Site icon IMLebanon

بري «يفعلها»: «الأشغال» لفرنجية.. هل يوافق «التيار»؟

خلط لأوراق الحكومة يسهّل مهمة رئيسها.. ويحرج «القوات»

بري «يفعلها»: «الأشغال» لفرنجية.. هل يوافق «التيار»؟

إذا صدقت النيات وإذا كانت الحكومة ضرورة لا ترفا وإذا كانت هناك إرادة سياسية جدية بأن ينطلق العهد «المُهجَر» حاليا في «القصر»، وإذا انتفت «المؤامرة» ومعها «راجح»، يصح القول إننا أمام أيام لا بل ساعات حاسمة قد تولد معها أو خلالها حكومة سعد الحريري الثانية!

بعد جهد جهيد، «اهتدى» الرئيس المكلف سعد الحريري مساء الجمعة الماضي إلى عين التينة. طلب «مساعدة صديق»، فقال له رئيس المجلس «أنا مستعد لمؤازرتك فعلا لإنجاز التأليف»، لكنه قرر، في الوقت نفسه، اعتماد مبدأ «الضرورات تبيح المحظورات»، وهو المبدأ الذي ساعد قبل ذلك في ولادة أكثر من حكومة ولا سيما حكومة نجيب ميقاتي الثانية في عام 2011، عندما قرر رئيس المجلس التنازل عن مقعد شيعي حكومي من أصل المقاعد الستة في تلك الحكومة الثلاثينية، لمصلحة فيصل كرامي، أي بجعل المقاعد السنية سبعة بدلا من ستة، في سابقة لم تشهدها كل حكومات ما قبل الطائف وما بعده، لجهة تساوي الحصص الشيعية والسنية.

على هذا الأساس، تواصل بري مع رئيس «تيار المردة» غداة اللقاء الذي حصل بينه وبين الحريري، وتوافقا على لقاء يعقد في عين التينة بعد ظهر يوم أمس.

استشعر بري في هذه الأثناء، وخصوصا بعد عملية جسّ نبض في أكثر من اتجاه سياسي، بأن حصول «تيار المردة» على وزارة سيادية قد يكون أهون من حصوله على حقيبة «التربية»، فقرر أن «يلعبها» على طريقته بعدما نال الضوء الأخضر من الحريري: فلتكن وزارة الأشغال من حصة فرنجية الذي كان قد أبلغ الرئيس المكلف بأنه قرر أن يسمي هذه المرة عن «المردة» المحامي يوسف فنيانوس وزيرا.

غير أن رحلة فرنجية من بنشعي إلى عين التينة، تخللتها محطة بروتوكولية في بكركي، كان يراد لها أن تكون بمثابة تحية إلى بطريرك الموارنة الكاردينال بشارة بطرس الراعي الذي كان قد أسرّ أمام معاونيه يوم الخميس الماضي بعد مغادرته قصر بعبدا أنه مستعد للتحرك لتحقيق المصالحة بين عون وفرنجية «ولو اقتضى الأمر أن أمسك زعيم زغرتا من يده وأرافقه إلى القصر».

كما أبلغ الراعي معاونيه أنه مستعد للتضحية بالبروتوكول والشكليات صونا للجمهورية ومقام الرئاسة الأولى وفي سبيل تعزيز التضامن المسيحي أولا والوطني ثانيا.

بالأمس، شكر فرنجية الراعي على مبادرته وحرصه وعلى كل ما قام ويقوم به في سبيل وحدة الموارنة، لكنه بدل أن يخطو خطوة لرأب الصدع بينه وبين الرئاسة الأولى، أغضب الأخيرة، وبات منسوب أزمة الثقة أعلى من الجدران المرتفعة بينهما، وبالتالي، ذهبت محطة «أو. تي. في.» في مقدمة نشرتها الإخبارية ليلا الى القول إن فرص التأليف أو العودة الى نقطة الصفر باتت متساوية في ضوء ما صدر عن فرنجية.

ومثلما كانت بكركي معنية بأن توضح لبعبدا أنها غير مسؤولة عن مواقف زعيم «المردة» وأنها كانت تريد للأمور أن تنحو منحى إيجابيا، فإن فرنجية، وبعد أن فاز بجائزة «وزارة الأشغال»، جعل نفسه مدينا بالسياسة لرئيس المجلس قبل غيره من «المؤلفين» في ضوء «التخريجة» التي أعطته حقه مع «حبة مسك». لم يكتف بذلك، بل قال إنه مطمئن لموقف الحريري، لكنه ينتظر تفهما مماثلا من رئيس الجمهورية.

ومن عين التينة، توجه فرنجية مباشرة إلى بنشعي، تاركا للمعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل متابعة التفاصيل في ضوء التفويض الممنوح من قيادة «حزب الله» و «المردة» لبري في ملف التأليف، فضلا عن إبداء الحريري انفتاحه على أي مخارج تساعد في الإفراج عن حكومته.

وبالفعل، توجه علي حسن خليل من عين التينة إلى «بيت الوسط» ووضع الحريري في أجواء اللقاء مع فرنجية، متمنيا عليه أن يكون هذا المخرج إيذانا بولادة قريبة للحكومة، وخصوصا أن الرئيس بري أبدى تساهلا في موضوع الحقيبة الثانية (العمل أو الزراعة).

ولكن مناخ «بيت الوسط» كان يشي بأن الأزمة ما زالت مستمرة في ضوء ما تبلغه الحريري عبر جبران باسيل فور إعلان تنازل بري عن «الأشغال» لفرنجية، خصوصا أنه جاء بعد وقت قصير من تصريح رئيس «تيار المردة» وما تضمنه من إساءة لمقام الرئاسة الأولى!

وبدا أن هناك من يريد للاعتراض أن يكون أشبه بلعبة «البلياردو»، فيأتي الاحتجاج من «القوات» على تنازل بري عن حقيبة «الأشغال»، لا من «التيار».

واستباقا لأي عرقلة، تعمّد الرئيس بري أن يردد ليل أمس، أمام زواره، أن الأجواء المحيطة بملف تشكيل الحكومة إيجابية جدا، «ومن جهتي، انتهى التأليف بنسبة 99 في المئة، ولو أن الأمر يعود إليّ لكانت صدرت مراسيم تشكيل الحكومة اليوم (أمس)».

وأضاف: «أنا تنازلت عن حقيبة «الأشغال» لمصلحة النائب فرنجية الذي وقف معنا واتخذ مواقف مشرفة وساهم بطريقة أو بأخرى في وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية».

وشدد بري على أن هذا التنازل (عن الأشغال) يخدم أساسا مصلحة البلد ومصلحة تسهيل ولادة الحكومة بأسرع وقت ممكن، واعتبر أنه وفى بوعده للحريري بمؤازرته «وها أنا أقرن القول بالفعل»، كما قال ليل أمس.

وأوضح بري أنه لم يطلب في مقابل «الأشغال» حقيبة أساسية محددة «ولم أحاول أن آخذ من الحصص المثبتة للآخرين وكذلك لم أطالب بحقيبة «التربية» حتى لا أحرج غيري».

في موازاة ذلك، وبينما كان البعض يلمح إلى أن خيار الحكومة الثلاثينية موضوع على بساط البحث، أوفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «الوزير الافتراضي» ملحم الرياشي، مساء أمس، للاجتماع بالحريري وخرج من اللقاء للقول إن «الأجواء دائما جيدة وممتازة مع دولة الرئيس الحريري».

ومن «بيت الوسط»، توجه الرياشي مجددا إلى معراب، حيث أطلع جعجع على محصلة الاجتماع مع الحريري، فيما كانت خطوط التشاور، في موازاة ذلك، مفتوحة بين معراب وقيادة «التيار الوطني الحر»، وأفضت المداولات حتى ساعة متأخرة ليلا عن وجوب إجراء قراءة «قواتية» متأنية للاعتبارات التي أملت بعض التعديلات على مسودة التشكيلة التي كان قد سلمها الرئيس المكلف لرئاسة الجمهورية عشية عيد الاستقلال.

وليلا أوفد الحريري غطاس خوري إلى معراب حيث التقى جعجع مطولاً من دون أن ترشح أي معلومات عن الموقف النهائي لـ«القوات» التي كانت قد تلقت عرضا بحصولها على ثلاث حقائب هي: نائب رئيس الحكومة، وزارة الاعلام، وزارة الصحة (أو ما يعادلها)، فضلا عن إسناد حقيبة لحليفها الكاثوليكي ميشال فرعون.

بعد اللقاء، مع جعجع في معراب بحضور الرياشي قال خوري: «الوقوف على رأي الدكتور سمير جعجع بالتشكيلة الحكومية هو أساس والكل يعلم أن الرئيس الحريري متشبث بالتفاوض مع الدكتور جعجع وبأن يكون هناك اتفاق بشأن الحكومة، وان لا يكون هنالك حكومة طرف أساسي مثل القوات اللبنانية خارجها».

الجدير ذكره أن «التيار الوطني الحر» اعتبر أكثر من مرة أنه ضحّى من حصته وعلى الآخرين أن يضحّوا مثله لا بل ألمح إلى أن «كل حقوق الرئيس بري ومطالبه قد تأمنت، فإذا أراد أن يمنح «تيار المردة» حقيبة وازنة، فليمنحه إياها من حصته لا من حصص الآخرين»!

موفد أميركي في بيروت

من جهة ثانية، قالت مصادر رسمية لـ «السفير» إن مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون ستصل إلى بيروت في الساعات المقبلة، للقاء كبار المسؤولين اللبنانيين والتباحث معهم في ملفات لبنانية وإقليمية.