“نرفض أي حملة على الراعي… وخروج الفرزلي نتيجة مسار تراكمي من التباينات”
كثر الحديث مؤخرا عن وجود تباينات في وجهات النظر داخل “التيار الوطني الحر” وتكتل “لبنان القوي”، وما عزز هذا الكلام هو خروج نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي من “التكتل” ودعوته الى استلام الجيش السلطة. فهل من إمكانية تقويم اي اعوجاج للوضع الداخلي بعد؟
في هذا السياق، يؤكد عضو التكتل النائب الان عون “ان المرحلة صعبة ودقيقة وقد تختلف المقاربات جذرياً تجاهها، حتى لو انطلق كل رأي داخلي من نيات حسنة أو قناعة يعتقد أنها هي صائبة. ويقول لـ”نداء الوطن”: “أما في ما يخصّ دولة الرئيس الفرزلي، فهو مسار تراكمي من التباينات أبعده عن “التكتل” منذ فترة طويلة إلا أنه لم يجاهر علناً بذلك كما فعل أعضاء سابقون في “التكتل” إبقاءً لشعرة معاوية، الا أن الجرّة انكسرت نهائياً وعلنياً مؤخراً”.
اما عن الوضع المسيحي بشكل عام واشتداد السجالات بين “التيار” و”القوات” بين فينة واخرى وامكانية انتقال التوتر بين الطرفين الى الارض، فيتمنّى عون ويبدي اعتقاده “بأن لا عودة الى الوراء في ما يخصّ السلم الأهلي في لبنان بشكل عام وبين المسيحيين بشكل خاص”، لكنه يستدرك بالقول:”هذا لا يلغي التباعد والتوتر السياسي الذي نشهده من وقت لآخر والذي يجب أن يبقى مضبوطاً تحت سقف التنافس السياسي البحت”. ويشدّد على ان”دروس الإقتتال الداخلي يجب أن تبقى في ضمير كل لبناني كي لا تعود عقارب الساعة اليها بأي شكل من الأشكال”. وعن امكانية حصول اي تفاهمات جديدة مع “القوات” بعد انهيار تفاهم معراب لا يرى عون “في الأفق والمعطى السياسي الحالي اي إمكانية لها”.
وعن طعن “الجمهورية القوية” بمنح “كهرباء لبنان” سلفة مالية يشدّد عون على “أن دعم الكهرباء لا يختلف عن دعم اي سلعة أخرى تدخل في إطار سياسة الدعم، أكانت سلعا غذائية أو أدوية أو محروقات وهي كلها يتمّ تمويلها من إحتياطيات مصرف لبنان” ويتساءل:”فلماذا التركيز فقط على موضوع الكهرباء بالذات باستثناء الغمز أو التصويب السياسي ؟ وإلا لماذا لا يعترضون على دعم محروقات المولدات الخاصة من الاحتياطي نفسه في مصرف لبنان؟ فما لن تنتجه كهرباء لبنان من تغذية، ستؤمنه المولدات الخاصة وفي الحالتين التمويل يأتي من مخزون مصرف لبنان للعملات الصعبة. يجب أن يكون الموقف شاملا وموضوعيا وليس سياسيا وإنتقائيا. لذلك أنا مثلاً من أكثر المنتقدين لسياسة الدعم العشوائية ومن أكثر الداعين الى استعمال الإحتياطي لدعم الاستثمارات بما فيها إنشاء معامل كهرباء بدل دعم الإستهلاك كالمحروقات”.
ويرفض عون أي حملة على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “أكانت عفوية أو موجّهة من البعض، ولكن للأسف، ما حصل إن دلّ على شيء فهو يدل على حجم أوجاع الناس التي لم تعد ترحم أحداً بما فيها المقامات الدينية كلما صدر موقف عام لا يرضيها”.
وفي ظل استمرار تعقّد المشهد الحكومي، يناشد عون الرئيس المكلف سعد الحريري “الإستمرار بمفاوضات تشكيل الحكومة التي لن تتشكّل الا بمزيد من المبادرات والتواصل المستمرّ مع رئيس الجمهورية، لأن انعدام الثقة، وتوتّر العلاقات، والمآخذ المتبادلة، والتشكيك بالنيات التي تشوب علاقتهما هي كلها عوائق جوهرية لن تزول الا بمحاولات مستمرّة حتى تحقيق الخرق المنشود ولنستفِد من سعاة الخير وعلى رأسهم غبطة البطريرك الماروني الذي ينشط على هذا الخطّ”.
التفاهم مع “حزب الله”
وعن تحديث ورقة التفاهم مع”حزب الله” يقول عون “ان العلاقة مع “حزب الله “تخضع لدينامكية خاصة بها، وتتصدّرها الأولويات الاقتصادية والمالية اليوم لأنها الهمّ الأساسي، ولكن هذا لا يعني ان المراجعة ليست حاجة بحكم حجم التحدّيات والتطورات التي حصلت داخلياً وخارجياً منذ بداية هذا التفاهم حتى اليوم. فـ”حزب الله” مكوّن أساسي في لبنان وهو جزء من السلطة السياسية بجناحيها التنفيذي والتشريعي كما غيره من الكتل السياسية، مما يرتّب عليه واجبات ومسؤوليات في مشروع إصلاح الدولة على المستوى الداخلي، وفي إعادة صيانة علاقات لبنان على المستوى الخارجي. والحوار معه يجب أن يركّز على إعادة خلق ظروف نجاح الدولة اللبنانية في ازدهار إقتصادها والإنفتاح على محيطها”.
وعن التهريب وقرار السعودية بوقف استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية لاستغلالها في تهريب المخدّرات، يؤكد عون “أن التهريب هو من آفات لبنان وإخفاقات كل السلطات، ودليل إضافي لوهن الدولة اللبنانية وعجزها، وأسوأها تهريب المخدرات. لذلك مع تسليمنا بأنه علينا أن نقوم بواجباتنا كلبنانيين لتقديم الضمانات الكافية للجانب السعودي، الا اننا نناشد المملكة العربية السعودية أن تعيد النظر في قرارها في المنع الشامل للتصدير الزراعي من لبنان لأن الأكثرية الساحقة من المزارعين تصدّر لها خيراتها وقلّة قليلة هرّبت لها مخدراتها”.
ومع بدء العد العكسي لرفع الدعم وامكانية تمديد المهلة، يأسف عون لعدم وجود امكانية لذلك، ويشير الى ان “الحكومات جميعها استنفدت فرص الإصلاح المطلوب الذي لو تحقّق لكان أمكنه تجنيبنا الوصول الى هذه اللحظة الحاسمة والمرّة، وكان يجدر بالحكومات المتتالية أن تتّعظ من المثل القائل: “إحفظ قرشك الابيض، ليومك الأسود”، لكنها لم تقم بأي من واجباتها التي كان يمكن أن تخفّف نزيف الإحتياطي وهدر الدعم العشوائي، لكنها كلها أخفقت. حتى ترشيد الدعم الذي يحكى عنه في الأشهر الأخيرة لم يجد بعد طريقه الى التطبيق في ظلّ تقاذف كرة نار المسؤولية من طرف الى الآخر، رغم سرعة الإنهيار الذي نعيشه”.