IMLebanon

الجيش يحمي بدمه تلال رأس بعلبك

هبَّة شعبية في مواجهة المجموعات الإرهابية

الجيش يحمي بدمه تلال رأس بعلبك

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس والأربعين على التوالي.

..ومن بين طيات الفراغ المتمادي، أطل الإرهاب مجدداً ليستهدف الجيش اللبناني، ومن خلاله منطقة البقاع الشمالي خزان المقاومة والمؤسسات العسكرية والأمنية.

ومجدداً، رسم عدد من العسكريين بدمائهم وتضحياتهم، حكايات بطولة دفاعاً عن وطنهم، فيما تحاول المجموعات الإرهابية، سواء بعملياتها الانتحارية أو هجماتها العسكرية المتتالية، استنزاف المؤسسة العسكرية ومعها المقاومة، لتضعهما بين حدي الخطرين الماثلين عند الحدود وفي الداخل، ناهيك عن الدور العسكري الذي يلعبه «حزب الله» على أرض سوريا.
وعلى مسافة ستة أشهر من «واقعة عرسال»، وكل ما تلاها من محاولات لخلق وقائع ميدانية جديدة، على طول خط الحدود اللبناني الشرقي، نفذت صباح أمس مجموعات من «النصرة» هجوماً شاملا ضد موقع عسكري لفوج الحدود البري في «تلة الحمرا» شرق بلدة رأس بعلبك، استخدمت فيه القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة المتوسطة والثقيلة، وجرت عمليات التحام بين المهاجمين والمدافعين عن الموقع الذين سقط منهم عدد من الشهداء والجرحى، وانقطع الاتصال بمجموعة منهم.
ولم تكد تمضي فترة قصيرة على سيطرة «النصرة» على الموقع، حتى شن الفوج المجوقل في الجيش اللبناني هجوما ساندته فيه مروحيات الجيش بصواريخ جو ـــ أرض، وسلاح المدفعية بعشرات القذائف، وأدى قرابة الخامسة والنصف من عصر أمس، إلى إعادة إحكام قبضة الجيش على «تلة الحمرا».
وفيما يعتبر هجوم المجموعات هو الثاني من نوعه خلال ثلاثة أشهر على المنطقة نفسها، بهذا الحجم الواسع، لاحظ مراسل «السفير» في الهرمل أن المهاجمين منيوا بخسائر فادحة، وسقط منهم العشرات بين قتيل وجريح، كما تم تدمير عدد من آلياتهم، وأشار الى سقوط 5 شهداء و14 جريحاً للجيش نقلوا الى عدد من مستشفيات المنطقة.
ولاحظ مراسل «السفير» أن المهاجمين يأخذون في الحسبان في هجماتهم بعض نقاط الضعف، سواء على صعيد انتشار القوى العسكرية اللبنانية، أو القدرة على تحريك القوى في المنطقة المستهدفة، اذ إن المستهدف في معظم الأحيان هو حرس الحدود البري، وليست قوات النخبة في الجيش.
ضغط ..واستعراض
ونقل مراسل «السفير» عن مصادر أمنية وجود تقديرات مسبقة بوقوع الهجوم، وأن ثمة هجمات أخرى ستتكرر على هذا الموقع، وعلى مواقع أخرى في منطقة البقاع الشمالي، وكلها في سياق الضغط على الجيش اللبناني و»حزب الله» واستعراض قدرة المجموعات المسلحة في جرود عرسال ومشاريع القاع والقلمون على التحرك وفرض وقائع جديدة على الأرض، وبالتالي استنزاف الجيش و»حزب الله» الذي نفذ، أمس، استنفاراً في الخطوط الخلفية، ترافق مع استنفار الأهالي ومبادرة عشرات الشبان الى حمل السلاح الفردي في القرى تحسباً لأية تطورات دراماتيكية. كما عاد معظم رجال رأس بعلبك من بيروت إلى بلدتهم «تحسباً لأي هجوم عليها»، وفق ما أكد لـ «السفير» مختار البلدة سهيل نعوم.
ولاحظت مصادر أمنية متابعة في المنطقة أن هذا الهجوم يأتي في توقيته على مسافة خمسة أيام من «عملية القنيطرة» التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضد مجموعة من «حزب الله» وعلى مسافة حوالي عشرة أيام من «عملية روميه» التي نفذتها قوى الأمن الداخلي في سجن روميه المركزي، وشكلت بقرارها ونتائجها عنصر استفزاز كبيراً لتنظيم «النصرة» الذي توعد بعدها بالانتقام، موجهاً رسائل تهديد لكل من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.
كما جاء هجوم الأمس، غداة الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد جان قهوجي، صباح يوم الأربعاء الماضي إلى منطقة البقاع الشمالي وتفقد خلالها الوحدات العسكرية المنتشرة في عرسال واللبوة ومحيطيهما، وأعلن خلالها «أننا على استعداد تام لمواجهة الأحداث وهي لن تكون أصعب من تلك التي مررنا بها سابقاً».
ويمتد جرد رأس بعلبك من شرق البلدة، وبالتحديد بعد «كنيسة السيدة» باتجاه الحدود مع منطقة قارة السورية بطول يصل إلى نحو 16 كيلومتراً، وبمساحة 23 هكتاراً تقريباً، ويعتبر الجرد الأكبر بعد جرد عرسال في منطقة البقاع الشمالي على الحدود مع سوريا.
وتقع على بعد ستة كيلومترات من «كنيسة السيدة»، منطقة «الوسعة» التي تحد تلتي «الحمرا» و»النجاصة» اللتين شهدتا معارك عنيفة في الساعات الأخيرة.
وفيما فرض الجيش اللبناني طوقاً من التكتم حول مجريات العملية العسكرية وخسائره، اكتفت مديرية التوجيه ببيان تضمن الآتي: «على أثر الكمين المتقدّم الذي نفذته وحدة من الجيش ليل الأربعاء الفائت، لعدد من المسلحين المتسللين باتجاه حاجز وادي حميد في منطقة عرسال، وأوقع أربعة قتلى في صفوفهم، وعدداً آخر من الإرهابيين في جرود المنطقة، بالإضافة إلى إحباط الجيش محاولة نقل سيارة مفخخة إلى الداخل اللبناني بتاريخ 22/1/2015، هاجمت مجموعات من التنظيمات الإرهابية صباح اليوم (أمس)، مركز مراقبة متقدماً جداً للجيش في «تلّة الحمرا» في جرود رأس بعلبك لجهة الحدود اللبنانية ـ السورية.
وبنتيجة الاشتباكات العنيفة التي حصلت بين قوى الجيش والمجموعات الإرهابية، أحكمت هذه القوى ظهر اليوم (أمس) سيطرتها على التلّة المذكورة، بعد أن طردت العناصر الإرهابية التي تسلّلت إليها، موقعةً في صفوفها عدداً كبيراً من الإصابات بين قتيل وجريح. وقد سقط للجيش من جراء الاشتباكات عدد من الشهداء والجرحى».
ولاحقا نعت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، عدداً من العسكريين الذين استشهدوا نتيجة الاشتباكات وهم: الملازم الأول الشهيد أحمد محمود طبيخ (من مواليد 15/1/1987 دورس – قضاء بعلبك، متأهل من دون أولاد)، الرقيب الشهيد محمد نيازي ناصر الدين (من مواليد 20/6/1983 الكواخ – قضاء الهرمل، متأهل وله ولد واحد)، الجندي الشهيد بلال خضر أحمد (من مواليد 1/11/1986 شان – قضاء عكار، متأهل وله ولد واحد)، المجند الشهيد محمد علي علاء الدين (من مواليد 11/2/1995 جديدة مرجعيون، عازب)، المجند الشهيد حسن رمضان ديب (من مواليد 25/3/1992 تكريت – عكار، عازب).
وتلقى قائد الجيش، الذي كان يتابع المواجهات لحظة بلحظة، من غرفة العمليات في قيادة الجيش، اتصالا من رئيس الحكومة تمام سلام، أبلغه خلاله دعمه الكامل للجيش في كل ما يقوم به دفاعاً عن لبنان وصوناً لأمن اللبنانيين، وشدد سلام على أن اللبنانيين يقفون صفاً واحداً وراء جيشهم «وليس أمامهم خيار سوى الانتصار في هذه المعركة المفروضة عليهم ولن يسمحوا لحفنة من الإرهابيين بكسر قناعتهم الوطنية والعبث باستقرارهم».
انفجار في محكمة لـ «النصرة»
الى ذلك دوَّى صوت انفجار قوي، قبيل منتصف الليل، في عرسال، وتبين ان الانفجار وقع في داخل المحكمة الشرعية التابعة لـ «النصرة» في وادي عطا في اطراف عرسال، من دون وقوع اصابات، علماً أن مبنى المحكمة كان مغلقاً امس لكونه يوم جمعة.