حذّر النائب السابق لحاكم مصرف لبنان ناصر السعيدي من تعرّض لبنان لأزمة اقتصادية كبيرة في حال إقرار مشروع قانون الموازنة، من دون ان تطرأ عليه تغييرات جذرية، ومن دون الالتزام بالاصلاحات. ولم يستبعد السعيدي ان تعمد وكالة التصنيف الدولية «ستاندرد اند بورز» الى خفض تصنيف لبنان الائتماني في شهر آب المقبل.
إعتبر النائب السابق لحاكم مصرف لبنان ناصر السعيدي، انّ وضع لبنان الاقتصادي في الفترة المقبلة رهن بما سينتج عن مجلس النواب في ما خصّ مشروع قانون الموازنة. وقال لـ»الجمهورية»: «في حال أخذ مجلس النواب بمشروع قانون الموازنة من دون ان تطرأ عليه تغييرات جذرية، وتوازياً باشرت الدولة بالإصلاحات المطلوبة، فإنّ ذلك سيخفّض من احتمال وقوع أزمة اقتصادية كبيرة. لكن في حال لم يتمّ الالتزام بما سيرد في مشروع الموازنة وبالاصلاحات الضرورية المقترحة، مثل خطة الكهرباء وغيرها، وفي الوقت نفسه حاول مجلس النواب ان يزيد من حجم الإنفاق بطريقة ما، عندها سنكون مقبلين على أزمة اقتصادية كبيرة».
وأضاف: «انّ مشروع الموازنة توقع نسبة نمو 1%، لكن بعد انقضاء نصف السنة، تبيّن اننا لم نحقق اي نمو، وبالتالي يستحيل ان تحقق الدولة الايرادات التي تتحدث عنها في مشروع موازنة 2019، انطلاقاً من ذلك نقول، انّ على مجلس النواب ان يستعجل في إقرار الموازنة من دون اي تعديلات، والأهم السير بالاصلاحات الهيكلية والجذرية المطلوبة، لأنّ مشروع الموازنة من دون هذه الاصلاحات لا يكفي».
وتابع: «للأسف، لم تلتزم الحكومات المتعاقبة بالإصلاحات المطلوبة على مرّ السنوات، لا بل سجلت اختراقات مهمة، ولعلّ ابرز ما نعاني منه اليوم يتأتى من إقرار سلسلة الرتب والرواتب، فهذا خطأ فادح ارتكبته الحكومة ومجلس النواب على السواء في حقنا كلنا كمواطنين». وأكّد، «ان هذه السلسلة هي السبب وراء المشاكل المالية التي نعاني منها، وذلك نتيجة اخطاء وعدم دراية وعدم مسؤولية».
إكتتاب مصرف لبنان
ورداً على سؤال عن انعكاس إقدام مصرف لبنان على حملة اكتتاب 11 الف مليار دولار بفائدة 1 % قال السعيدي: «انّ مصرف لبنان هو أكبر حامل لسندات خزينة الدولة بالعملة اللبنانية، واذا دخل اليوم بهذه العملية ستزيد حيازته من هذه السندات، ومجرد شرائه لهذه السندات فهذا يعني انه سيضخ سيولة في البلد، وبالتالي بتنا نتحدث اليوم عن إقدامه على تمويل العجز وتمويل الدين. وانّ مجرّد ضخ هذه الاموال في البلد، فهذا يعني انّ الطلب على الدولار سيزيد، وقد تكون لهذه العملية انعكاسات تضخمية، لأنّها اسمياً تخفف من عجز الدولة بسبب تخفيض نسبة الفائدة التي تدفعها على سندات الخزينة. لكن فعلياً، فإنّ مصرف لبنان هو من سيموّل عجز الدولة بضخ سيولة في السوق مما قد يزيد التضخّم في البلد».
وعن السياسة البديلة التي يمكن اعتمادها لخفض كلفة العجز، تمنّى السعيدي «لو انّ القطاع المصرفي ساهم في هذه العملية على غرار ما حصل في العام 2002، يومها اكتتبت المصارف بسندات بفائدة 2% او اقل. واعتبر انّ هذا الحل افضل لأنّ مصرف لبنان ليس بتاجر، وبالتالي، انّ اكتتاب المصارف سيخفض من كلفة تمويل الدولة، اما اكتتاب مصرف لبنان بالسندات وحده، فيخفض كلفة تمويل الدولة اسمياً فقط».
وبالانتقال الى مخاطر خفض تصنيف لبنان الائتماني من قِبل مؤسسات التصنيف الدولية، قال: «انّ وكالة التصنيف الدولية «موديز» أبقت على تصنيفها للبنان، انما تتجّه الانظار راهناً الى ما ستُقدم عليه وكالة التصنيف الدولية «ستاندرد اند بورز»، الذي نظراً للبيانات التي صدرت عنها أخيراً، فمن المرجّح ان تخفّض تصنيف لبنان في شهر آب المقبل».
نسب النمو
أما عن نسب النمو المتوقعة والتقديرات التي تتراوح بين صفر و 1 في المئة، فقال: «انّ نسبة نمو صفر تعني ان لا انفاق ولا ايرادات اضافية حتى من الضريبة على القيمة المضافة التي تحّصلها الدولة. وقد لاحظنا التراجع اللافت في مداخيل الدولة الناتج من هذه الضريبة في العام 2018. ولهذا السبب تقول شركات التصنيف الدولية، انّ النسب هي أعلى مما يرد في مشروع الموازنة».
وختم السعيدي: «ان نسبة نمو صفر تعني ان لا استثمارات مباشرة وان لا استثمارات من الخارج، ما يعني ان الدخل بقي على المستوى الذي كان عليه في 2018».