عهد عون وحزب الله يتحمَّلان مسار عرقلة تأليف الحكومات والإنتظام العام
لم يأتِ كلام النائب آلان عون في جلسة مناقشة مشروع الموازنة العامة مؤخرا من فراغ او بالصدفة، عندما استذكر الرئيس سعد الحريري، واعترف بجرأته على فتح الثغرات وإنتاج التسويات كما فعل في العام ٢٠١٦ وقوله، لو كنت معنا لـ «كانت المعادلة الوطنية تغيرت».
كان النائب عون يفنّد بنود المشروع وينتقد سياسة حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي المالية، التي تضمنتها الموازنة، عندما تطرق الى الازمة السياسية المغلقة والفشل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتداعياتها السلبية على الوضع العام في البلاد.
يُعرف عن النائب آلان عون تمايزه عن باقي أعضاء التكتل العوني الذي ينتمي اليه، وهامش التحرك السياسي الذي يخصُّ نفسه به عن الآخرين، واعتراضه الضمني والعلني على بعض سياسات وممارسات رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في التعاطي والممارسة السياسية طوال الاعوام الماضية، وآخرها ما تسرّب عن الترشيحات لرئاسة الجمهورية واصراره على أن يكون هناك مرشح آخر من التيار، في ظل انعدام حظوظ رئيسه بالترشح.
تعمَّد النائب العوني المتمايز بجرأته، وزار الرئيس الحريري بمنزله منفردا أثناء وجوده في بيروت العام الماضي لإحياء ذكرى استشهاد والده، في عزّ القطيعة مع الرئيس ميشال عون، منذ كان رئيسا للجمهورية ورئيس التيار معا، واستغرق اللقاء وقتا طويلا يومئذ، خلافا لما حصل مع باقي الزوار السياسيين، توجيه سهامه الانتقادية في كلامه، إلى الاطراف الاساسيين في التركيبة السياسية عموماً بشكل غير مباشر، من دون ان يسميهم، باعتبارهم يتحملون جميعا مسؤولية الازمة الضاغطة والمسدودة التي وصلت اليها البلاد حاليا، جراء ممارساتهم وسلوكياتهم الخاطئة والمدمرة، ومن بينها اخراج الحريري من السلطة وتعليق عمله السياسي، واولهم رئيس الجمهورية السابق ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، اللذين انقلبا على التفاهم مع الرئيس سعد الحريري الذي اوصل عون الى سدة الرئاسة، وتعمدا ممارسة شتى اساليب العرقلة وتعطيل عمل الحكومات التي ترأسها، وتجاوزا الدستور في التعاطي السياسي وادارة السلطة، تارة بحجة اعادة الصلاحيات المفقودة لرئيس الجمهورية باتفاق الطائف، وتارة بذريعة المشاركة والحفاظ على حقوق المسيحيين، وعرقلا إجراء الاصلاحات المطلوبة للنهوض بالدولة، وقطعا الطريق نهائيا على محاولة الحريري تشكيل آخر حكومة، سعى لتأليفها بعد جريمة تفجير مرفأ بيروت الارهابية، ومهَّدا الطريق مع باقي الاطراف، من حزب الله، وحلفائه، حركة أمل واللقاء الديموقراطي، لتشكيل حكومة برئاسة نجيب ميقاتي، باعتباره أكثر تعاوناً مع العهد، ويجيد تدوير الزوايا، كما قال رئيس الجمهورية ميشال عون يومئذ.
الطرف الثاني، حزب الله الذي تماهى مع حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بتعطيل وعرقلة مسار حكومات الحريري ومؤسسات الدولة طوال اعوام العهد العوني وما قبلها، وغطى على ممارساته وارتكاباته في تدمير قطاع الكهرباء والعديد من المؤسسات والادارات العامة، مقابل التغاضي عن تجاوزات الحزب بسلاحه غير الشرعي، وساهم مساهمة اساسية وفعالة في افشال تشكيل حكومة اخصائيين لإنقاذ لبنان برئاسة الحريري استنادا الى مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
اما الطرف الثالث، فهو القوات اللبنانية التي شاركت بعرقلة المبادرة الفرنسية التي وافق عليها رئيسها سمير جعجع شخصيا بحضور الرئيس الفرنسي بقصر الصنوبر مع باقي القيادات السياسية، من خلال الامتناع عن تسمية الحريري لرئاسة حكومة الأخصائيين، ما ادى إلى إعتذار الاخير عن عدم تشكيل الحكومة، لتعذر وجود شريك مسيحي معه، بعدما تعمد رئيس الكتلة العونية جبران باسيل منذ البداية عدم تسهيل مهمة الحريري.
باختصار وبموقفه المقتضب، باستذكار سعد الحريري ومواقفه، حاكم النائب آلان عون، الطبقة السياسية، بكل مكوناتها، في السلطة والمعارضة، المجتمعين تحت سدة البرلمان لمناقشة مشروع قانون الموازنة، وحملّهم جميعا مسؤولية الفشل في استنباط المخارج من الازمة الحالية وتحقيق التسوية السياسية المطلوبة لانقاذ لبنان.