السرعة الكبيرة التي يجري فيها تنفيذه تثير الشك والإعتراضات
هل ما يحصل عند نبع الطاسة مشروع مياه لخدمة القرى العطشى في اقليم التفاح والنبطية، أم انه مشروع لدعم النازح السوري، إذ يعمل داخل المشروع الذي اثير الجدل حوله قبل عدة اسابيع عند نبع الطاسة قرابة الـ90 عاملاً سورياً يتقاضى كل واحد منهم 10 دولارات يومياً، والاخطر بحسب المعلومات المتوافرة، ان مشروع جر المياه القائم عند نبع الطاسة، يهدف الى تأمين المياه الى شرق صيدا، وان هناك مشروع اقامة مخيم للنازحين السورين في شرق صيدا او قرب مخيم عين الحلوة، ما يعني بحسب المعلومات ان دعم اليونيسف لمشروع فائض نبع الطاسة، انما هدفه جر المياه الى مخيم النازحين المزمع اقامته، وليس تغذية القرى العطشى، وما اثار الشكوك حوله اكثر، السرعة الكبيرة التي يجري فيها تنفيذ المشروع، والتي تتم بوتيرة عالية جداً، الامر الذي رأته جمعية نداء الارض والاهالي مثيراً للريبة ويلحق الغبن بنهر الزهراني الاجمل في المنطقة، متسائلة كيف يمكن الاستفادة من فائض الشتاء، والنهر يجف في شباط؟
الجميعة بصدد رفع شكوى قضائياً بحسب ما تقول الناشطة نجاة فرحات، التي تلفت الى أننا «سنرفع كتاب اعتراض الى منظمة اليونيسف في بيروت، وفي حال لم تتمّ الاستجابة وايقاف المشروع الذي يخالف القوانين ويمنع نقل مياه من حوض الى آخر، ستتمّ اقامة تحرك احتجاجي امام مكاتب اليونيسف في بيروت».
في العام 1982 وفي عز الاحتلال الاسرائيلي، جرى سحب جزء وافر من مياه نبع الطاسة باتجاه شرق صيدا، واليوم يستكمل العمل بمشروع مماثل ولكن بطريقة اخرى، رغم كل التطمينات التي بثتها مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، من ان المشروع، لن يمس بالنبع مباشرة وانه يساهم في تحقيق التكامل بين الاستفادة من جزء من فائض المياه لتوزيعه على القرى بالجاذبية والحفاظ على المحيط البيئي والتنوع الايكولوجي ومجرى النهر الطبيعي وتعزيز التنمية.
على ما يبدو، ان الصراع يكبر بين جمعية نداء الارض ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي التي تؤكد ان المشروع الذي ينفذ بالتعاون مع منظمة اليونيسف يقوم على الاستفادة من فائض مياه الشتاء، عبر خزان تتجمع فيه المياه وتنقل بواسطة الجاذبية إلى القرى المستفيدة. معتبرة انه مشروع بسيط وليس معقداً ويقدم حلّاً نموذجياً لأزمة المياه في المنطقة ويوفر ما يقارب الـ 80 ألف متر مكعب خلال موسم الذروة والفيضان». غير ان فرحات ترى ان المشروع يهدف الى سحب المياه الى شرق صيدا وحومين والنبطية، جازمة ان النهر لا يستوعب مزيداً من سحب المياه التي بلغت 90 بالمئة. ما يخشاه الاهالي بحسب فرحات ان تصبح كل القرى عطشى، والاخطر برأيها ان عملية التنفيذ تتم بوتيرة عالية جداً، ويجري مد انابيب داخل املاك الاهالي اضافة الى قطع اشجار في المنطقة ما يعني انتهاكاً واضحاً للبيئة والثروة الحرجية وايضاً المائية، التي قد تجفف النهر الذي لا يصل اليوم الى البحر. يعتبر نبع الطاسة احد اهم الينابيع التي تغذي قرى اقليم التفاح والنبطية، وهو يجري في الوادي الاخضر حيث كان متوقعاً اقامة سد لتجميع المياه عند احد نقاطه لريّ المنطقة، غير ان السد لم ينفذ اسوة بباقي السدود، والتي كانت ستحل ازمة المياه التي ترزح تحت وطأتها القرى. غير ان مؤسسة المياه ذهبت الى خيار سحب ما يسمى فائض مياه الشتاء من النبع وجرها عبر انابيب الى خزانات في حومين الفوقا، مشروع يقف بوجهه اليوم اهالي جرجوع وعربصاليم، ويحاولون ايقافهم بأي شكل من الاشكال، لانه يسرق مياه نهر الزهراني الاثري ويغير هويته، وما يخشاه الاهالي اكثر، تقول فرحات: «ان يتم تحويل نهر الزهراني بعد جفافه الى نهر للصرف الصحي لقرى اللويزة وسجد وجرجوع، من هنا فإننا لن نقف مكتوفي الايدي، وسنرفع الصوت حتى ايقاف المشروع الذي نعتبره جريمة كبرى.
لم يتحرك وزير البيئة ناصر ياسين حتى الساعة لمعرفة ما يجري عند ضفاف نهر الزهراني، رغم كل المناشدات له، وهنا تقول فرحات إننا بصدد رفع شكوى له لايقاف المجزرة الواقعة، وتسأل لماذا نهر الزهراني؟ لماذا لا تقام المشاريع عند نهر الليطاني او الاولي؟ لمَ كل هذا الغبن بهذا النهر الذي تربطنا به علاقة من الند للند؟
اذاً، يحتدم الصراع على نبع الطاسة اليوم، لطالما وقفت جمعية نداء الارض في وجه كل مشروع يشوه هذا النبع، ونفذت سلسلة تحركات طيلة السنوات الماضية في وجه كل مشروع كان يراد سحب مياه نبع الطاسة، وفي كل مرة كانت تنجح، هذه المرة دخلت في سباق مع الوقت، فالمشروع ينفذ بسرعة قياسية، وقد ينجز قبل ان تتمكن من فعل شيء لانه بحسب القانون حين تجر المياه داخل الانابيب يصبح المشروع قائماً، من هنا تؤكد فرحات «اننا لن نسكت وسنعمل بكل طاقتنا لايقافه».
لا يترك الاهالي باباً الا ويطرقونه لحماية مياههم، فهم اليوم يشترونها بـ700 ألف فكيف مع هذا المشروع؟ الكل يسأل عن رأي «الحزب» و»الحركة» في هذا الملف، مصادر متابعة تقول ان «الحزب» يرفض ضمنياً المشروع ويعمل لايقافه وان «حركة أمل» معه، ويسعى رئيس بلدية جرجوع التابع لها لتسهيل كل الامور اللازمة، ولكن في نهاية الامر المشروع قائم حتى الساعة فهل يتم ايقافه ام تخسر المنطقة ما تبقى من نبع الطاسة.