الإرهاب التكفيري والإرهاب الإسرائيلي صارا هدفاً واحداً لمحور المقاومة، بعدما تحول الأول الى خطر يدفع بالأقليات الدينية والمذهبية الى ترك الارض والهيام في جهات الارض الأربع بما يسهّل على العقل الصهيوني إتمام مشروع الفرز العنصري القائم على الهوية الدينية، بينما الثاني كرّس ما هو مكرّس من انه منبع الشرور باعتباره غدة سرطانية لكنها أضحت مع التنامي المتسارع لقدرات المقاومة ووعي الشعوب ليست عصية على الاستئصال.
هو الاستنتاج الاول من خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي يعبّر عن الانتقال الى مرحلة جديدة، أوسع إطاراً وعمقا ومدى جغرافياً، تنطلق من الاستثمار على الخبرات والانتصارات المتراكمة لترسم مسارا جديدا وعهدا آخر للمنطقة، ليس لاسرائيل فيه اليد الطولى التي تتيح لها الغطرسة والافلات من العقاب، وانما صارت اسرائيل في موقع حساب اي خطوة قد تقدم عليها، لان ما ينتظرها سيزعزع اكثر فأكثر البنيان الهش من تحت كيانها.
ومرة جديدة يضع سيد المقاومة جمهوره، كما كل الشعب اللبناني، في موقع قوة، عبر رده كرة النار والقلق والخوف من الساحة اللبنانية الى الساحة الاسرائيلية التي اصبحت في قلق متعاظم جراء الخيبات والحماقات المتتالية للقيادتين السياسية والعسكرية منذ الاعوام 1985 و1993 و1996 و2000 و20006، وصولا الى التحول الاستراتيجي في اداء المقاومة المتمثل بعملية مزارع شبعا ذات الرسائل والاهداف المتعددة. وهذه القيادة التي وصلت الى خيارات احلاها اشد مرارة ولم تستطع ابتداع الطريقة والوسيلة التي تخرجها من حلقة الهزائم المتتالية.
والثابت ان حساب الحقل الاسرائيلي لم يطابق حساب بيدره، المصحوب بأمنيات اقليمية ودولية، بأن يرتكب «حزب الله» ومعه محور المقاومة خطأ إستراتيجياً في التقدير وحساب الردّ، بحيث تتقدم الذرائع والحجج التي من شأنها ان تتيح للعدو توجيه ضربات قاسية جدا للخاصرة السورية التي كان يعتبرها الى ما قبل عملية مزارع شبعا أنها الاكثر سهولة في سياق مشروعه العدواني الذي ينسجم مع حسابات عربية واقليمية ومصالح دولية.
والخيبة الجديدة لقيادة العدو هي في اسقاط نصرالله لـ «قواعد الاشتباك» التي كان الحزب يراعيها على مضض لحسابات ومنطلقات داخلية لبنانية وليس لاعتبارات اقليمية ودولية. لا بل إن نصرالله رسّم خطوطا حمراء واسعة جدا تطال عمق بيئة المقاومة اينما كانت، بحيث تحدث بصريح العبارات عن التوجهات الجديدة والقواعد الجديدة، اذ اصبح كل مقاوم هو خط احمر، في حين ضاقت الى حد الاختناق الهوامش على اسرائيل التي سيطول انكباب خبرائها ومحلليها على تفنيد واستقراء وتحديد كل المضامين الظاهرة والكامنة في الخطاب.
استطاع سيد المقاومة تحويل الخطر الى فرصة إستراتيجية. الا انه لم يكشف عن كل ما في جعبته، وهو كثير ومتراكم ويتراكم لحظة بلحظة. ويسجّل له انه بالامس انهك، الى حد التلف، العصب الأمني الاسرائيلي بكل دوائره، كما ان اسبوعين يفصلان هذا العدو المنغمس في تقييم الموقف والمخاطر التي صنعتها حماقاته، حتى يطل السيد نصرالله مجددا في «ذكرى الشهداء القادة» والتي ربما سيضمّن خطابه «تمرينا إستراتيجيا» جديدا للعدو يتصل بتوازنات ردع إستراتيجية تزيد من دائرة الاختناق في الخيارات الاسرائيلية، ناهيك عن ان اشارته في الخطاب الى استمرار «العلك» لدى قادة العدو حول عملية المزارع والذي قد تدفع الاعلام الحربي في المقاومة الى الافراج عن كل وقائع العملية بمشاهدها المذهلة التي ستهزّ الشارع الاسرائيلي وتصيبه في الصميم.
تجاوز نصر الله «أشباه مخاتير الداخل»، حسب قول أحد المراجع، «على قاعدة ان المقاومة لا تنظر الى حسابات الزواريب الضيقة جدا على اهدافها السامية. وربما يكون الموقف الدولي، لا سيما الاميركي الذي رفع الغطاء عن اي توجه اسرائيلي الى التصعيد، هو الصفعة المؤلمة الجديدة التي تلقاها مراهنون على تطور سلبي، ممن لم يتعظ من سلسلة خيبات الرهانات على الخارج، لا سيما بعد العام 2005 والى يومنا الحاضر».
لقد «لبنن» نصرالله بشكل قاطع الاستحقاقات اللبنانية، ومنها الاستحقاق الرئاسي بدعوته الى عدم انتظار اية مفاوضات او اي تقارب اقليمي، وفي ذلك دعوة لمن يعتبر من «أولي الالباب» الى الانخراط الجدي في البحث عن الحلول بعيدا من اسلوب تقطيع الوقت بانتظار تطور اقليمي ما.
لاريجاني: شهداء القنيطرة فتحوا فصلاً جديداً
شدد رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علي لاريجاني على ان «الحادث الإرهابي في القنيطرة ، اكد أن الكيان الغاصب للقدس والجماعات التكفيرية هما وجهان لعملة واحدة»، مشيراً الى انه «لولا الدعم الاستخباري والتسليحي والميداني الذي تتلقّاه هذه الجماعات من الكيان الصهيوني لما كان بإمكانها مواجهة القوات الشعبية والعسكرية السورية».
وقال لاريجاني، في رسالة وجهها في ذكرى شهداء القنيطرة، إن «هؤلاء الأعزاء فتحوا فصلاً جديداً في الصراع المرير الذي يخوضه الشبان المسلمون مع الكيان الصهيوني العنصري يبشرنا بغد أفضل». وأضاف ان «الشهادة هي هدية من الله تمنح لمن يستحقها، وقد بذل هؤلاء الشهداء الأعزاء الغالي والنفيس طمعاً بالفوز بهذه المنزلة الرفيعة، كما لم يدِّخروا جهداً على مسيرة إعلاء شأن الدين الإسلامي الحنيف ومكافحة الانحراف الفاضح الذي ينخر جسد العالم الإسلامي اليوم، أي التيارات التكفيرية والغدة السرطانية في المنطقة المتمثلة في الكيان الصهيوني الزائف».