يجد النائب وليد جنبلاط صعوبة في الحفاظ على تحالفاته الانتخابية التقليدية في الشوف، ولا سيّما مع تيار المستقبل والقوات اللبنانية. وفيما يضع عينه على التحالف مع التيار الوطني الحر، يبدو الطريق محفوفاً بالتنازلات، أو بالمواجهة، التي تعطي العونيين أكثر ممّا قد يؤمّنه التحالف مع جنبلاط.
لم يُسعف النائب وليد جنبلاط، كلّ العون الذي يقدّمه له حزب الله وحركة أمل. ارتاح جنبلاط في بيروت وراشيا وبعبدا، لأن «من يقدر لا يريد» تهديد مقاعده، ومن يقدر أيضاً، لم يشكّل لائحة كسر عظم لقوى 8 آذار في وجهه. لكنّه، مع ذلك، غرق في أزمة حلفائه، لينتقل التهديد إلى عقر داره في دائرة الشوف ـ عاليه.
منذ ما قبل أزمة احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية، كان جنبلاط قد اتّفق مع القوات على التحالف في الشوف وعاليه، على أن تكون القوات شريكاً في اختيار الأسماء على اللائحة المشتركة أيضاً، لا كما جرت العادة، بأن يُهندس جنبلاط لائحته ويترك أمكنة للراغبين في الانضمام إليها. غير أن رئيس الاشتراكي، كان قد فتح خطوطاً مع الوزير السابق ناجي البستاني لحجز مقعد لماروني على لائحته، قطعاً للطريق أمام التيار الوطني الحرّ، في حال رسوِّ التفاهم العريض على «خواتيم سعيدة»، بعقد تحالف كبير بين الاشتراكي والمستقبل والقوات والعونيين.
انقلب السحر على الساحر. تحوّل ترشيح البستاني المفاجئ، إلى إشكالية مع القوات، وسبب لدفع القوات إلى حضن التيار الحرّ، ووصول الأمور في الأيام الماضية إلى إبلاغ التيار والقوات إلى المعنيين، بأن «الحزبين المسيحيين يريدان تسمية المرشّحين المسيحيين في كل الدائرة إذا أراد جنبلاط التحالف العريض، والاتفاق على أسماء مرشَّحَيه المسيحيين، نعمة طعمة وهنري حلو».
ولم يسلم تحالف جنبلاط مع الحريري أيضاً. إذ إن إصرار الحريري على النائب محمد الحجّار، ابن شحيم، وإصرار جنبلاط على بلال عبد الله، ابن شحيم أيضاً، خلق أزمة تمثيل بلدة برجا، وصعّب على جنبلاط ضمان التحالف مع الحريري، ما دام تيار المستقبل لا يحتاج تحالفاً مع أي كتلة وازنة، ويكفيه التحالف مع بعض الشخصيات، حتى يفوز بمقعدين في الشوف، وهو الذي يرغب أيضاً في ترشيح الوزير غطّاس خوري لحجز مقعدٍ ماروني في الشوف، إلى جانب تمثيله في الإقليم.
كل هذه العوامل، دفعت جنبلاط إلى البحث عن حلول. لقد ضاق ذرعاً باعتراض القوات على البستاني، والحريري لن يوفّر فرصةً للانتقام من القوّات بسبب موقفها من أزمة السعودية. تداول الحريري وجنبلاط، خلال لقائهما الأخير، في إمكانية عزل القوّات وعقد تحالف مع التيار الحرّ لضمان شريك مسيحي. القوات أيضاً تستطيع الحفاظ على مقعدها في الشوف بتحالف «بسيط» ربّما مع حزب الأحرار، الذي يسعى رئيسه أيضاً النائب دوري شمعون إلى تشكيل لائحة والمشاركة في الانتخابات.
ومع أن مصادر بارزة في القوات تقول إن «الحريري حريص على التحالف معنا ويعمل على تذليل العقبات بيننا وبين الاشتراكي»، يؤكّد أكثر من مصدر اطلع على مجريات لقاء الحريري ـ جنبلاط، أن هذا الثنائي، في حال نجاحه في استمالة التيار الوطني الحرّ، سيعمل على إخراج القوات بعيداً من اللائحة، خلافاً للرغبة السعودية. بدوره، وعد الحريري جنبلاط بالعمل على تذليل العقبات مع التيار الحرّ، لكنّه طالب جنبلاط أيضاً بأمرين: الأول، هو مساعدته في الحصول على المقعد السّني في حاصبيا ــ مرجعيون، ثم القيام بمبادرة حسن نيّة تجاه الرئيس ميشال عون. اعتذر جنبلاط عن الأولى، ناصحاً الحريري بعدم مواجهة لائحة حزب الله ــ أمل في دائرة الجنوب الثالثة و«تزعيل» الرئيس نبيه بري، بينما حجز موعداً على عجل في القصر الجمهوري، وأطلق مديحاً لعون بعد اللقاء.
عاد جنبلاط ليحنّ
إلى ترشيح علاء ترّو
بدل عبد الله
مبادرة «حسن النيّة»، هي أيضا نتاج أجواء صدرت عن باسيل في الأسبوعين الماضيين، عن أن جنبلاط ينشد تحالفاً مع التيار الحر، ولكنه لا يتواصل مع رئيس الجمهورية. قال باسيل أمام أكثر من شخصية إنّ على جنبلاط أن يزور بعبدا، قبل البحث في أي تحالف. لم يحفل لقاء عون ــ جنبلاط بأي نقاش انتخابي، بل بأحاديث عامّة عن الصراع الحدودي مع إسرائيل. وبحسب المعلومات، لم تحمل «المفاوضات» العونية ـ الاشتراكية أي جديد، وسط أجواء عند مختلف القوى بصعوبة إنجاز تحالف كهذا الآن، برغم الإلحاح الحريري. فالتيار الحرّ يستند إلى عناصر قوّة، أهمّها قدرته على الفوز بثلاثة مقاعد في حال تحالفه مع شخصيّات وقوى «متواضعة» من دون التحالف مع الاشتراكي أو مع المستقبل أو حتى القوات في الجبل الجنوبي، وهو ما لا يمكن أن يقدّمه جنبلاط له. كذلك فإن قاعدة التيار الحرّ، تختلف تماماً عن قاعدة القوات في الدائرة، فجمهور التيار لن يكون متحمساً في حال التحالف مع جنبلاط للمشاركة في الانتخابات، وهذا ما قد يجعل مرشّح التيار الماروني ــ أيّاً كان ــ في الشوف، في عين الخطر، ما دام جنبلاط لا يقدّم للتيار في حال التحالف مقاعد مضمونة، مثل المقعد الكاثوليكي مثلاً. ومن الأفضل لـ«عدّة الشغل» الانتخابية للعونيين، أن تكون المعركة في مواجهة جنبلاط، وبعنوان «استعادة حقوق المسيحيين». كذلك، فإن التحالف مع التيار الحرّ، سيضطر جنبلاط إلى التخلّي عن ترشيح البستاني، الذي بدأ أيضاً بالتفكير بخيارات أخرى غير التحالف مع الاشتراكي.
وتكمن مشكلة جنبلاط الأكبر في التخلّي عن بلال عبد الله، لتكون المرّة الثانية التي يخلّ بوعده له بتبنّي ترشيحه، خصوصاً بعد أن راجت أجواء بعد لقاء الحريري ــ جنبلاط، تشير إلى أن جنبلاط بدأ «يحنّ» إلى إعادة ترشيح النائب علاء الدين ترّو. ويبدو جنبلاط قلقاً على مقعد نعمة طعمة، فهو من جهة يشنّ حملة تحريض على مرشّح التيار الحرّ غسان عطالله، والقول إنه من ضيعة ملاصقة للمختارة، و«جدّه قتله الدروز، وهو عائد للانتقام». ومن جهة ثانية، بادر يوسف نجل نعمة، للضّغط على موظّفين في شركة «المباني» في السعودية، للحضور إلى لبنان والاقتراع لمصلحة والده. ويؤكّد يوسف نعمة في رسالة لموظّفيه، بتاريخ 4 شباط 2018، إن «المكتب الانتخابي للمهندس طعمة على استعداد لتأمين الانتقال إلى لبنان لكل من يرغب في ذلك قبل اليوم المقرّر للانتخابات…». وتذكّر الرسالة بـ«أفضال» نعمة في «إعادة المهجرين إلى الجبل»، و«جهاده».
الاشتراكي يقدّم ترشيحاته
قدم الحزب التقدمي الاشتراكي أمس، رسمياً، إلى وزارة الداخلية طلبات الترشيح للانتخابات النيابية الخاصة بأعضاء اللقاء الديمقراطي. وتضمنت الأسماء الآتية: تيمور جنبلاط، مروان حمادة، نعمة طعمة، إيلي عون وبلال عبد الله عن منطقة الشوف؛ أكرم شهيب وهنري حلو عن منطقة عاليه، هادي أبو الحسن عن منطقة بعبدا، وائل أبو فاعور عن راشيا – البقاع الغربي، وفيصل الصايغ عن بيروت الثانية. وذكر موقع «الأنباء» الإلكتروني، الناطق باسم الحزب الاشتراكي، أن الوزير السابق المرشح ناجي البستاني «قد تقدم بطلب ترشيحه يوم الخميس الفائت».