نستحلفُك بصهرك يا فخامة الرئيس أن تتمسّك بيديك ورجليك بـ”جوهرة” المالية آلان بيفاني. تابع التريّث، وأُطلب من مساعديك ومجلس وزرائك الكريم ثني السيد المدير العام عن الاستقالة من المركب المثقوب لئلا يتركنا في بحر هائج. وإذا أعْيتكَ الحيلة فاعهدْ بالموضوع الى “مفتي” بعبدا القانوني، او الى اللواء ابراهيم، قبل أن تَستلَّ ورقة الفرزلي “فاخوري” العهود.
وبيفاني، لمن يجهله، دمث مهذب، مكث سعيداً عشرين عاماً في وزارة المال يوقّع الشاردات والواردات، ويستفيد من الراتب و”اللجان” وبدلات “المهمات” غير مكتشف “موبقات” الوزراء الذين مروا عليها ولا الألاعيب التي أنهكت الخزينة. وزينُ الشباب “المغدور” في عز عطائه المهني نسي انه عضو دائم في “المجلس المركزي” لمصرف لبنان، فدبَّت فيه حمية النزاهة قبل يومين ليفضح المستور وينشر غسيل المصرفيين الوسخ على صفحات “فاينانشل تايمز”، كاشفاً انهم حولوا ستة مليارات دولار! يا لك من ذكي يا “مسيو” آلان. لماذا خبأت عنا هذه العبقرية وتلك المعلومات حتى الآن؟
ويبدو ان بيفاني واحد من عشرات الذين “لا يُستغنى عنهم” من أبناء الطبقة السياسية رؤساء وزعماء وأتباع ومفاتيح ادارية وإلا اهتز عرش الرحمن وزلزلت الأرض وما عليها. فهذا “الحاكم” رياض سلامة أيضاً “لا يمكن الاستغناء عنه” على أساس ان سياساته النقدية “الحكيمة” ضمنت لنا الرخاء، و”هندساته” حفظت المصارف والمدخرات، فما ان أثير موضوع استبداله حتى هبت رياح التمسّك بأهدابه خوفاً على “الموقع الماروني” الحساس ومن ان تنهار ليرتنا ويشمت فينا “الغرب” وصندوق النقد.
وإن ننسى، لا ننسى كمال حايك. جرت فضيحة التعيينات وسلِمَ من واجب قذفه خارج مؤسسة الكهرباء إذ “لا يستغنى عنه” أيضاً وأيضاً لأنه “أنجز” كهرباءَ تنقطع عن اوكسجين المستشفيات.
أما “رجل المرحلة” الذي “لا يستغنى عنه” على الاطلاق فهو حسَّان دياب. استولى على موقع كان من حق ثورة 17 تشرين وأخذ بصدره عملية الاصلاح. فانتهى بعد أقل من 100 يوم عنواناً للفشل الذريع وصار أداء بعض البلهاء والانتهازيين المرافقين “حالة نموذجية” تدخل في مناهج التدريس. وإذ سئمَ سياساتِه مَن أخترعوه فضلاً عن معارضيه، بات البروفسور دياب “واجب الوجود” و”لا يستغنى عنه” لغياب البديل، وبحكم مُبرم من “حزب الله”.
كل الزعامات وأهل الطبقة السياسية “لا يُستغنى عنهم”. حوَّلوا لبنان من “سويسرا الشرق” الى “جمهورية موز” ولا يزالون صامدين يناقشون الحلول ويراعون حساسيات بعضهم بعضاً ويتحاصصون. ارتُهنت السيادة وصار اللبنانيون شحادين عند الصرافين وعلى أبواب السفارات، فيما هم يواجهون المنتفضين على الفساد بتركيب دولة بوليسية خرقاء وباعتداءات لقمع الحريات، وبمزيد من استتباع النقابات والتلويح بالحرب الأهلية لو تمكنت الثورة من كسر حلقة الفساد.
حبذا لو يذكرون ما قيل لأحد ساكني “الاليزيه” لَوْماً على إزاحته احد الوزراء: “الرجل لا يستغنى عنه”. فكان أن دلَّ ناحية “البانتيون” قائلاً: كل هؤلاء الخالدين المدفونين هناك، كان لا غنى عنهم”.
والأمر ينطبق على كل هذه الطبقة السياسية من الرأس الى الأساس، ليس لأنه يتوجب الاستغناء عن وجوهها الفاسدة فحسب، بل لأن لبنان غني بالبدائل الصالحة، ولأننا مقتنعون بأن قيام الدولة حتمي وسلطة المافيا الى زوال.