الدليمي مدرّبة على مواجهة المحققين.. واعتقال زوجة «الشيشاني»
كمين رأس بعلبك: الجيش يحمي الحدود بالدم
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثالث والتسعين بعد المئة على التوالي.
مرة أخرى، يقدّم الجيش المزيد من التضحيات في معركة الدفاع عن أمن لبنان في مواجهة المجموعات الإرهابية التي نصبت أمس كميناً لدورية عسكرية في جرود بلدة رأس بعلبك، أدى إلى استشهاد ستة عسكريين وجرح سابع، وفق بيان الجيش.
أتى هذا الاعتداء، بعد الكشف عن توقيف الجيش إحدى سيدات «داعش» سجى حميد الدليمي (مع 3 من أولادها وسائق)، إلى جانب إنجاز آخر تمثل في اعتقال مخابرات الجيش، السورية آلاء العقيلي، وهي زوجة القيادي في «النصرة» أنس شركس، المعروف بـ«أبو علي الشيشاني»، وذلك إثر مداهمة إحدى المدارس الرسمية في حيلان ـــ قضاء زغرتا، حيث جرى أيضاً توقيف شقيقها وولدها.
وعُلم أن آلاء تركت زوجها في جرود القلمون السورية، وأقامت في أحد مخيمات النازحين في عرسال. لكن، بعد المعركة التي حصلت في المنطقة وأدت الى أسر العسكريين، وما تلاها من مداهمات نفذها الجيش في المخيمات، استشعرت آلاء الخطر، فطلب منها زوجها مغادرة المخيم الى مكان أكثر أمناً.
ويعكس الكمين الذي استهدف دورية للجيش ليل أمس، في خراج بلدة راس بعلبك، حجم التوتر الذي أصاب المجموعات التكفيرية بعد الإنجازات النوعية التي حققها الجيش تباعاً، وأسفرت عن اعتقال عدد من الإرهابيين، في مناطق لبنانية عدة.
ومع تزايد عدد «زوجات الأمراء» الموقوفين لدى الجيش، يُفترض أن تكون قد أضيفت ورقة جديدة ونوعية الى أوراق القوة المتوافرة بحوزة المفاوض اللبناني، في ملف العسكريين المخطوفين، الا اذا كانت حسابات الخاطفين مختلفة.
وإذا كانت الإدارة السياسية الداخلية المتضاربة قد عطلت في السابق عناصر القوة المتعددة، فإن «زوجات الأمراء» يمكن أن يشكلن عنصر ضغط مؤثر على الجهات الخاطفة، لاسيما أن من بين مطالبها لتحرير العسكريين، الإفراج عن معتقلات في السجون السورية.
كمين رأس بعلبك
وكانت دورية للجيش اللبناني قد هوجمت من قبل مسلحين، يُرجّح أنهم تابعون لـ«النصرة»، في منطقة تلة سيل في جرود رأس بعلبك ــــ البقاع الشمالي، ما استدعى تدخل الفوج المجوقل لمؤازرة القوة المستهدفة، وسحب المصابين.
وفي المعلومات، أن قوات الجيش اعتادت على إقامة كمائن استباقية متقدمة في جرود راس بعلبك، وهو الامر الذي اكتشفته «النصرة»، فلجأت الى نصب كمين للكمين، وكان ما كان.
وقالت مصادر عسكرية لـ«السفير» إن الطبيعة الجردية المفتوحة للمنطقة التي نُصب فيها الكمين، وغزارة النيران التي استخدمها المهاجمون، تسببتا بوقوع هذا العدد من الشهداء الذين كانوا ضمن دورية أكبر.
وأفادت قيادة الجيش ــــ مديرية التوجيه في بيان انه عند الساعة الخامسة والدقيقة العاشرة من بعد ظهر أمس، «تعرّضت دورية تابعة للجيش في منطقة جرود رأس بعلبك أثناء قيامها بمهمّة مراقبة، لكمين مسلّح من قبل مجموعة إرهابية»، مشيرة إلى أنه «على الأثر استقدم الجيش تعزيزات إضافية إلى المنطقة، واتخذت الوحدات العسكرية الإجراءات الميدانية المناسبة».
والشهداء العسكريون هم: الرقيب علي يزبك، الجندي مشهد شرف الدين، الجندي محمد علي سليمان، المجند علي المحمد، المجند حسين هدى، المجند محمد سليم. أما الجريح (إصابته خطرة) فهو المجند جمال مرعي.
التحقيق مع الدليمي
في هذا الوقت، تواصلت التحقيقات مع الموقوفة العراقية سجى حميد الدليمي التي أوقفت على حاجز الجيش اللبناني في المدفون قبل عشرة ايام، بعد معلومات موثوقة وردت الى مخابرات الجيش حول نيتها التوجه من الشمال الى بيروت، تقاطعت مع معلومات مماثلة لدى أحد اجهزة الاستخبارات الغربية.
وبالفعل كان عناصر الحاجز في انتظار الصيد الثمين، حين وصلت الدليمي، يرافقها أولادها الثلاثة (الطفلة هاجر بين الرابعة والسادسة من عمرها تقريباً وصبيان اثنان يصغرانها سناً)، في سيارة يقودها سائق، تبين انه يحمل بدوره هوية فلسطينية مزورة، فيما كانت هي تحمل هوية سورية مزورة.
وعلى الفور تم توقيف الدليمي والسائق اللذين نقلا إلى وزارة الدفاع للتحقيق معهما، فيما جرى لاحقاً نقل الأولاد الثلاثة إلى أحد مراكز رعاية الاطفال، لكن بحراسة المؤسسة العسكرية.
وأثناء التحقيق معها، أفادت الدليمي أنها كانت متزوّجة في السابق من العراقي فلاح إسماعيل جاسم، وهو أحد قادة «جيش الراشدين»، الذي قتله الجيش العراقي خلال معارك الانبار في العام ٢٠١٠. وفي ما بعد عمد والدها، وفق أقوالها، الى تزويجها من ابراهيم السامرائي الذي يعتقد المحققون أنه الاسم الحقيقي لأبي بكر البغدادي، لكن الدليمي لم تعترف مباشرة بأنها متزوجة من البغدادي.
ولاحظ المحققون أن الدليمي مدربة تدريباً عالياً على كيفية التعامل مع جلسات الاستجواب، بدليل أنها لم تعترف حتى الآن بأنها زوجة البغدادي، فضلاً عن أنها كانت قد تمكنت من الإيقاع بالمحققين في السجون السورية، عندما أوهمتهم بعد اعتقالها قرب مركز حدودي سوري ـ عراقي برفقة ابنيها وشقيقتها، أنها قادمة للزواج بليبي يقاتل في صفوف «الكتيبة الخضراء» في يبرود في منطقة القلمون.
وبينما يتواصل التدقيق في ارتباطها الزوجي، تسود لدى المحققين قناعة شبة تامة بأن الدليمي كانت إحدى زوجات البغدادي، وبالتالي فإن السؤال يتمحور حول ما إذا كانت لا تزال متزوجة منه أم لا، وسط ترجيح للفرضية الثانية. وعلم في هذا السياق، أن فحوص «دي.آن.آي» تتم لحسم هذا الالتباس بالتنسيق مع المخابرات العراقية وأجهزة غربية.
وفي ما خصّ السائق الموقوف، ادعت الدليمي أنه شقيقها، فيما يضع المحققون في حسابهم احتمال ان يكون هو زوجها الجديد، إذا ثبت أنها لم تعد مرتبطة بالبغدادي.
وعُلم أن الدليمي أدلت باعترافات حول هويات وأماكن وجود أشخاص على علاقة بالشبكات الإرهابية، فسارع الجيش الى تنفيذ مداهمات في أكثر من منطقة، أسفرت عن توقيف بعضهم.
والدليمي هي المرأة التي تسببت بتأخير صفقة التبادل في قضية راهبات معلولا، لبعض الوقت، بعدما اشترط الخاطفون المنتمون إلى «النصرة»، في اللحظة الأخيرة، إطلاق سراحها، لإتمام الصفقة.
ووفق المعطيات الموجودة بحوزة مخابرات الجيش، فإن الدليمي ليست امرأة عادية، بل هي نقطة تقاطع بين الجماعات التكفيرية، إذ أن والدها حميد كان من كبار رموز «داعش»، وشقيقتها دعاء «انتحارية» أخفقت في تفجير نفسها في اربيل، فيما يشغل شقيقها أبو أيوب العراقي موقعاً قيادياً في «النصرة»، وهو الذي تسلمها من الأمن العام، في وادي عين عطا في جرود عرسال، خلال إنجاز التبادل في ملف راهبات معلولا في آذار 2014.
وقد استحوذ نبأ توقيف الدليمي في «السفير» على اهتمام وسائل الإعلام الغربية والعربية واللبنانية، وكذلك العديد من أجهزة الاستخبارات الأجنبية التي دخلت على خط متابعة هذه القضية عبر التواصل مع مخابرات الجيش والحكومة اللبنانية.
الشهداء الستة
نعت قيادة الجيش ــ مديرية التوجيه، العسكريين الذين استشهدوا، مساء أمس، في جرود بلدة رأس بعلبك خلال الكمين المسلّح الذي تعرضت له دورية تابعة للجيش من قبل مجموعة إرهابية.
وفي ما يلي نبذة عن حياة كل منهم:
ــ الرقيب الشهيد علي سعدو يزبك:
من مواليد 15/4/1981 شمسطار ــ قضاء بعلبك. تطوع في الجيش بتاريخ 19/4/2001. متأهل وله ولد.
ــ الجندي الشهيد مشهد عباس شرف الدين:
من مواليد 12/4/1988 المعلقة ــ قضاء زحلة. تطوع في الجيش بتاريخ 27/2/2012. متأهل وله ولد.
ــ الجندي الشهيد محمد علي سليمان:
من مواليد 1/10/1989 حنيدر ــ قضاء عكار. تطوع في الجيش بتاريخ 13/9/2014. عازب.
ــ المجند الشهيد محمد حسين سليم:
من مواليد 26/9/1992 بوداي ــ قضاء بعلبك. مددت خدماته في الجيش اعتباراً من 19/11/2012. عازب.
ــ المجند الشهيد ربيع حسين هدى:
من مواليد 28/9/1994 عيات ــ قضاء عكار. مددت خدماته في الجيش اعتباراً من 15/7/2014. عازب.
يرقى إلى الرتبة الأعلى بعد الاستشهاد.
ــ المجند الشهيد علي أحمد محمد:
من مواليد 7/12/1994 حبشيت ــ قضاء عكار. مددت خدماته في الجيش اعتباراً من 1/7/2014. عازب.