التوتر السياسي والامني ظل مخيما على الساحة الداخلية امس، رغم جهود الوساطة التي بذلت والبيانات التي صدرت. وانطلقت اصوات من كتلة الرئيس نبيه بري تطالب الوزير جبران باسيل بالاستقالة، في حين عادت الحرائق تقفل الطرق في بعض انحاء بيروت والجنوب والبقاع.
وفي ضوء الواقع المأزوم، نشطت حركة إتصالات ومشاورات في بعبدا وعين التينة بعيدا من الاضواء، سعيًا لبلوغ مساحة تلاق على صيغة ترضي الطرفين. وسجلت زيارات لشخصيات تضطلع بدورالوساطة وتنطلق فيها من اربع نقاط تشكل ارضية للمساحة المشتركة بين المسؤولين: الحرص على الاستقرار، الحوار كسبيل لحل المشكلات، وحدة لبنان واللبنانيين ورفض ردات الفعل المتطرفة.
بيان عون
وفي اول موقف من الازمة الناشئة، اعتبر الرئيس ميشال عون في بيان امس، أن ما حدث البارحة على الصعيدين السياسي والأمني اساء إلى الجميع، وأدى الى تدني الخطاب السياسي الى ما لا يليق باللبنانيين. وشدد على أن ما حصل على الأرض خطأ كبير بُني على خطأ، معلنا من موقعه الدستوري والأبوي مسامحة جميع الذين تعرضوا اليه والى عائلته. وقال الرئيس عون اتطلع الى ان يتسامح ايضاً الذين اساؤوا الى بعضهم البعض، لأن الوطن اكبر من الجميع، وهو اكبر خصوصاً من الخلافات السياسية التي لا يجوز ان تجنح الى الاعتبارات الشخصية لا سيما وان التسامح يكون دائماً بعد اساءة.
ولفت الى ان القيادات السياسية مطالبة اليوم بالارتقاء الى مستوى المسؤولية لمواجهة التحديات الكثيرة التي تحيط بنا واهمها المحافظة على الاستقرار والأمن والوحدة الوطنية وعدم التفريط بما تحقق من انجازات على مستوى الوطن خلال السنة الماضية.
وفي اعقاب بيان بعبدا، اكتفت مصادر عين التينة بالقول: لا تعليق، فيما سُجّل ايضا كلام تهدئة للرئيس بري الذي قال من عين التينة انه لن يسمح بأي شيء يهدد الاستقرار ووحدة لبنان واللبنانيين. وأفيد انه اكد للرئيس الالماني فرانك فالتر شتاينماير الذي زاره في عين التينة على اهمية الاستحقاق الانتخابي المقبل.
اجتماع التكتل
وعصرا عقد تكتل التغيير والاصلاح اجتماعا في المقر المركزي في مبنى ميرنا الشالوحي برئاسة الوزير جبران باسيل، واصدر بيانا قال فيه: ان ما حصل منذ ايام مع رئيس التيار الوزير جبران باسيل في لقاء غير علني، تم استدراكه من قبله، من دون طلب من احد، من خلال تعبيره عن أسفه، وهو ما يرتبط بقناعاته واخلاقياته وادبيات التيار.
وأضاف: اما بالنسبة الى ردات الفعل التي حصلت في الشارع والاعتداء على المقر العام للتيار، فالتيار يعلن تجاوبه مع موقف فخامة الرئيس وطلبه التسامح في ما يتعلق بالاعتداء، ونعتبر ان الكرامات متساوية، وان اللبنانيين متساوون بحقوقهم وواجباتهم، وان يكون هناك احترام لحرمة المواقع والاملاك العامة والخاصة، وان الدولة هي التي تحمي الجميع وتعطي الجميع حقوقهم بالوسائل الديموقراطية والقانونية والقضائية. واذا كانت هناك من عبرة مما حصل، فهي ان الطريق الوحيد للحفاظ على كرامة الجميع والوصول الى نتائج، هي من خلال المؤسسات وطريق القانون والاصول.
وفي مجلس النواب، انسحب الخلاف على مسار العمل البرلماني، فطارت جلسة اللجان النيابية المشتركة لعدم اكتمال النصاب، وحلت محلها مواقف عالية السقف لنواب كتلة التنمية والتحرير، فاعتبر النائب انور الخليل ان مواقف باسيل تعرقل وتهدد الاستقرار والسلم الاهلي والامر لا يستقيم بالاعتذار بل بمراجعة منهجية لشخصية لا مكان لها في زمن السلم، داعياً باسيل الى الاستقالة. أما زميله النائب علي بزي فقال ربما تكون لباسيل مصلحة بتأجيل الانتخابات وهو يريد تطييرها لأنه رأى أن حسابات الحقل لا تتطابق مع حسابات البيدر، وحتى اعتذاره لا يكفي. وتابع: نقول له الانتخابات حاصلة وفي موعدها.
كتلة المستقبل
في هذا الوقت، عقدت كتلة المستقبل النيابية اجتماعا برئاسة الرئيس سعد الحريري قبل مغادرته الى تركيا، واصدرت بيانا عبرت فيه عن الاسف العميق لما آلت اليه مستويات التخاطب السياسي في البلاد، والتي بلغت حدودا غير مقبولة ومنها التعرض لكرامات الرئاسات والقيادات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وإذ أكدت الكتلة على مسؤولية كافة الجهات المعنية في ضبط هذا الفلتان الأخلاقي الذي يسيء لصورة لبنان وتاريخه الديموقراطي، ويؤجج الخلافات وما تستجلبه من أضرار على السلم الأهلي في البلاد واستقرارها، رأت في العودة الى استخدام الشارع، وسيلة للاعتراض على المواقف أو لبت الخلافات السياسية، أسلوبا غير مقبول من شأنه ان يفسح المجال للمصطادين في المياه العكرة، ويعرض سلامة المواطنين لاخطار يجب تجنبها.
تجدد الحرائق
ومع استمرار التوتر، تجددت عمليات اشعال الاطارات واقفال الطرق في بيروت والمناطق امس، وقد قام مناصرون لحركة امل بقطع اوتوستراد سليم سلام في بيروت بالاتجاهين بالاطارات المشتعلة. كما قام عدد من الشبان بقطع طريق جسر كفرشيما.
وقالت الوكالة الوطنية للاعلام ان مناصري أمل أقدموا على قطع الطريق عند دوار بلدة دورس بالإطارات المشتعلة لبعض الوقت، ورددوا شعارات منددة بمواقف وزير الخارجية جبران باسيل والمؤيدة للرئيس نبيه بري، لكن عناصر من الحركة بادروا إلى إخماد النيران وإزالة العوائق وإعادة فتح الطريق، وشددوا على سلمية التحركات.
وشهدت شوارع مدينة بعلبك مساء امس مسيرة سيارة تأييدا للرئيس بري، حمل فيها المشاركون أعلام حركة أمل وصور الإمام السيد موسى الصدر والرئيس بري.
وكانت ساحة سراي بعلبك شهدت امس اعتصاما استنكارا لكلام وزير الخارجية عن الرئيس نبيه بري، وتحدث رئيس بلدية بعلبك العميد حسين اللقيس فقال: هذا اعتصام رمزي استنكارا للكلام الصادر عن مسؤول بحجم وزير خارجية لبنان جبران باسيل، بحق مرجعية سياسية وطنية أساسية هو دولة الرئيس نبيه بري، الذي يعتبر صمام الأمان والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان ورجل الاعتدال.
كما اقفلت طريق جلالا – شتورا في الاتجاهين، بالاطارات المشتعلة من قبل مناصري حركة امل.