أسبوعان فقط أمضاهما رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين في منصبه رئيساً منتخباً لاتحاد بلديات الفيحاء، قبل أن يقدّم استقالته، الإثنين الفائت، من منصبه الذي انتخب فيه يوم 3 كانون الأول الجاري، ومسجلاً هذه الاستقالة رسمياً في قلم محافظة الشمال في سرايا طرابلس.
هذه الاستقالة من رئاسة الاتحاد التي كانت حكراً على بلدية طرابلس منذ تأسيس الاتحاد في 25 أيار 1982، برّرها علم الدين بأنها جاءت «بعدما امتنع رئيس بلدية طرابلس رياض يمق عن المشاركة في الاتحاد وعن حضور جلساته فيه، وعلّق رئيس بلدية القلمون عضويّته فيه، ما يعني أن هذا سيشكل عقبة أمام عمل الاتحاد وإنتاجيته». وأضاف: «لم أعتد أن أكون رئيساً غير منتج، وخصوصاً أن مدينة طرابلس ومدن الاتحاد كلها (الاتحاد يضم أربع بلديات هي: طرابلس، الميناء، البداوي والقلمون) ليس لديها ترف الوقت للمناكفات السياسية».
لكن علم الدين لم يغادر موقعه من غير لفت الانتباه عمداً إلى إشارة يقصد بها الذين سبقوه أو سيأتون من بعده في المنصب، إلى أن «الاتحاد استطاع، خلال 3 أشهر (تسلّم علم الدين رئاسة الاتحاد بصفته نائباً للرئيس في 16 تموز الماضي، بعد سحب الثقة من رئيس بلدية طرابلس السابق ورئيس الاتحاد أحمد قمر الدين، قبل انتخابه رسمياً في 3 كانون الأول الجاري)، إنجاز إصلاحات لم تتم منذ عام 1982، وهذا أمر أفتخر به وأضعه ضمن سجلات نجاحاتي».
غير أن مطّلعين على شؤون بلدية طرابلس واتحاد بلديات الفيحاء أشاروا لـ«الأخبار» إلى «وجود أسباب أخرى دفعت علم الدين إلى تقديم استقالته، أبرزها الضغوط الشعبية التي مورست عليه من أهالي طرابلس وعمال وموظفي بلديتها في الشارع، من تخريب وتكسير واجهة ومرافق بلدية الميناء بعد اعتصام أمامها وأمام منزله، ووفاة شخصين في الميناء، هما: عبد الرحمن كاخيا وشقيقته راما، جراء انهيار منزلهما القديم عليهما، وتحميل علم الدين مسؤولية وفاتهما بسبب رفضه الموافقة على طلبهما ترميم منزلهما الأثري، قبل موافقة مديرية الآثار على ذلك».
وأوضح المطلعون أن علم الدين «لم يكن أبداً يفكّر في الاستقالة، لكن حالة القرف التي وصل إليها وبسبب التحامل عليه دفعته إلى ذلك، علماً بأنه الأنسب والأكثر خبرة من بين زملائه من رؤساء البلديات في إدارة دفّة الاتحاد، لكن الظروف والتطورات الأخيرة خانته». ويشير هؤلاء إلى أن السّياسيين «لم يتدخلوا في الأمر لأنهم هذه الأيام في وضع لا يحسدون عليه».
لكن استقالة علم الدين من منصبه لا تعني أن رئاسة الاتحاد قد آلت تلقائياً إلى رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، ذلك أن قانون البلديات يوضح أنه في حال شغور منصب رئيس الاتحاد، فإن المنصب ينتقل مباشرة إلى نائب الرئيس، وهو في هذه الحال رئيس بلدية البداوي حسن غمراوي.
يضاف إلى ذلك أن يمق يواجه معضلة أخرى، فبعد قرار انسحاب بلدية طرابلس من اتحاد بلديات الفيحاء احتجاجاً على انتخاب علم الدين، وهو قرار اعتبره كثيرون قراراً متسرّعاً وشعبوياً، فإن يمق ليس بإمكانه الترشّح لرئاسة الاتحاد إلا بعد العودة عن قرار الانسحاب من الاتحاد الذي اتخذته البلدية يوم انتخاب علم الدين، وهو أمر سيجعله وفق أعضاء في بلدية طرابلس، في «وضع محرج»، و«سيحتاج إلى مخرج يحفظ به ماء وجهه».
أما غمراوي، الذي بات القانون يُخوّله تسيير شؤون الاتحاد، ولو بالحد الأدنى، بسبب عدم قدرته على عقد جلسات له، فقد قال لـ«الأخبار»: «لستُ متمسكاً بالمنصب، لكنّي لن أستقيل منه لأفسح المجال أمام يمق لينتخب رئيساً جديداً للاتحاد قبل اتضاح مستقبل الاتحاد، وقبل التشاور مع زملائي من رؤساء البلديات ومع فاعليات وأهالي طرابلس من أجل التوصّل إلى مخرج».
ولم يفت غمراوي التذكير بأن يمق «لو تنازل منذ البداية وتحدّث إلينا، أو تناقش معنا، لما وصلنا إلى ما نحن عليه من مآزق داخل الاتحاد، لكنه رفض الدخول إلى الاتحاد إلا رئيساً، ولم يتشاور معنا ونحن الأقدم منه والأكثر خبرة في شؤون البلديات»، مؤكداً أنه «إذا تبين أن أي رئيس مقبل للاتحاد لن يكون على قدر المسؤولية، أو متفرّغاً لشؤونه وإدارته على نحو مناسب، فلن أستقيل، لأن مصلحة الاتحاد أهم، وهي فوق مصلحة الأشخاص».