IMLebanon

إسرائيل تطارد «الأشباح».. وذعر في مستوطنات الشمال

واشنطن «تتبرأ» من غارة القنيطرة: لم نكن على علم مسبق بها

إسرائيل تطارد «الأشباح».. وذعر في مستوطنات الشمال

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثالث والأربعين بعد المئتين على التوالي.

استكمل «حزب الله» وجمهوره أمس، تشييع شهداء الغارة الإسرائيلية على موكب الحزب في القنيطرة، واختتمت قيادته مراسم تقبّل التعازي والتبريكات في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما كان لافتاً للانتباه أن الرئيس فؤاد السنيورة «تجاوز نفسه» وقدم التعازي أيضاً عبر اتصال هاتفي أجراه مع المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل.

وفي طهران شيّع الإيرانيون الجنرال محمد علي الله دادي، على وقع تهديدات قائد الحرس الثوري بعاصفة مدمّرة ستهبّ على اسرائيل.

..أما وقد انتهت ترتيبات التشييع، فإن قلق اسرائيل من الردّ الآتي يسلك منحى تصاعدياً، ومتخذاً في بعض الاحيان شكل «نوبات عصبية» كما حصل أمس، في بعض المستوطنات الشمالية التي عاشت لحظات من الرعب والتوتر، وسط استنفار عسكري في مواجهة «الأشباح»، بعد تسريب أنباء عن تسلل أشخاص عبر الحدود اللبنانية، سرعان ما تبين عدم صحتها.

وفيما ألغى عدد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين زيارات الى الخارج، بسبب الوضع المستجد، قال رئيس بلدية مستوطنات «كريات شمونة» إنه من الصعب جداً للسكان الاستمرار في هذا التوتر والخوف.

وبدا واضحاً أن محاولة مصدر اسرائيلي، أمس الاول، الترويج لفكرة أن الجنرال الإيراني لم يكن مستهدفاً بالغارة الجوية، وأنه قتل عن طريق الخطأ، وُلدت ميتة ولم تجد أي صدى لها، لا لدى «حزب الله» وطهران، ولا لدى الأوساط الاعلامية الاسرائيلية التي تعاطت مع توضيح هذا المصدر بشيء من السخرية.

وتعبيراً عن ارتفاع منسوب المخاوف من تدهور واسع، علمت «السفير» أن السفير الأميركي ديفيد هيل طلب موعداً من الرئيس تمام سلام لإبلاغه قلق بلاده ومتابعتها عن كثب ما يجري من تطورات على طول الحدود السورية ـــ الإسرائيلية واللبنانية ــــ الإسرائيلية.

وشدّد هيل على أهمية التزام جميع الأطراف المعنية بالقرار 1701 وقال إن بلاده تجري اتصالات مع بعض العواصم المعنية من أجل الحث على ضبط النفس وإبقاء الموقف قيد السيطرة. ولاحظ أن نبرة الكلام الإسرائيلي عن خطأ في تقدير طبيعة الموكب هو خطوة إلى الوراء، نافياً أن تكون واشنطن على علم بالغارة مسبقاً.

في هذه الأثناء، عُلم أن الجهات المعنية في «حزب الله» ناقشت ليل أمس، إمكانية تنظيم احتفال مركزي في مجمع «سيد الشهداء» في الضاحية، يوم الأحد المقبل، لإحياء ذكرى اسبوع شهداء القنيطرة، على ان يلقي خلاله السيد حسن نصرالله «الكلمة المنتظرة».

تخبّط اسرائيلي

ومع استمرار صمت «حزب الله» حتى اليوم، ترك الإسرائيليون لمخيّلتهم أن تعمل بطاقتها القصوى، وذهب بعضهم الى «التبصير»، راسماً العديد من السيناريوهات الافتراضية حول طبيعة الرد!

وفي هذا السياق، أكّد المعلّق الأمني في صحيفة «يديعوت أحرنوت»، رونين بيرغمان أن إسرائيل تخشى منذ زمن طويل من تسرّب صواريخ بر ـــ بحر روسية الصنع من طراز «ياخونت» من سوريا إلى «حزب الله».

وتقدّر أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن توفّر هذه الصواريخ لدى «حزب الله» من شأنه أن يعرّض للخطر بشكل جوهري منصّات الغاز والنفط الإسرائيلية في البحر المتوسط.

ونقل بيرغمان عن مصادر استخبارية غربية تحذيرها من احتمال أن يرد الإيرانيون و»حزب الله» على الغارة الإسرائيلية باستهداف منصات استخراج الغاز الإسرائيلية في الحقول البحرية.

والى جانب الانشغال بتقدير الاشكال المحتملة للرد، ارتفعت في داخل كيان الاحتلال أصوات المنتقدين لغارة القنيطرة. وازدادت حدة الانتقادات على وجه الخصوص بعد الارتباك الذي طبع الأداء الرسمي لحكومة نتنياهو من ناحية، وبعد تزايد الشبهات بأن دوافع انتخابية، وليست عملياتية، وقفت خلف القرار بشنّ الغارة.

في غضون ذلك، أكّد وزير الحرب الاسرائيلي، موشيه يعلون، أن «التوترات مع «حزب الله» لن تؤدي الى حرب في نهاية المطاف»، مشيراً في لقاء مع موقع «اسرائيل نيوز 24» العبري، إلى أن الحزب «لا يزال قادراً على تفجير عبوات في مزارع شبعا واطلاق الصواريخ».

ورداً على سؤال حول التهديدات التي أطلقها الحزب انتقاما لشهدائه، قال يعلون إن أصابع الاتهام دائماً توجّه الى إسرائيل في أي نشاط في المنطقة، وعلينا بالتالي أن نكون على استعداد دائم للردّ.

أما بالنسبة لشهداء القنيطرة، فاكتفى يعلون بالقول: لا تعليق.. فهؤلاء أشخاص ينتمون إلى محور الشر.

وقال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي تساحي هنغبي في مقابلة مع القناة العبرية الأولى، إن «حزب الله» يعرف جيداً «المعادلة التي أرستها إسرائيل بعد حرب لبنان الثانية والتي تنص على أن أي مساس بالمدنيين يعني إعادة لبنان عشرات السنين إلى الوراء»، متوعداً بضربة قاسية للبنى التحتية اللبنانية في حال حصول «أي استهداف لإسرائيل سواء أكان من الحكومة اللبنانية أو من جزء منها».

لكن، وفي مقابل سعي المسؤولين الاسرائيليين الى التخفيف من وطأة الاحتمالات المقبلة، اعتبرت «يديعوت أحرونوت» أن «اسرائيل» جلبت لنفسها موجة من العمليات المقبلة، كانت في غنى عنها.

وأشارت في مقالها الافتتاحي الى أنه عند اختبار نتيجة الفعل الاسرائيلي في القنيطرة، لا بدّ من القول إن هناك خللاً ما، وربما خللين صاحبا وسبقا القرار بتوجيه الضربة، خللاً عملانياً استخباريا، الى جانب خلل في اتخاذ القرار.

وتطرقت الصحيفة الى كلام المصدر الأمني الاسرائيلي رفيع المستوى لوكالة «رويترز» والذي أكد فيه أن تل أبيب لم تكن تقصد اغتيال الجنرال الايراني، فرأت ان «نصف الاعتذار الذي صدر عن مسؤول أمني إسرائيلي لم يخفف الخلل الأول، بل فاقمه».

وكتب معلق الشؤون العسكرية في الصحيفة اليكس فيشمان أن «تعامل اسرائيل مع عملية القنيطرة تحول من ارتباك الى ذعر».

واعتبر فيشمان انه «إذا لم تكن إسرائيل تعلم بوجود الجنرال الايراني في الموكب المستهدف في القنيطرة، فإن المسألة تتعلق كما يبدو بخلل استخباري، وفي حال اعترفت بالخطأ، فينبغي ان يكون هناك من سيحاسب ويدفع الثمن».

وختم فيشمان بأن «رائحة غير جيدة ونتنة تفوح من طريقة اتخاذ القرار، ومن مستوى الاستخبارات، ومن إدارة الأمور بعد العملية».

وطرح المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل مجموعة أسئلة على لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، ومن بينها: هل مغنية كان الهدف لهذا الاغتيال أم أن منفذي العملية خططوا مسبقا للتعرض لحياة الجنرال الايراني الذي سافر معه في القافلة؟ هل الاستخبارات العسكرية عرفت أن الجنرال الإيراني كان هناك؟ وهل الربح المتوقع من اغتيال مغنية الشاب، يفوق الضرر المحتمل في حالة تدهور الوضع؟

وتساءل عن مدى استعداد الجبهة الداخلية الاسرائيلية لمواجهة نشوب الحرب التي يهدد فيها «حزب الله» باطلاق عشرات آلاف الصواريخ والقذائف على المراكز السكانية؟

وفي «معاريف الأسبوع» كتب بن كسبيت ان الفضيحة بلغت الذروة حينما أبلغ مصدر مسؤول وكالة «رويترز» أن «اسرائيل لم تعرف بوجود الجنرال الايراني رفيع المستوى في القافلة التي تم تفجيرها، وأن هذا الجنرال لم يكن هدفا».

وأضاف كسبيت: هذا التسريب لـ «رويترز» حطم كل الأرقام القياسية للضحك. فقد أعلنت اسرائيل أنها لم تستهدف قتل الجنرال الايراني في ذلك التفجير الذي لم تنفذه. هناك في القدس من خشي من تهديدات الانتقام الايرانية وسارع الى الهمس بأننا لم نقصد ذلك، لكنه بالطريقة التي استخدمها بعدم الوضوح جعل من نفسه أضحوكة.

بري وجنبلاط.. و «خط التماس»

وفي سياق داخلي متصل، أكد الرئيس نبيه بري أن «الجريمة الإسرائيلية في القنيطرة تنطوي على أبعاد خطيرة». ونقل النواب عنه قوله، في «لقاء الاربعاء»، إن اسرائيل ارتكبت خطأ استراتيجيا، وأن اللعب بالنار لا يعني ان النار لعبة، وبهذه الجريمة تكون اسرائيل وضعت ايران على حدودها وعلى تماس مباشر معها.

وقال النائب وليد جنبلاط لـ «السفير» إنّ الغارة الاسرائيلية على القنيطرة هي نوع من ترسيم خط تماس متقدم بين إسرائيل وإيران، وفيه شيء من الحسابات الانتخابية لرئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، وقد يكون أيضاً محاولة إسرائيلية للتشويش على المفاوضات الأميركية – الإيرانية ومنع التوصل الى تفاهم نووي.

وأكد الحق في تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة عدم تحميل لبنان تداعيات مغامرة جديدة، ومعربا عن اعتقاده بأن «حزب الله» سيراعي هذا الاعتبار عند تحديد زمان الرد ومكانه (تفاصيل ص2 و3).