لبنان: هدوء في عرسال بعد تصعيد عسكري.. وأنباء عن اقتراب «ساعة الصفر» للمعركة الثانية
مصادر: الحكومة ستتجه إلى الطلب من تركيا تولي مفاوضات تحرير العسكريين
بيروت: كارولين عاكوم
ساد الهدوء الحذر منطقة عرسال (شرق لبنان) وجرودها أمس، بعد اشتداد المعارك الليلة قبل الماضية حيث كثّف الجيش اللبناني ضرباته باتجاه معاقل المسلحين وأسفرت عن وقوع إصابات في صفوفهم، ما يشير إلى قرار من الحكومة بالحسم العسكري والحديث عن اقتراب ساعة الصفر «لمعركة عرسال 2».
في المقابل، بقيت المعلومات والروايات متضاربة حول التفجير الذي استهدف الليلة قبل الماضية حاجزا لحزب الله في منطقة الخريبة في بعلبك، فيما لا تزال قضية العسكريين المختطفين منذ معركة عرسال في بداية شهر أغسطس (آب) الماضي، لدى «داعش» و«النصرة» تأخذ الحيّز الأهم من الاهتمامات السياسية في ظل الحديث عن توقّف المفاوضات التي كانت قد تولّتها قطر.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر متابعة لملف العسكريين، لـ«الشرق الأوسط» بأنّ الحكومة اللبنانية ستّتجه للطلب من الجانب التركي تولي المفاوضات بعد نجاحه بتحرير الرهائن الأتراك الذين كانوا محتجزين لدى «داعش» في الموصل. وفي حين رأت المصادر أنّ التصعيد العسكري ليل الأحد من قبل الجيش اللبناني من شأنه أن ينعكس سلبا على المفاوضات، فإنها سألت «كيف يمكن للحكومة اللبنانية أن تقرّر استكمال المفاوضات وتبدأ في الوقت عينه بالحسم العسكري واعتقال النازحين السوريين بشكل عشوائي؟»، وأضافت: «هذا التصعيد العسكري قد يستغله المسلحون في جرود عرسال ويعمدون إلى تصفية العسكريين ومن ثم القول: إنهم قتلوا خلال القصف».
وكان «داعش» أعدم عسكريين اثنين ذبحا، فيما أقدمت «جبهة النصرة» على إعدام محمد حميه مساء الخميس رميا بالرصاص، مهدّدة بقتل العسكري علي بزال، وهو الأمر الذي أدّى إلى التصعيد وحالة من التوتّر في ظل التهديدات المتتالية التي يطلقها الخاطفون مهددين بإعدام العسكريين إذا لم تتجاوب الحكومة اللبنانية مع مطالبهم التي ترتكز على إطلاق سراح موقوفين متشددين في سجن رومية.
في غضون ذلك، استكمل الجيش اللبناني أمس تحصيناته على المحاور ومواقعه على التلال المحيطة بعرسال بهدف ضبط مداخل البلدة وفصلها عن الجرود مستقدما المزيد من التعزيزات العسكرية في ظل الحديث عن اقتراب ساعة الصفر لانطلاق «معركة عرسال 2»، وهذا ما ذكرته أيضا «المحطة اللبنانية للإرسال» مشيرة إلى أن الجيش يراقب المناطق التي يأتي منها المسلحون بالكاميرات وطائرات الاستطلاع في جرود عرسال وهو على استعداد للمواجهة بكل إمكانياته العسكرية المتوفرة لديه.
وكانت منطقة عرسال وجرودها قد شهدت الليلة قبل الماضية اشتباكات وقصفا باتجاه الجرود ولا سيّما «وادي الرهوة» حيث معاقل المسلحين، إضافة إلى تنفيذه عمليات دهم واعتقالات طالت العشرات من السوريين. وقد أدّى القصف إلى تحقيق إصابات مباشرة في صفوف المجموعات المسلحة أشارت بعض المعلومات إلى مقتل أحد قياديي «داعش».
وكانت «جبهة النصرة» قد توعّدت مساء أمس بشن معركة جديدة إذا لم يتوقف الجيش اللبناني وحزب الله عن قصف مناطق جرود عرسال. وقالت في بيان لها نشرته على «تويتر»: «في حال لم يتوقّف القصف على جرود عرسال عند الفجر فإن المعركة هذه المرة لن تكون كسابقاتها والثمن سيكون غاليا».
من جهة أخرى، وفي حين نفى إعلام حزب الله أنّ يكون التفجير الذي وقع في الخريبة، شرق مدينة بعلبك، بالقرب من الحدود اللبنانية – السورية، الليلة قبل الماضية أسفر عن وقوع قتلى، أكّد لوكالة الأناضول التركية، قيادي في «جبهة النصرة» التي تبنّت الهجوم، أنّ الهجوم ناجم عن عبوة ناسفة وليس عملية انتحارية، وهو ما أشارت إليه مصادر أمنية لافتة إلى وقوع إصابات وليس قتلى في صفوف عناصر الحزب. وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» قد أفادت أن انتحاريا داخل سيارة رباعية الدفع من نوع «رانج روفر»، فجر نفسه لدى وصوله إلى الحاجز، بالتزامن مع مرور دراجة نارية، ما أدّى إلى سقوط 3 قتلى.
وكانت انفجارات عدّة هزّت معاقل حزب الله منذ عام 2013 في الضاحية الجنوبية لبيروت وشرق لبنان أدّى إلى وقوع قتلى وجرحى، وأعلنت جماعات متشدّدة، مسؤوليتها عن تلك التفجيرات التي قالت: إنها ردّ على مشاركة حزب الله في القتال بسوريا إلى جانب النظام.
وفي المواقف السياسية، شدّد رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على ضرورة التفريق بين المجموعات التي تقترف الجرائم باسم الدين واللاجئ السوري. وقال خلال جولة له في منطقة راشيا في البقاع الغربي، العسكريون المختطفون هم عائلة واحدة وعلينا أن نتحمل بصبر وشجاعة، وكما قال رئيس الحكومة تمام سلام «لن نفاوض على أسرانا بهذه الطريقة، إنما سنفاوض عبر الدول، ومن هنا أدعو مجددا إلى الإسراع بالمحاكمة، محاكمة عادلة للمسجونين في رومية».