أن «الهيكل العظمي» لمجلس الوزراء قد اكتمل، في انتظار أن يكتسي بـ «اللحم الوزاري» الحي خلال الساعات المقبلة.
وأعطت زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري للرئيس ميشال عون ليل أمس إشارة واضحة الى ان طبخة التأليف بلغت مرحلة متقدمة، وانها اقتربت من لحظة إنضاجها، بعد أن تُستكمل مقاديرها الدقيقة و «رشة» الملح السياسي عليها.
وقد حمل الحريري معه الى قصر بعبدا مسودة تشكيلة وزارية، تضمنت التوازنات والأحجام النهائية التي ستستقر عليها الحكومة، فيما يبقى توزع الحقائب قابلا للأخذ والرد حتى اللحظة الاخيرة، أما أسماء الوزراء فسيُترك لكل طرف سياسي أن يختار من يمثله طبقا لحصته من الحقائب، علما ان هناك أسماء باتت من الثوابت.
وكان لافتا للانتباه ان عون ألغى مواعيد له قبل ظهر اليوم، الأمر الذي أوحى بإمكان صدور مراسيم الحكومة هذا النهار، ما لم تطرأ أمور غير محسوبة، فيما رجح مطلعون على مسار المفاوضات أن تولد الحكومة في نهاية الاسبوع.
حقيبة «المردة»
وبينما باتت عقدة «القوات اللبنانية» قابلة للحلحلة، علمت «السفير» أن مبدأ حصول «تيار المردة» على حقيبة أساسية بات محسوما وان النقاش انتقل الى التفاصيل، خصوصا ان هناك نوعية معينة من الحقائب الاساسية لا يحبذها النائب سليمان فرنجية، وبالتالي فإن التفاوض معه يتركز على تحديد طبيعة الوزارة التي ستؤول الى تياره، علما أن هناك مسعى لتجيير «الطاقة» الى بنشعي، لكن البت في هوية الحقيبة يتوقف على ما ستنتهي اليه ورشة الضم والفرز، لـ«العقارات الوزارية».
وأكدت مصادر مقربة من «المردة» لـ«السفير» أن الامور على طريق الحل في وقت قريب، مشددة على أن ثنائي «حركة أمل» ـ «حزب الله» يدعم بقوة مطلب فرنجية وأن الرئيس الحريري حريص بدوره على مشاركة «المردة» في الحكومة.
وفيما يصر «الثنائي الشيعي» على منح «المردة» حقيبة أساسية، الى حد ربط المشاركة في الحكومة بحصول فرنجية على مطلبه، لا تزال «القوات» تحاول الحؤول دون إعطاء حقيبة وازنة لـ«المردة»، معتبرة أن ما يطالب به يتجاوز حجمه السياسي والنيابي.
حلحلة «قواتية»
على مسار آخر، أبلغت مصادر مواكبة للمفاوضات الحكومية «السفير» أن الاجتماع الذي عقد أمس في وزارة الخارجية بين كل من الوزير جبران باسيل والنائب ابراهيم كنعان ومسؤول الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم رياشي استكمل مناقشة العرض المقدم لـ «القوات» والمتعلق بحصولها على موقع نائب رئيس الحكومة وحقيبتين وزاريتين أساسيتين، في مقابل تخليها عن الحقيبة السيادية.
ولفتت المصادر الانتباه الى أن الامور لم تنته بعد 100 في المئة، ولا يزال هناك أخذ ورد على مستوى الحصة المسيحية والعقد ليست محصورة في مكان واحد.
وأوضحت المصادر أن صيغة الاتفاق النهائية مع «القوات» تتوقف على ما ستنتهي اليه مفاوضات الحريري مع كل من «الكتائب» و «المردة»، لتتم بعد ذلك ذلك «جوجلة» نهائية وحاسمة للحقائب وكيفية توزعها، لكنْ إجمالاً، هناك تقدم في المشاورات مع معراب ضمن الاتجاه المحدد.
ووفق ما أقفلت عليه بورصة التوزير البارحة، بقيت الأرجحية لتولي غسان حاصباني منصب نائب رئيس الحكومة وابراهيم نجار «العدل» وملحم رياشي «الإعلام» عن «القوات»، فيما استمر التداول باسم الياس بوصعب لوزارة الدفاع التي ستكون من حصة رئيس الجمهورية.
«صحة» جنبلاط
وغداة مطالبة النائب وليد جنبلاط بالحصول على حقيبة «الصحة» بدل الشؤون الاجتماعية، قالت أوساط قيادية في «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ «السفير» إنه عندما عُرضت «الشؤون الاجتماعية» على النائب وليد جنبلاط، ظن للوهلة الاولى انها خيار مناسب، مستندا الى التجربة السابقة لوائل ابو فاعور فيها قبل بضع سنوات، ولكن تبين انها تفتقر الآن الى الإمكانيات، ويبدو أن رشيد درباس عانى من هذا الوضع، فارتأى جنبلاط الاحتفاظ بوزارة الصحة التي أثبت ابو فاعور من خلالها أنه للجميع، وهذا ما سيكون عليه مروان حمادة ايضا.
وأكدت الاوساط ان جنبلاط لا يريد أن يتسبب بأي زعل مع الرئيس سعد الحريري، ولكن هذه حكومة العهد الجديد، ويجب أن تنطوي على حد أدنى من الإنصاف، وإذا كانت الحقائب السيادية تقتصر على الرجال العظام في هذه الدولة، فلا بأس أن يُعطى الدروز حقيبة خدماتية، كالصحة التي أدارها الحزب التقدمي بكفاءة.
وتابعت الأوساط: صحيح أن الدروز هم طائفة صغيرة في هذا النظام الطائفي، ولكن ذلك لا يعني أن تتم التسويات الحكومية على حسابهم.
وردا على سؤال عما إذا كان المقعد الدرزي الثاني سيبقى ضمن حصة جنبلاط أم سيؤول الى النائب طلال ارسلان، أكدت أوساط «التقدمي» أن المقعدين سيكونان لكل من مروان حمادة وأيمن شقير، مشددة على أن جنبلاط وارسلان واحد، وسيستمران معا، وتعاونهما لا يتوقف على حقيبة وزارية. ولفتت الاوساط الانتباه الى أن تركيبة الـ24 وزيرا فرضت هذه المعادلة في التوزيع الدرزي، بينما كان بالإمكان ان يتمثل ارسلان في تشكيلة الـ30 وزيرا التي لم تُعتمد.
ملف أمهز
على صعيد آخر، وفي أقلّ من 24 ساعة، أنهت «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الدّاخلي تحقيقاتها مع الموقوف كامل أمهز، وأحالته إلى المحكمة العسكريّة، حيث بات ليلته الأولى في نظارة المحكمة بعدما ادّعى عليه معاون مفوّض الحكومة في «العسكريّة» القاضي فادي عقيقي.
وعلمت «السفير» أنّ ملفّ أمهز يتمحور حول التهرب الجمركي وجرم إعطاء الرشى إلى عناصر أمنية تمّ القبض عليهم أثناء تهريبهم حقيبتي مخدّرات (لا تعودان لأمهز)، واعترفوا خلال التحقيقات معهم بأنّهم يعملون في إدخال معدّات إلكترونية وأجهزة خلوية لأمهز.
وعلى ضوء هذه الإفادة، ادعى عليه عقيقي بالجناية المنصوص عنها بالمادة 352 والتي تصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة المؤقتة من 3 سنوات إلى 15 سنة. ويمكن منحه أسباباً تخفيفيّة لتصل إلى سنة واحدة (وممكن أيضاً تغيير الوصف الجرمي من جناية إلى جنحة). ثمّ حوّل الملفّ إلى قاضي التّحقيق العسكريّ الأوّل القاضي رياض أبو غيدا.
ووفق المعلومات، فإنّ ملفّ أمهز يبدو كبيراً وقد وصل إلى قلم أبو غيدا الذي سيطلع على الملفّ اليوم ويعين جلسة قريبة للاستماع إلى أمهز بحضور محاميه قبل إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه أو تركه.
أمّا الملفّ الثاني، فقد وصل بعد ظهر أمس إلى مكتب المدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم الذي كان قد خرج من مكتبه، على أن يطلع على الملفّ اليوم أيضاً، ليدّعي على أمهز بجرم التهرّب من الضرائب والرسوم الجمركية، على الأغلب.
ويعتقد بعض المعنيين أنّه من الممكن أن يتوسّع ملفّ أمهز في «العسكريّة»، لتكرّ سبحات التوقيفات لعدد من الضباط والعسكريين المتورطين بجرم التماس رشى والقيام بعمل غير شرعي أثناء الوظيفة.
في المقابل، يؤكّد مقربون من أمهز براءته، مشيرين إلى أنّ العسكريّ الذي ضبط يهرب المخدّرات وأعطى إفادته ضدّه هو من بلدته ولكن لا تواصل بينهما منذ سنوات، بل على العكس هناك خلافات كبيرة من جراء الانتخابات البلدية في العام 2010، وقدّمت عائلته طعناً بالانتخابات السابقة. وبالتالي يشدّد هؤلاء على أنّه يلفّق هذه التّهم انتقاماً من أمهز.
وفي سياق متصل، تمكّنت زوجة أمهز ز. ف. من مواجهته وإحضار بعض الحاجيات، أمس، في «العسكريّة» وبوجود عناصر من الشرطة بعدما حصلت على إذن خطي من عقيقي.