Site icon IMLebanon

معركة فليطة: «النصرة» تفشل في فك الحصار

«الحوار ـــ 2» لتخفيف الاحتقان .. وعون لا يمانع ترشيح فرنجية

معركة فليطة: «النصرة» تفشل في فك الحصار

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السادس والعشرين بعد المئتين على التوالي.

بالتزامن مع وصول العاصفة المناخية الباردة، وهبوب العاصفة العسكرية على محيط بلدة فليطة في القلمون، حيث أفشل الجيش السوري و«حزب الله» هجوماً لـ«النصرة»، يُستأنف اليوم الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» وتتواصل التحضيرات للقاء بين ميشال عون وسمير جعجع، سعياً الى رفع منسوب الحصانة الداخلية، وتخفيض فاتورة انتظار التسويات الخارجية.

ومن المقرر ان يبدأ وفدا «الحزب» و«المستقبل» خلال جلسة الحوار الثانية، التي تنطلق السادسة مساء اليوم في عين التينة بحضور الوزير علي حسن خليل، في مناقشة الخطوات والآليات الآيلة الى تخفيف حدة الاحتقان المذهبي، وهو الأمر الذي أكده الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس، حيث أكد أن اجتماع اليوم سيناقش بجدية وعمق سبل تنفيس التوتر السني ـــ الشيعي، مشيراً إلى أن هناك حرصاً على الإيجابية والتعاون من الطرفين.

وإذ شدد بري على أن هدف الحوار وطني، وليس سنياً ـــ شيعياً فقط، نفى بشدة ان يكون القصد منه أي تحالف رباعي جديد، أو اصطفاف سياسي على حساب الآخرين، لافتاً الانتباه الى ان بيان الجلسة الاولى، الذي صيغ كل حرف فيه بعناية، كان واضحاً ودقيقاً في تبديد أي هاجس من هذا النوع، وبالتالي فإن أي اتفاق قد ينتج عن الحوار سيأخذ بعين الاعتبار كل الاطراف.

وبينما اعتبر بري ان الحوار المرتقب بين عون وجعجع هو ارتداد طبيعي وصدى إيجابي للحوار السني ـــ الشيعي، بدا عون في مقابلة مع تلفزيون «الجديد» ليل أمس، متحفظاً في تناول ملف الحوار مع جعجع لجهة حسم الموعد والمكان واحتمال الاتفاق، ما عزز انطباعات بعض الأوساط السياسية المطلعة حول وجود صعوبات أمام عقد اللقاء بين زعيمي «التيار الحر» و«القوات»، قد تؤخره.

وقال عون إن الحوار المفترض مع جعجع سيتناول عناوين عدة، من بينها حقوق المسيحيين وقانون الانتخاب والاستحقاق الرئاسي ومواصفات الرئيس، «وهذه المواضيع ليست ملكاً شخصياً لا لي ولا للحكيم». وتابع: حقوق المسيحيين قد يتم الاتفاق عليها بيننا وبين «القوات» بصرف النظر عن رئاسة الجمهورية. وأضاف: سنتحاور حول الجمهورية قبل الرئاسة.

ورأى أن من يرفض الإصلاح هو من يعطل الاستحقاق الرئاسي، مشدداً على ان المطلوب رئيس تكون له صفة تمثيلية، ومعرباً عن تفاؤله بإمكانية تصويت «القوات» لمصلحته في الانتخابات الرئاسية.

ورداً على سؤال أجاب: لا إحراج في اسم النائب سليمان فرنجية وأنا أؤيده بناءً على قناعة، لا لأن اسمه قد يأتي من الخارج.

وأبلغت مصادر مواكبة للمداولات على خط الرابية ـــ معراب «السفير» ان اللقاء بين الرجلين يُطبخ على نار هادئة، مشيرة الى أن الهدف الاساسي هو الوصول الى نتيجة إيجابية تتعدى إطار الصورة، وهذا يتطلب الكثير من الدقة والتأني.

وأوضحت المصادر أن ثمة أموراً لا تزال عالقة، وسيُستكمل البحث فيها خلال هذا الاسبوع، مؤكدة ان هناك جدية في مقاربة الحوار من «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر».

جرود فليطة

الى ذلك، برز على الحدود الشرقية تطور عسكري تمثل في محاولة جبهة «النصرة» مجدداً كسر الطوق المضروب عليها، عبر شن هجوم واسع، انطلاقاً من مواقعها في الجرود، استهدف موقع المسروب المتاخم لجرود عرسال اللبنانية وبلدة فليطة في القلمون السوري، تحت ضغط برد الشتاء وثلوجه.

إلا أن قوات الجيش السوري وعناصر «حزب الله» تمكنت من احتواء الموجة الأولى للهجوم، ثم دفعت المسلحين الى التراجع في اتجاه مواقعهم الخلفية، وهذا ما أظهرته صور أُخذت أمس من مكان المواجهة وأظهرت الموقع خالياً من أي وجود لـ «النصرة».

وفي سياق متصل، قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، في مقابلة مع وكالة «رويترز»، إن تنظيم «داعش» يحاول «السيطرة على منطقة القلمون كي لا تكون هناك تعددية عسكرية فيها»، لافتاً الانتباه الى انه وفي الفترة الأخيرة «رأينا الكثير من المبايعات لـ «داعش» سواء عن قناعة او عن خوف». وأكد أن «داعش» يريد تأمين ظهره من خلال التقدم والسيطرة على قرى لبنانية تقع على تماس مع منطقة القلمون، «لكن القوى العسكرية والأمنية في جهوزية تامة لمواجهة هذا الاحتمال».

وكتب مراسل «السفير» في دمشق عبدالله سليمان علي التقرير الآتي حول المعركة:

يهدد اشتعال لهيب المعارك على ارتفاع 2600م حيث تقبع بلدة فليطة الحدودية، بتدحرج كرات النار في كل اتجاه. وهو ما يجعل المناطق المحيطة بالبلدة سواء من الجانب السوري أو الجانب اللبناني، على موعد مع شتاء حار، خصوصاً في ظل التهديدات والتحذيرات المتكررة من وجود مخطط مزدوج يستهدف الأول بلدات القلمون السوري، بينما يستهدف الثاني القرى اللبنانية الحدودية.

وكاد الهجوم الذي شنته «جبهة النصرة» على محيط بلدة فليطة فجر يوم السبت، أن يحدث اختراقاً نوعياً عبر تمكنها من اقتحام حاجز المسروب والسيطرة على بعض أجزائه، الأمر الذي جعلها عملياً على مدخل البلدة ذات الموقع الإستراتيجي المهم، لولا استدراك قوات الجيش السوري ومقاتلي «حزب الله» للموقف واستعادتهما السيطرة على كامل الحاجز، بعد انسحاب مسلحي «جبهة النصرة» جراء شراسة الهجوم المضاد الذي شُن عليهم.

وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها حاجز المسروب ومعه نقطة الجب للهجوم، حيث سبق لـ «جبهة النصرة» أن نفذت عدة هجمات على هاتين النقطتين، كالهجوم الذي نفذته في شهر تشرين الثاني الماضي وهجوم آخر منذ ثلاثة أسابيع فقط.

كما أن مدفعية الجيش السوري و«حزب الله» استمرت طوال الأشهر الماضية في استهداف تحركات المسلحين في محيط هاتين النقطتين.

ويعكس هذا الاشتباك المتكرر مدى أهمية هاتين النقطتين، سواء بالنسبة لـ «جبهة النصرة» التي لم يعد خافياً إصرارها على السيطرة عليهما بأي ثمن، أو بالنسبة للجيش السوري و«حزب الله» اللذين يستبسلان في كل مرة في الدفاع عنهما بغض النظر عن الخسائر التي تلحق بهما.

ونظراً للموقع الوسطي لبلدة فليطة بين عرسال اللبنانية من جهة وبلدات القلمون السوري من جهة ثانية، فإنها تكتسب أهمية حيوية تجعلها هدفاً إستراتيجياً لـ «جبهة النصرة» التي تحاول من خلالها أن تجد ملاذاً لها، يقيها الشتاء القاسي والبرد القارس في الجرود.

وهددت الفصائل المسلحة السورية بقرب الإعلان عما تسميه «معركة القلمون الكبرى» التي سيكون هدفها محاولة السيطرة على بلدات القلمون التي استرجعها الجيش السوري في الأشهر الأولى من العام الماضي.

لكن يبدو ان اهتمام «جبهة النصرة» بالشق اللبناني لمعركة فليطة يتفوق على اهتمام الفصائل الأخرى، بما فيها تنظيم «الدولة الإسلامية»، ليس لأن زعيمها القلموني أبو مالك التلي هدد علانية بنقل المعركة إلى لبنان في تسجيله الصوتي «هذا بلاغ للناس» وحسب، بل لأن «النصرة» تتمتع بشبكة علاقات ومصالح مع بعض التنظيمات والشخصيات في الداخل اللبناني أكثر من غيرها، كما أنها لا تستطيع الاستغناء عن خطوط الإمداد التي تصل إليها عبر جرود عرسال، وذلك بعكس تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يعتمد على خطوط الإمداد التي تأتي عبر القلمون الشرقي، ويخوض منذ شهر ونيف معارك ضارية لإحكام السيطرة على هذه الخطوط.