ملف العسكريين أسير «حقل التجارب»
سوء إدارة «النفط اللبناني» يهجِّر شركات عالمية
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس بعد المئتين على التوالي.
التفاوض بين الدولة وخاطفي العسكريين لا يزال أسير «حقل التجارب»، من دون ان تُحسم حتى الآن وجهته النهائية، فيما سُجلت ليل أمس اشتباكات عنيفة بين الجيش والمسلحين في تلال راس بعلبك، تلت توقيف الجيش شخصاً يحمل حزاماً ناسفاً كان مكلفاً من «جبهة النصرة» بمرافقة عضو «هيئة العلماء المسلمين» الشيخ حسام الدين الغالي الى جرود عرسال.
الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» لا يزال ينتظر اللمسات الأخيرة على جدول أعماله، علماً أن عرّابه الرئيس نبيه بري يعتبر انه يجب الإسراع به قبل حصول أي تطور يعطله او يؤخره، «ولكن إذا كان المعنيون غير مستعجلين فلن أكون ملكياً أكثر من الملك»، كما قال بري لـ«السفير».
الحوار بين العماد ميشال عون وسمير جعجع ينتظر على الأرجح المناخات التي سيعود بها رئيس حزب «القوات اللبنانية» من زيارته الى السعودية، والتي وصفها بيان «القوات» بأنها «رسمية»، ويلتقي خلالها «كبار المسؤولين السعوديين».
وأما الملف النفطي المفتوح على الأطماع الإسرائيلية والإهمال اللبناني، فينتظر قوة دفع، تنفض عنه الغبار وتستعيد ثقة شركات التنقيب الدولية في لبنان، بعدما قررت الانكفاء وتعليق أنشطة فرق عملها بفعل سوء التعاطي الرسمي مع هذا الملف الحيوي.
انكفاء شركات النفط
وفي جديد المؤشرات السلبية، أن لجنة الطاقة النيابية اكتشفت خلال إعدادها لورشة عمل حول الثروة النفطية اللبنانية، عُقدت في الثاني من الشهر الحالي، ان شركات تنقيب عالمية كانت مهتمة بالملف اللبناني اصبحت تتصرف ببرودة شديدة مع هذا الملف، وتراجع اهتمامها به الى حد كبير، بعدما لمست التباطؤ الكبير من قبل الحكومة والمعنيين في اتخاذ الإجراءات الآيلة الى إطلاق مناقصة التلزيم التي لا تزال معلقة، في انتظار إقرار المرسومين المتصلين بها، الى جانب القانون الضريبي المفترض.
وعُلم ان الكثير من فرق العمل الدولية التي كانت مكلفة بالتفرغ لمتابعة كل التفاصيل المتعلقة بـ «النفط اللبناني»، تحول جهدها مؤخراً في اتجاه بلدان أخرى، لا سيما ان الكلفة المادية لهذه الفرق ضخمة، وبالتالي فإن الشركات المسؤولة عنها، لم تحتمل بقاءها مجمدة.
وإزاء هذه المؤشرات السلبية التي استخلصتها لجنة الطاقة من خلال الاتصالات التي أجريت مع بعض تلك الشركات، تقرر صرف النظر عن دعوتها الى المشاركة في ورشة العمل التي جرى تغيير طبيعتها لتتخذ طابعاً محلياً، بعدما كان يُفترض ان تكون أكثر اتساعاً. واكتفت اللجنة بالاستعانة بخبير النفط والغاز الدكتور فاروق القاسم الذي تولى تدريب الفريق اللبناني منذ العام 2006 ، حيث استمعت الى اقتراحاته لتفعيل آليات استخراج الثروة النفطية.
وعُلم أن من بين الأفكار المتداولة حالياً الدفع في اتجاه عقد مؤتمر او ورشة عمل في اكثر من عاصمة أوروبية وآسيوية، لاستدراك ما فات، والتسويق للنفط اللبناني لدى مراكز الثقل الدولية، عبر الاستعانة بأصدقاء لبنان من أصحاب القرار والمؤثرين في المحافل الخارجية.
ويستقبل بري اليوم وفداً من لجنة الطاقة النيابية للتداول معها في المعلومات المتصلة بالملف النفطي، وفي كيفية إعادة تحريكه، على أن تزور اللجنة لاحقاً الرئيس تمام سلام.
ومن المقرر أن يلتقي بري هذا الأسبوع قائد «اليونيفيل» في الجنوب، للبحث معه في المعطيات المتوافرة لديه حول السرقة الإسرائيلية للغاز اللبناني.
وقال بري لـ «السفير» إن الهدف من الاجتماعين اللذين سيعقدهما مع لجنة الطاقة وقائد «اليونيفيل» هو استكمال كل عناصر الملف النفطي قبل ان يفتحه على مصراعيه، في مطلع العام الجديد، لافتاً الانتباه الى ان الامر يستحق أكثر من جلسة نيابية عامة، لأنه لم يعد جائزاً الاستمرار في هدر الوقت، في ما العدو الاسرائيلي يوقع الاتفاقيات ويفرض الامر الواقع في البحر «بحيث أخشى اننا عندما نباشر في العمل، سنكون كمن يجلس على حصيرة بينما يجلس العدو على سجادة».
وشدد على أن إسرائيل تحاول قرصنة 850 ميلاً بحرياً هي من حقوق لبنان، وحتى اميركا تعترف لنا بـ650 ميلا «ولكنني اصر على المساحة كلها»، مؤكداً ضرورة أن يبدأ التلزيم من البلوك المهدد بالقرصنة الاسرائيلية في الجنوب، وموضحاً ان الكلام الذي أدلى به وزير الطاقة آرتور نظاريان لـ «السفير» مؤخراً «مهم ويتقاطع مع وجهة نظرنا حيال التراتبية في استثمار البلوكات النفطية».
وقال رئيس لجنة الطاقة النائب محمد قباني لـ «السفير» إن لبنان خسر اهتمام الشركات العالمية بملفه النفطي «وعلينا ان نبذل اقصى جهد ممكن حتى لا نخسر هذه الشركات بحد ذاتها»، لافتاً الانتباه الى ضرورة فعل كل شيء، لاستعادة ثقتها في لبنان، قبل فوات الأوان.
ودعا الى حوار داخلي صريح للتوافق على كيفية التعامل مع الفرصة النفطية، معتبراً أنه إذا كانت بعض الجهات تنطلق في حساباتها من مصالح شخصية او سياسية او جغرافية، فإن عليها ان تعلم ان خير هذا الملف كبير الى درجة تسمح لكل اللبنانيين بأن يستفيدوا منه، وأنه لا حاجة لأي صراع على الأدوار والمكاسب.
حادثة عرسال
وإذا كان تحرير الثروة النفطية المخطوفة يواجه العديد من العقبات، فإن ملف تحرير العسكريين يراوح مكانه بدوره، في ما أوقف الجيش أمس على حاجز وادي حميد عضو «هيئة العلماء المسلمين» الشيخ حسام الدين الغالي قبل أن يفرج عنه لاحقاً، في ما بقي أربعة آخرين كانوا برفقته موقوفين، وبينهم شخص سوري يدعى «أبو حسين»، كلفته «جبهة النصرة» بمرافقة الغالي الى الجرود، وتبين انه كان يحمل حزاماً ناسفاً.
وقالت مصادر «العلماء المسلمين» لـ «السفير» إن الغالي كان بصدد زيارة الجرود لاستشراف إمكان إجراء وساطة موضعية بين الدولة والخاطفين، لافتة الانتباه الى ان المسلحين كلفوا دليلا بمواكبة الغالي الذي لم يكن يعرف ان من يواكبه مزنر بحزام ناسف.
وأشارت المصادر الى أن «الهيئة» حازت على ضوء أخضر رسمي من جهاز أمني لبناني، لتنفيذ هذه المهمة التي كانت تهدف الى محاولة الحصول على تعهد خطي من الخاطفين بوقف إعدام العسكريين المخطوفين، في مقابل الإفراج عن النساء الموقوفات لدى الاجهزة اللبنانية. ورأت ان «الهيئة» باتت على ما يبدو عنصراً مزعجاً للجميع، مشيرة الى انه «تبين ان الدولة لا تريدنا، وجبهة النصرة كذلك لا تريدنا، بعدما اقترحت وسيطاً آخر».
وأعلنت قيادة الجيش أن وحداتها في منطقة عرسال «أوقفت سيارة نوع جيب نيسان أرمادا بداخلها خمسة أشخاص، بينهم مطلوبان من التابعية السورية، كانوا في طريقهم جميعاً الى جرود المنطقة. وقد ضُبط بحوزة أحدهم حزام ناسف، بالإضافة الى قنبلتين يدويتين وثلاث بنادق حربية وأربعة مسدسات وكمية من الذخائر العائدة لها وجهاز اتصال، عثر عليها جميعاً داخل السيارة المذكورة. وعملت قوى الجيش على تفجير الحزام الناسف في البقعة المذكورة، فيما تم تسليم الموقوفين مع المضبوطات الى المرجع المختص لإجراء اللازم».