المعلم يدعو لتنسيق لبناني ـ سوري في مواجهة الإرهاب
«العسكريون»: طرق «مخطوفة».. ومقايضة ملتبسة
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع والعشرين بعد المئة على التوالي.
ملفّ المخطوفين العسكريين يوشك أن يفلت من السيطرة مع إقفال أهالي المخطوفين طريق ضهر البيدر الحيوية بشكل كامل أمام العابرين، فيما رئيس الحكومة تمام سلام موجود في نيويورك، ووزير الداخلية نهاد المشنوق قال كلمته الملتبسة حول المقايضة تحت سقف القوانين المرعية الإجراء، وغادر إلى باريس للقاء الرئيس سعد الحريري، والعديد من السياسيين غابوا عن السمع بسبب السفر لحضور عرس شخصية لبنانية، أما أخبار الوسطاء المفترضين على خط الدوحة ـ أنقرة ـ عرسال.. فهي شبه مقطوعة.
ومع انسداد الشريان الجغرافي الحيوي الأبرز الذي يربط البقاع ببقية المناطق اللبنانية، يكون عدد «المخطوفين» قد ازداد، ليشمل إضافة الى العسكريين جزءاً كبيراً من المواطنين الذين احتجزوا على الطريق المقفلة بالسواتر والإطارات المشتعلة وخيم المعتصمين، علما أن مراجع معنية أكدت لـ«السفير» أنه لا يمكن التساهل مع قطع هذه الطريق الحيوية، مشيرة الى أن هناك توجها لفتحها خلال الساعات المقبلة.
وبرغم ذلك، توقعت مصادر «الأهالي» إغلاق المزيد من الطرق اليوم لعزل البقاع كلياً عن بيروت، في إطار مضاعفة الضغط على الحكومة.
إنها قمة المأساة بالفعل. العسكريون ـ الرهائن ضحايا ابتزاز الجهات الخاطفة، وأهاليهم ضحايا القلق اليومي والانتظار الثقيل، والمدنيون العالقون على الطرقات ضحايا ردود الفعل.
هي عملية جلد للذات، لا يستفيد منها سوى الخاطفين الذين نجحوا بشكل أو بآخر في نقل الأزمة من جرود عرسال الى الداخل اللبناني الهشّ… أصلاً.
والمفارقة أن المشكلة أصبحت تبدو الآن وكأنها بين أهالي المخطوفين والعابرين، أو بين الأهالي والدولة، أما الجهات الخاطفة التي تتحمل المسؤولية الأولى والوحيدة عن جريمة أسر العسكريين، فتكاد تُمنح أسباب تخفيفية، وتكاد مطالبها تصبح مشروعة ومحقة!
لقد باتت الحاجة ملحّة لمعالجة غير تقليدية من قبل الحكومة و«خلية الأزمة» لهذا الملف الشائك، مع ما يتطلبه ذلك من شجاعة في اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، لاسيما ان الضبابية تكتنف مهمة المفاوض القطري والمدى الذي يستطيع ان يصل اليه، فيما يمارس الأتراك سياسة «الغموض المتعمّد» في التعامل مع هذه القضية الانسانية.
وليس معروفا كيف يمكن للدوحة ان تساهم في هذا التوقيت بالذات في إقناع الخاطفين من مسلحي «داعش» و«النصرة» بالافراج عن العسكريين، في وقت أعلن «البنتاغون» عن ان الولايات المتحدة الاميركية تلقت دعماً من قطر لضرباتها في العراق وسوريا ضد هذين التنظيمين… وكذلك تركيا التي رحّبت بالضربات ولو أنها قررت عدم المشاركة فيها أو السماح باستخدام قواعد «الناتو» على أراضيها.
إن العوارض الداخلية التي تفرزها قضية المخطوفين، والآخذة بالتفاقم، باتت تستوجب من جميع المعنيين، مسؤولين وعائلات، التصويب السريع لطريقة التعاطي مع هذه القضية، وإعادة توجيهها في المسار الصحيح الذي يخدم الهدف النهائي وهو تحرير العسكريين بأقل الخسائر الممكنة، في حين ان الاستمرار في لحس المبرد كما يحصل حالياً هو سلوك عبثي سيدفع ثمنه الجميع، إلا الخاطفين.
وما يزيد المشهد ضبابية أن التفاعلات التصاعدية لقضية المخطوفين تزامنت مع بدء التحالف الدولي هجماته على مواقع لـ«داعش» و«النصرة» في سوريا والعراق، الامر الذي يدفع الى التساؤل عما إذا كان هذا المناخ المحتدم يساعد في الحل ام يعقّده.
وفي سياق متصل، علمت «السفير» أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم توقف في بيروت، خلال توجهه الى نيويورك. ونُقل عنه قوله إنه لا يجوز للبنان أن ينأى بنفسه عن مواجهة الارهاب، والمطلوب تعاون لبناني ـ سوري بغية التصدي لهذا الارهاب الذي لا حدود له، ويشكل خطرا على البلدين.
وأبدى المعلم ارتياحه حتى الآن الى ضربات التحالف الدولي، مشيرا الى ان تنسيقا يجري مع دمشق حول المجريات الميدانية لهذه العملية.
الى ذلك، بقي الجيش اللبناني في طرابلس عرضة للاستهداف، حيث تعرضت ثلاثة من مراكزه في المدينة أمس الى اعتداءات مسلحة اسفرت عن إصابة جندي بجروح، غداة الهجوم الذي أدى الى استشهاد جندي آخر.
وتؤشر هذه الاعتداءات المتلاحقة الى ان التعرّض للجيش في طرابلس يتخذ طابع العمليات المنظّمة التي يجب وضع حد سريع لها، لئلا تتحول الى استنزاف للمؤسسة العسكرية، علما انها تترافق مع حوادث أمنية يتخذ بعضها شكل التصفيات الجسدية، الأمر الذي يهدد بانعكاسات سلبية على الوضع العام للمدينة التي تلفحها رياح عرسال.