IMLebanon

ملف العسكريين: الإمرة للفوضى..

بري يستضيف الحوار: فرص النجاح متوفرة

ملف العسكريين: الإمرة للفوضى..

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم التاسع والثمانين بعد المئة على التوالي.

هذا العداد مرشح لأن يصبح شهرياً وربما سنوياً في ظل مؤشرات راهنة ومستقبلية لا تشي بتوافق قريب على مرشح رئاسي توافقي.

يعني ذلك أن «حكومة الـ24 رئيساً» مرشحة لأن تملأ الفراغ طويلا، ومن هنا، يمكن قراءة مواقف الرئيس سعد الحريري بالذهاب إلى حوار غير مشروط مع «حزب الله»، لن يناقشا فيه لا المحكمة ولا سوريا ولا السلاح، بل فقط «الرئاسة» من دون الخوض في الأسماء، أنها إشارة واضحة إلى تواضع النتائج المرجوة من الحوار، وعدم وجود أوهام لدى الطرفين بإمكان التفاهم على مرشح توافقي، في ظل الاحتدام الإقليمي والداخلي.

هذا الحوار يحدد الرئيس نبيه بري ساعته الصفر بعد تسلمه اقتراحاً رسمياً من كل من «تيار المستقبل» و«حزب الله» بشأن مسودتي جدول الأعمال، وهو عرض أن تستضيف عين التينة انطلاقته الأولى، برعاية مشتركة مع النائب وليد جنبلاط.

ومن المقرر أن يتمثل «حزب الله» بالمعاون السياسي لأمينه العام الحاج حسين الخليل و«المستقبل» بكل من نادر الحريري بصفته مدير مكتب الرئيس سعد الحريري وجمال الجراح (أو اسم آخر) بصفته ممثلا للرئيس فؤاد السنيورة على الطاولة نفسها.

الصورة الحوارية بذاتها، بمعزل عن النتائج، مفيدة بحسب الحريري و«حزب الله» للبلد «ومن شأنها أن تساهم في تنفيس الاحتقان السني الشيعي»، وبالتالي إطالة عمر حكومة ملء الفراغ الطويل برئاسة تمام سلام.

ومن نافل القول أن «التحالف الرباعي» الذي نادى به سعد الحريري، بطريقة غير مباشرة، أمس الأول، فعل فعله في المجلس الدستوري، برده الطعن العوني بالتمديد النيابي «للحيلولة دون التمادي في حدوث الفراغ في المؤسسات الدستورية»، وبالتالي تكريس التمديد لسنتين وسبعة أشهر، بوصفه «أمراً واقعاً»، الأمر الذي يحمل في طياته تشجيعاً للنواب الذين تسببوا بالفراغ الرئاسي، بأن يتوغلوا في ذلك، لعله يشكل وصفة تمديد أبدية لمجلس النواب!

وقد وصف الرئيس بري موقف الحريري الحواري بأنه «جيد»، وقال لـ»السفير» انه «جاء ليؤكد ما سبق أن أعلنته حول جدول الأعمال وضرورة وضع سلاح المقاومة والملف السوري جانباً لصعوبة التفاهم حولهما».

واعتبر بري أن الأفكار الحوارية التي طرحها الحريري واقعية، لا سيما لجهة وجوب احتواء الفتنة المذهبية ـ وهذا ما يريده أيضا السيد حسن نصرالله ـ وايضا موضوع الأمن في البقاع ومبدأ الرئيس التوافقي من دون الخوض في الأسماء، وأوضح أن الحوار يملك فرصاً للنجاح لأنه سيتناول مسائل قابلة للأخذ والرد وبالتالي لإمكان التفاهم عليها.

ولفت بري الانتباه الى أنه من حيث المبدأ يدفع باتجاه جمع الفريقين، وجهاً لوجه، ليخوضا الحوار بمفردهما، «لكن اذا طلبا مني التدخل لاحقا فأنا جاهز»، مكرراً أنه لا يمانع حصول الحوار في عين التينة.

قضية العسكريين المخطوفين

في هذا السياق السياسي، باتت قضية العسكريين المخطوفين، التي ستدخل بعد أيام قليلة شهرها الخامس، تشكل عنصراً ضاغطاً على المشهد السياسي ـ الأمني، لا بل على الوضع الحكومي، خصوصا في ضوء التباين الذي ظهر إلى العلن، أمس، بين موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق مدعوما من رئيس الحكومة تمام سلام، برفض إقفال الطرق، وموقف النائب وليد جنبلاط الذي تضامن مع الأهالي، واصفا محاولات قمعهم بأنها «معيبة»، وتمنى الوزير وائل أبو فاعور لو أن الدولة اعتمدت القوة لتحرير العسكريين بدل استعمال البطولة الوهمية ضد الأهالي!

وان دلت مجريات قضية العسكريين في الساعات الأخيرة، على شيء، فإنما على وجوب إعادة النظر جذرياً بإدارة الملف سياسيا وتقنيا. فقد شكل تهديد «النصرة» بإعدام العسكري علي البزال، إذا لم يُفرج عن الموقوفة جمانة حميد في غضون 8 ساعات، مبررا لقطع أهالي العسكريين أحد شرايين العاصمة، قبل أن تتدخل قوى الأمن وتفرقهم على قاعدة «أننا لا نعمل عند الخاطفين»، كما قال المشنوق، في معرض الرد على تجاوب الأهالي مع كل طلب يطلبه منهم الخاطفون!

وبينما كان الأهالي يتواصلون مباشرة مع «داعش» و»النصرة»، كانت زوجة البزال تطلب من الشيخ مصطفى الحجيري (أبو طاقية) أن يتوجه إلى جرود عرسال لثني «النصرة» عن قرار إعدام زوجها.

وفي الوقت نفسه، تواصل وزير الصحة مع الأهالي والحجيري والخاطفين، وتمكن المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم من «إلقاء القبض هاتفيا» على الموفد القطري أحمد الخطيب في الدوحة، وتلقى منه وعدا بالتوجه فورا الى لبنان بعد انقطاع طويل «عن السمع». كما نجح إبراهيم في التواصل مع «وسيط جديد» على صلة بـ«النصرة» توجه فورا الى جرود عرسال وحصل على وعد أولي من الخاطفين بتجميد قرار إعدام البزال، علما أن وكالة «الأناضول» سربت أن «النصرة» لم تتراجع عن قرار إعدام البزال، وهو الأمر الذي أكدته زوجة البزال نقلا عن الحجيري.

وفي ساعة متأخرة من ليل أمس، وبعد تواصل بين الخاطفين ووزير الصحة، أصدرت الحكومة اللبنانية البيان الآتي:

«في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة، فإنها تؤكد سعيها الجاد والحثيث لحل موضوع العسكريين عبر التفاوض الجدي المباشر والفوري مع الخاطفين، ووقف أي عمل قد يطال حياة العسكريين وسلامتهم».

وعلمت «السفير» أنه في ضوء هذا البيان، أبلغت «جبهة النصرة» الوسطاء بأنها قررت تجميد إعدام العسكري البزال.

ولوحظ أن بيان الحكومة تحدث عن «تفاوض مباشر جدي وفوري»، الأمر الذي يطرح علامة استفهام حول الوساطة القطرية وأي وساطة أخرى غير مباشرة.

وفي تطور لافت للانتباه، طالب «الجيش السوري الحر» قائد الجيش العماد قهوجي بإطلاق خمسة من عناصره أوقفوا في لبنان مؤخرا «ومعاملتهم كلاجئين ومنع تسليمهم إلى السلطات السورية أو «حزب الله»، وأشار «الحر»، في رسالته التي حصلت «السفير» على نسخة منها (تاريخ 27 تشرين الثاني)، إلى أن هؤلاء الخمسة ينتمون إلى «لواء وأعدوا»، واعتُقلوا في شتورا في 16 تشرين الثاني الجاري بينما كانوا متوجهين إلى طرابلس هربا من «داعش»، وهم محمد عبد الكريم ناصيف، ياسر عيروط، محمد أحمد الخطيب، احمد محمد خالد اسماعيل، لؤي عبد الرحمن زينو.