IMLebanon

الزرازير التي صارت شواهين  

بعيداً عن الحوار المباشر وغير المباشر بين الوزراء المعنيين، وإنطلاقاً من قول معالي وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق حول تخلية بعض الذين أُطلق سراحهم وهم المتهمون بإطلاق النار في المناسبات الشخصية (وحتى من دون مناسبة) نود  أن نعلن بالفم المليان أننا نريد أن نتقدّم بدعاوى، وبالجملة، على الذين مارسوا الضغوط لإطلاق سراح «الزعران».

أمّا وإن الحديث يدور هذه الأيام على الأمن الإستباقي (عن حق وحقيق، ومشكورة القوى العسكرية والأمنية) فإننا نود أن نتقدّم بإدّعاء استباقي، إحترازي ضدّ الذين أخلوا سبيل الزعران، وضدّ هؤلاء أيضاً بهدف «جرّهم مكبّلين» الى بيت خالاتهم… وكذلك ضدّ السياسيين، إذا كان هناك من سياسيين متورّطين في هذه العملية.

ونود أن نسأل المعنيين جميعاً بهذه المأساة – الملهاة: أمام مَن سنرفع الدعوى، الى من نقدِّم الإدعاء؟ الى أي هيئة أو جهة؟!

أنا مواطن عادي متضرر حتماً من إطلاق النار العشوائي… ولقد قررت أن أُقاضي الذين تسبّبوا لي بالضرر (حاضر لأن أدلي به، تفصيلاً، للمرجع أو الهيئة أو الجهة… التي أتقدم بالشكوى أمامها) فمن هي هذه الجهة؟ تفضلوا وأفيدونا عن الجهة الصالحة للإدعاء. تفضّلوا، مشكورين، أجاركم اللّه، وحماكم وحمانا، من شرّ الرصاص الطائش.

أنا مواطن لبناني عادي، وأتمتع بكامل حقوقي المدنية والوطنية، وأدّعي أنني بكامل وعيي وإدراكي لحظة كتابة هذا الكلام، أريد أن اتقدم بشكوى على أولئك الوارد ذكرهم أعلاه… فمن يأخذ بيدي ليرشدني الى الجهة الصالحة لتقبّل دعواي.

من يعتبرني «مواطناً صالحاً» فيدلّني لأمارس حقوقي الوطنية والمدنية في هذه النقطة؟!.

مَن يعتبرني مواطناً مقهوراً، وأسباب القهر لا تُـحصى ولا تُعد، فيدلني الى الجهة التي سأدّعي أمامها؟!.

ولكن، أصلاً:

من سيزوّدني بلائحة متعدّدة الأسماء والجهات:

لائحة بأسماء السياسيين الذين إتهمهم معالي وزير الداخلية بالتدخل لإطلاق سراح «الزعران»؟

ولائحة بأسماء الذين خضعوا لهذا التدخل.

ولائحة ثالثة بأسماء الزعران (الذين ثبت أنهم أطلقوا النار، وها هم يضحكون في العبّ لأنّ من ضَرَبْ ضَرَبْ… ومن هَرَبْ هَرَبْ)!

ثم من هو الذي يعتبرني، إلى ذلك، مواطناً «حشوراً» (فضولياً) فيرضي فضولي ويزوّدني باللائحة «ثلاثية الأبعاد» تلك!

أو تراني واهماً: فما كُتب قد كُتب، ومن أطلق النار قد أطلق النار، و… هرب شاهين! بل هرّبوا عشرات «الشواهين» الذين هم، في الحقيقة زرازير قام قائمها في الزمن الرديء… إنهم مجرّد زعران يصحّ فيهم قول الشاعر الأندلسي صفيّ الدين الحلّي في قصيدته التي مطلعها «سلي الرماح العوالي…»:

«إن الزرازير لمّا قام قائمها / توهّمت أنها صارت شواهينا».