شهدت منطقة جرود عرسال والقلمون الغربي في السلسلة الشرقية، معارك عنيفة سبقها غارات للطيران السوري وقصف مدفعي كثيف ل حزب الله، في وقت رفع فيه الجيش اللبناني جهوزيته واستقدم تعزيزات الى محيط عرسال، واستهدف مجموعة ارهابية حاولت الفرار باتجاه عرسال.
فاعتبارا من ساعات فجر أمس، بدأ حزب الله والجيش السوري معركة الجرود ضد جبهة النصرة واستهدفوا بقصف جوي وبرّي غير مسبوق من حيث كثافة النيران تجمعات ونقاط انتشار المسلّحين في مرتفعات الضليل وتلة الكرة وتلة العلم في جرود فليطة في القلمون الغربي، اضافة الى تجمّعات ونقاط انتشار وتحصينات مواقع النصرة في ضهر الهوى وموقع القنزح ومرتفعات عقاب ووادي الخيل وشعبة النحلة في جرود عرسال. واعلن الحزب انه سيطر على مساحات واسعة من الجرود كان يشغلها المسلّحون 8 نقاط عسكرية خسرتها النصرة في جرود فليطة من اصل 400 كيلومتر مربع تمتد من الكسارات حتى جرود رأس بعلبك-القاع. وافادت مصادر حزب الله عن سقوط ثلاثة من عناصره خلال المعركة.
السيطرة على مواقع
وقالت الوكالة الوطنية للاعلام ان مقاتلي حزب الله سيطروا على موقع ضهرة الهوة، أهم المواقع في جرد عرسال، ونزعوا راية جبهة النصرة من الموقع وغرسوا راية المقاومة. وتأتي أهمية الموقع لفتح الطريق امام التقدم باتجاه وادي الخيل ووادي الدب.
وقالت الوطنية في نبأ مساء امس ان حزب الله سيطر على وادي الدقيق ووادي الزعرور الذي يضم ثلاثة مواقع لجبهة النصرة، وهي: رعد واحد واثنان وثلاثة، جنوبي شرق عرسال، بالتوازي مع السيطرة على مواقع في جبل القنزح بجرود عرسال.
اجراءات الجيش
من جهته، رفع الجيش اللبناني جهوزيته واستقدم التعزيزات الامنية بهدف إحكام الطوق في شكل كامل على اطراف بلدة عرسال وفي داخلها ومحيط المخيمات، لمنع اي تسلل وبهدف حماية المدنيين داخل البلدة. واقفل كل المعابر من الجرود في اتجاه عرسال، من خلال اقامة حاجز امني طويل يفصل بين الجرود وعرسال من جهة ومخيمات النازحين من جهة اخرى. كما استهدف مجموعة ارهابية حاولت الفرار في اتجاه عرسال آتية من وادي الزعرور. واشارت المعلومات الى ان الوضع في بلدة عرسال طبيعي، وان الجيش انشأ ممراً لخروج النازحين من المخيمات الموجودة في مناطق الاشتباكات في عرسال، بحيث سهّلت عناصره مرور نازحين من النساء والاطفال الى عرسال من مخيم مدينة الملاهي القريب من مراكز المسلحين باشراف مندوبين من الامم المتحدة.
مواكبة داخلية
في المواكبة الداخلية، تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التطورات الامنية على الحدود اللبنانية- السورية، وتلقى تقارير من الاجهزة الامنية المعنية حول المستجدات، والاجراءات التي اتخذتها قيادة الجيش لمنع تسلل المسلحين عبرها.
من جهته، واكب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الوضع في جرود عرسال وتفاعلاتها في الداخل والتدابير الواجب اتخاذها لحماية المدنيين وسبل مكافحة شحن النفوس على مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، خلال ترؤسه إجتماعا إستثنائيا لمجلس الأمن المركزي بحث وفق بيان صدر عقب الاجتماع في مواضيع بقيت طي الكتمان وأبقى جلساته مفتوحة لمتابعة التطورات.
مغادرة الحريري
اما في الداخل فغاب كل جديد، بعدما اشاحت عملية الجرود الانظار عن الملفات السياسية والاجتماعية والحياتية اثر اقرار سلسلة الرتب والرواتب الماثلة انعكاساتها في الاوساط الشعبية والاقتصادية وسط ترقب لمفاعيل ضرائبها، وصدور التشكيلات الدبلوماسية. اما التعيينات الادارية وملف الكهرباء والانتخابات الفرعية فلا تبدو حظوظ اقرارها قريبا كبيرة. ذلك ان مجلس الوزراء لن ينعقد الاسبوع المقبل بفعل غياب الرئيس سعد الحريري عن البلاد لمدة اسبوع، حيث غادر بيروت بعد ظهر امس، ليبدأ زيارة رسمية للولايات المتحدة الأميركية، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومدير مكتبه نادر الحريري وعدد من المستشارين ومسؤولون عسكريون وامنيون. ويلتقي الحريري الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعددا من المسؤولين في الإدارة الأميركية ورئيس مجلس النواب بول راين وأعضاء في الكونغرس، إضافة إلى كبار مسؤولي البنك وصندوق النقد الدوليين.
هذا، واعلن تيار المستقبل، مساء امس، في بيان، انه تابع اخبار التطورات العسكرية في جرود السلسلة الشرقية المتداخلة مع الاراضي السورية، ورأى فيها جزءا لا يتجزأ من الحرب السورية التي يشارك فيها حزب الله الى جانب النظام السوري.
واكد التيار في هذا المجال، ادانته لأي اعمال تتصل بالاعتداء على السيادة اللبنانية، سواء من جانب التنظيمات الإرهابية المسلحة التي اتخذت من الجرود مكانا لتهديد الأمن الداخلي اللبناني، او من جانب النظام السوري وحلفائه الذين قرروا تصفية حساباتهم مع تلك التنظيمات، على ارض لبنان وبمعزل عن اي قرار أو مشاركة للدولة اللبنانية وسلطاتها الشرعية.
وجدد رفضه ل كل أشكال توريط لبنان بالحرب السورية، واعتبر مشاركة حزب الله فيها، خروجا على مقتضيات الاجماع الوطني والمصلحة الوطنية، وشدد على اولوية تجنيب لبنان تداعيات تلك الحرب، ودعم الاجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني لحماية بلدة عرسال واهلها والنازحين الى محيطها، ومنع كل محاولة لزجها في أتون المعارك ومخاطرها.
ورفض رفضا قاطعا، وضع هذا الالتزام في خانة بعض المحاولات الجارية لإضفاء صفة الشرعية على قتال حزب الله في الجرود او داخل سوريا، مشددا على ان مسؤولية حماية أهالي عرسال وغيرها من القرى اللبنانية تقع حصرا على الدولة اللبنانية وجيشها، الذي سيبقى بالنسبة لنا ولجميع العرساليين واللبنانيين محل الشكر والتقدير والامتنان الوحيد.