المعركة هنا لها رمزيتها وقواعدها وتكتيكاتها الانتخابية
تبدو المعركة الانتخابية في دائرة الزهراني هادئة نسبياً، رغم احتدام الصراع على المقعد المسيحي من جهة والصوت الاغترابي من جهة أخرى. فعلى بعد يوم واحد من انطلاق صافرة الانتخابات في بلاد الاغتراب، تتجه الأنظار إلى دور هذا الصوت في المعركة، خاصة أن وزناً كبيراً له اليوم، والكل يراهن عليه في الحرب الانتخابية المستعرة.
هي المرة الأولى التي يكون فيها المغترب شريكاً فعلياً في صناعة القرار، وربما تكون المرة الأولى التي يحسم فيها الصوت الاغترابي المعركة الانتحابية في لبنان، ففي دائرة الزهراني مثلا، من شأن 18 الف مغترب تغيير هوية المعركة وقلبها رأساً على عقب، من هنا الرهان كبير على هذه الأصوات، وأيضاً على مسار المعركة. ولا عجب أن يسخِّر كل الأفرقاء خطاباتهم لحث المغترب على التصويت وبكثافة، فهو بيضة القبان في تغيير موازين المعركة، وفيما تراهن المعارضة على أن تصبّ أصوات المغتربين في جيبتها، تؤكد قوى الثنائي أن صوت المغترب لم يتغير وسيبقى على ثوابته كما في السابق.
فمن المحظوظ الذي سينال صوت المغترب في دائرة الرئيس نبيه بري؟
تأخذ المعركة في دائرة الزهراني حيث يترشح بري هوية جديدة، فالمعركة هنا لها رمزيتها وقواعدها وتكتيكاتها الانتخابية، وأهميتها تكمن في أنها ستحدّد أحجام المعارضة والسلطة معاً، إذ لم يسبق أن وجدت لائحة مكتملة تتنافس مع لائحة الأمل والوفاء، ومن هنا تؤكد مصادر مواكبة أهمية هذه المعركة، وتحديداً المعركة الاغترابية، حيث تتجه الأنظار نحو توجه المغترب وخياراته، فالقوى التغييرية تراهن عليه لتصل إلى الحاصل الانتخابي، في حين تؤكد مصادر الثنائي أن خياراته لم تتبدل، فكما انتخابات 2018، كذلك 2022، فالاختيار سيكون للثوابت الوطنية.
يسعى كل فريق إلى جذب الصوت الاغترابي إلى كنفه، فالمعركة الأولى ستحدد حجم المشاركة الاغترابية، ولا عجب إن كثّفت القوى الاعتراضية كما قوى السلطة لقاءاتها مع المغتربين وحثهم للتصويت بكثافة، قبل الصمت الانتخابي ولم يتأخر الرئيس بري بحثّ المغترب على الانتخاب للوحدة وليس للشرذمة، وللثوابت وليس للوعود كنوع من التأكيد على أهمية هذا الصوت من ناحية، وإبعاده عن اللغة الطائفية والتحريضية من ناحية أخرى، فهذا المغترب لطالما كان حجر الزاوية الاقتصادي للوطن، والكل يريده أن يكون حجر الزاوية السياسي في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ لبنان ووفق مصادر الثنائي فإن المغترب الذي يملك حيثية وطنية وثوابت رصينة لن يتأثر بعملية التضليل والشحن الطائفي، على العكس لن يتراجع الصوت الاغترابي بل سيزداد أكثر، وان صندوق الاقتراع سيكذّب المراهنين على تراجع نسبة المشاركة لصالح الثنائي.
على عكس المرشح المسيحي في دائرة الزهراني هشام حايك الذي يرى أن «المعركة التغييرية تتمثل بالصوت الاغترابي، فهذا الصوت قد يغيّر كل موازين اللعبة الانتخابية». ويعوّل على المغترب ليكون شريكاً في التغيير، فهو البوصلة الأساس نحو الحاصل الانتخابي، ولا يخفي قدرته على انتزاع مقعد نيابي، فهو ينطلق من الـ2200 صوت مسيحي مغترب، ومن شأن هذه الأصوات إحداث فرق في موازين المعركة، ويضعها في خانة «التصويت لإعادة بناء الدولة»، ويستبعد أن «يجدد المغترب للمنظومة التي سرقت مدخراته في المصارف لأن هذا مستغرب فعلاً، جازماً أن الإحصاءات تؤكد أن المغترب سيصوّت للتغيير.
من المتوقع أن تحتدم المنافسة في دائرة الزهراني بين لائحتي الثنائي والقوى التغييرية، ووفق حايك فـ»إن المغترب الراغب في التغيير لا خيار له سوى لائحة «معاً للتغيير» لأن هدفنا إنتاج طبقة سياسية مختلفة عن الطبقة المجربة». ويؤكد أهمية المعركة الاغترابية لإنقاذ لبنان، وأن من شأن الحراك الانتخابي الراهن وضع اللبنة الأولى للتغيير ولصناعة القرار في لبنان، والرهان الكبير على صوت المغتربين.
يبدو أن للصوت الاغترابي وزنه الفاعل في صناعة القرار السياسي الجديد، فالأنظار تتجه إلى خياراته ونسبة مشاركته في اللعبة الديمقراطية، وبانطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات تسقط فرضية تأجيلها، وهذا ما تؤكده مصادر الثنائي جازمة أن المعركة قدر ومكتوب، وأنهم حريصون على تأمين كل المناخات الموائمة للاستحقاق الذي يوليه الرئيس بري عنايته واهتمامه الخاص ويحضّ الجميع على الاقتراع انطلاقاً من قوله « كما كنتم عظماء في مقاومتكم كونوا عظماء في ممارسة دوركم الديمقراطي».
إنها معركة المغترب اليوم، بيده مفاتيح التغيير كلها، فهل يحسمها ويصوّت لخياراته أم يعتكف؟ الجواب في يوم الاقتراع الأول.