Site icon IMLebanon

ملف العسكريين: «تكتّم» لا يحجب سوء الإدارة

لماذا حذّرت واشنطن رعاياها من التوجه إلى لبنان

ملف العسكريين: «تكتّم» لا يحجب سوء الإدارة

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع والثمانين بعد المئة على التوالي.

فرضت العاصفة المناخية إيقاعها على الحياة اليومية للمواطنين، وانعكست برودة على المشهد السياسي في انتظار المواقف التي سيعلن عنها الرئيس سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية اليوم، سواء حيال الملف الرئاسي أو الحوار مع «حزب الله»، وسط توقعات بأن يبدي مرونة إزاء مبدأ الحوار وجدول أعماله المفتوح.

وغداة تأكيد قائد الجيش العماد جان قهوجي، عبر «السفير» أمس، ان الجيش يكسر الإرهاب ويحمي لبنان من الفتنة، حذرت الخارجية الأميركية رعاياها أمس، في موقف لافت للانتباه، من التوجه إلى لبنان «بسبب المخاوف من عمليات إرهابية»، ما دفع إلى التساؤل حول ماهية المعطيات التي تملكها واشنطن وجعلتها تطلق التحذير في هذا التوقيت بالذات، وعما إذا كانت قد وضعت الدولة اللبنانية في صورة ما لديها.

أما قضية العسكريين المخطوفين، فقد ازدادت سخونة في الساعات الماضية، مع تلويح الأهالي بتصعيد كبير، قد يفضي الى إقفال مداخل العاصمة، بدءا من يوم غد، وذلك غداة نجاح «حزب الله» في تحرير أحد أسراه لدى «الجيش السوري الحر»، بالترافق مع طرح تساؤلات حول سبب تمكن الحزب من تحرير أحد مقاتليه، وإخفاق الحكومة حتى الآن في استعادة الجنود والعناصر الامنية لدى «داعش» و«النصرة».

ومن دون تجاهل الفوارق بين ملفي عماد عياد والعسكريين المخطوفين، بدا واضحا ان الإنجاز الذي حققه الحزب، أعاد طرح إشكالية مزمنة تواجه قضية العسكريين، وتتصل بالدرجة الأولى بإدارة دفة التفاوض لبنانيا في ظل تعدد «الطهاة».

وقد أدى سوء الادارة لهذا الملف الى ظهور مقاربات متباينة، داخل الدولة ذاتها، لنمط المعالجة المطلوبة، تراوحت بين الدعوة الى التشدد في التعامل مع الخاطفين عن طريق استخدام أوراق القوة الموجودة بحوزة لبنان، ومن بينها قطع الإمدادات عنهم في إطار الضغط عليهم لإبرام صفقة تبادل واقعية، وبين تفضيل خيار التساهل معهم تموينيا ولوجستيا، وبالتالي استخدام سياسة الجزرة للوصول الى إطلاق سراح العسكريين أو منع تصفيتهم!

وإذا كانت «الامانة العامة لفريق 14 آذار» قد انتقدت تفرد «حزب الله» بالتفاوض من خارج إطار الدولة اللبنانية، فإن الوزير الكتائبي سجعان قزي لم يتردد في المطالبة بإناطة ملف تحرير العسكريين بالحزب، ما دام قد نجح في استعادة أسيره، وهو الأمر الذي علق عليه مصدر بارز في «قوى 8 آذار» بالقول لـ«السفير»: بالتأكيد، لو كُلف الحزب رسميا بمتابعة هذه القضية، لكانت قد وصلت الى نهاية سعيدة!

وقالت أوساط مطلعة على مسار التفاوض غير المباشر الذي حصل بين «حزب الله» و»الجيش الحر» ان ما حصل «ليس انتقاصاً من الدولة كما جاء في بيان «قوى 14 آذار» أمس، لأسباب عدة، أولها أن أسر مقاتل الحزب عماد عياد، ومن ثم ضابطي «الجيش الحر» حصل داخل الاراضي السورية وتحديدا في عسال الورد في القلمون، وثانيها لان عملية التبادل تمت أيضا في الداخل السوري وليس على الاراضي اللبنانية».

واعتبرت الاوساط ان تجربة «حزب الله» يجب ان تكون دافعا للدولة الى توقيف عناصر من «داعش» و»النصرة» و»الجيش الحر» بهدف التفاوض والمقايضة عليهم، وليس لإحالتهم الى المحاكمة وسلوك المنحى القضائي الذي يستغرق وقتا طويلا ويُصعّب آليات التفاوض والتبادل.

وأشارت الأوساط الى ان الحزب تمكن من وضع سقف محدد للتفاوض وهو الإفراج عن أسيرين لديه في مقابل الأسير الذي كان موجودا لدى «الجيش الحر»، وبالتالي فإن الدولة مدعوة ايضا الى وضع سقف تفاوضي، وتحرير هذا الملف من بازار التجاذبات والعروض غير المنطقية.

ودعت الأوساط الدولة الى استخدام أوراق القوة الموجودة لديها وتوظيفها في الضغط على الخاطفين، ومنها ما يتعلق بمنع وصول المازوت والمواد التموينية اليهم.

وفي سياق متصل، قال الرئيس نبيه بري في «لقاء الاربعاء النيابي» تعليقا على عملية إطلاق الأسير عياد «اننا نملك أوراق قوة عدة لإطلاق العسكريين المخطوفين لدى داعش والنصرة»، وشدد على « ضرورة اعتماد السرية في المفاوضات الجارية».

خلية الأزمة

وعقدت خلية الأزمة الوزارية المكلفة متابعة ملف العسكريين المحتجزين، أمس، اجتماعا في السرايا برئاسة الرئيس تمام سلام، تابع خلاله المجتaمعون تطورات الملف وآخر المعلومات المتوافرة حوله، وأعطى سلام توجيهاته للمتابعة وفق المعطيات الجديدة، مع ما يتطلبه الأمر من تحفظ على الإعلان عن الخطوات والإجراءات المتبعة، بما يضمن الوصول إلى النتائج المرجوة.

وأكدت مصادر وزارية لـ»السفير» ان سبب التكتم على مداولات اللجنة هو ضمان نجاح المساعي، خصوصا ان تجارب تحرير مخطوفي «أعزاز» وراهبات معلولا وتحرير «حزب الله» أحد عناصره، أثبتت ان التكتم يشكل سر نجاح المفاوضات.

وأكدت المصادر ان الوسيط القطري (أحمد الخطيب) يعمل بهدوء، لكن لا يمكن التكهن بالنتائج التي يمكن أن تتأثر بتطورات المنطقة، مشيرة الى ان هذه التطورات قد تساهم الى حد بعيد في عرقلة الملف أو في تسهيله.

في هذه الأثناء، تشير المعلومات الى أن الموقوف السوري عماد جمعة فقد الأمل بأن تؤدي المفاوضات الى الإفراج عنه، وبدأ يطلب إحالته الى المحاكمة لأن الإفراج عنه عبر القضاء المختص سيكون أسهل من انتظار المفاوضات التي يعتبرها «مجرد تضييع وقت».

وأبلغ جمعة عددا من المحامين أن الخاطفين ضاقوا ذرعا من الأخذ والرد غير المجدي، مشيرا الى أنه إذا كانت الدولة تريد أن تكسب الوقت للضغط على الخاطفين بالصقيع وتساقط الثلوج، «فإن للخاطفين منازل عدة تتوافر فيها التدفئة والمحروقات والغذاء، وهم قادرون على تحمل كل العوامل المناخية من دون أي مشكلة».