مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في المختارة، التي وصفها بالحاضرة، ثم بالقلعة ثم بعرين كمال جنبلاط… وكلها صفات تنطبق على الموصوف، بدليل الحشر الديني والسياسي الذي واكب الاحتفال بافتتاح مسجد أمير البيان شكيب ارسلان، بمناسبة السنة الثالثة على رحيل كريمته مي ارسلان جنبلاط، والدة صاحب الدار.
ومع ان جنبلاط تجنّب في كلمته السياسة وهمومها، فان المفتي دريان أعطى للمناسبة بُعدها السياسي الواسع، من خلال التركيز على مبادئ ومواقف الأمير الارسلاني والمعلم كمال جنبلاط، عبر قوله للمفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، نبقى معاً، فتكون قيامتنا وحدتنا.
وتوجه الى صاحب الدعوة بالقول: وليد بك سنبقى معاً كما كنّا دائماً، لأن انتماءنا واحد وأمتنا واحدة وقبل ذلك وبعده حريتنا واحدة، والحرية نسب بين أهلها….
أما الاشارة التي أثارت الانتباه، فكانت في قوله: حبيبك يا وليد بيك وحبيبنا الرئيس سعد الحريري، يخاف عليك كما يخاف على الوطن، قأنت رفيق المسيرة ورفيق رفيق الشهيد رحمه الله وستبقى بإذن الله…
وعكس التصفيق الملحوظ لهذه الاشارة، حجم ترحيب الحضور، الذي تفاجأ بعضه بارتياح، فيما انشغل البعض الآخر بالتحليل والتفسير، حتى توصّل الى الاستنتاج بأنه ردّ ضمني على ما ورد في كلام جنبلاط لمركز كارنيغي للشرق الأوسط: حليفي الأقوى يزداد ضعفاً، وهذا محزن جداً وقصده الرئيس سعد الحريري… بمعنى ان هذا الحشد بما فيه من رجال دين وسياسة يرى ان حبيبك وحبيبنا يقوى بكم وبنا…
ومن هنا اشارة المفتي الى السبب الثالث لهذا الحضور الكبير، ألا وهو تجديد العهد وتجديد الأمل وتجديد النضال من أجل المهمة الكبرى التي عاش من أجلها شكيب ارسلان واستشهد من أجلها كمال جنبلاط ونتشارك جميعاً الى جانب وليد بك جنبلاط في استمرار الايمان بها، وهي مهمة العرب والعروبة والحرية والنهوض الحضاري والاعتدال الديني.
وكما المراجع الدينية كافة لم ينس المفتي دريان التذكير بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، كمدخل لاستعادة الدولة زمام أمورها وضمن اطار التوافق الوطني المنشود، لكن يبدو أن الآذان المعنية خارج السمع. بدليل العودة الى آحادية الترشيح، أو لا ترشيح ولا انتخاب.
ويظهر ان نظرية الحزب القائد، أو التيار القائد، التي تهاوت في دول الجوار العربي، ما زال هناك من يروي غرستها بالماء في لبنان…
وتعقيباً على تشديد الشيخ نعيم قاسم أمس، بأن طريق الرئاسة تنتهي عند العماد ميشال عون، وان على من يريد انتخاب رئيس أن يسلك ذلك الاتجاه، استشهدت مصادر سياسية بوجهة نظر لوزير الداخلية السابق مروان شربل، تستبعد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، قبل استقرار حال السلطة في سوريا، ذلك لأن حزب الله، وبعد العقوبات المالية الأميركية عليه، يخشى الوقوع في العقوبات السياسية، بمعنى ان يفقد مكانه في أي حكومة تتشكّل بعد انتخاب الرئيس العتيد، ومن هنا، بين دولة بلا رأس، وحكومة جديدة بلا حزب الله، فان مصلحة الحزب تقضي بالبقاء في الحكومة، وبالتالي فلتنتظر الرئاسة بلا رئيس…
لكن ثمة من يعتقد بأن العماد عون، قد يشكّل ضمانة للحزب، وهو يعتبره ضمانة حتى للمقاومة؟
والجواب، ان التجارب أثبتت بأن رئيس الجمهورية، لا يستطيع فرض تشكيلة حكومية، في ظلّ دستور الطائف، وكل ما يمكن فعله تعقيد عملية التشكيل، لتتولى الحكومة المستقيلة تصريف الأعمال، الى ما شاء الله، لكن مع تصريف الأعمال لا قرار…
وفضلاً عن ذلك ثمة مثل يقول: اذا صادق الحصان العشب، ماذا يأكل؟…