بدأ الرئيس فؤاد السنيورة امس الادلاء بشهادته امام المحكمة الدولية في لاهاي، وتركزت الاسئلة في اليوم الاول على الظروف التي احاطت بالشهيد رفيق الحريري بين عامي ١٩٩٢ و٢٠٠٠. وقد قال السنيورة ان النظام السوري عرقل خطط الحريري الاصلاحية بواسطة الرئيس اميل لحود، وفرض عليه الوزراء في حكوماته وهدده في حال عدم تأييد التمديد للحود.
وقال السنيورة: التقيت الحريري مرات عدة قبل العام 1992 في سوريا وكان يطلعني على الجهود التي كان يبذلها من أجل لبنان والتواصل الذي كان يقوم به مع الرئيس حافظ الأسد. وتابع: في العام 1997 كانت العلاقة بين الحريري والنظام السوري تمر بفترات توتر وتحسن. الأمور كانت تتعقد أكثر فأكثر مع النظام السوري بسبب التدخلات وعملية استتباع لبنان بشكل كامل.
واضاف: ان النظام السوري كان يشرف على اختيار الوزراء، واذكر ان الحريري في تأليف حكومة 1997 عبر أمامي عن ضيقه وعدم تقبله لفكرة فرض مجموعة من الوزراء عليه. قال لي، انه حين تلقى لائحة اسماء من النظام السوري انه سيذهب للقاء الرئيس حافظ الاسد وذهب فعلا، وحاول اقناع الاسد بان الظروف لا تسمح بتسمية هؤلاء الوزراء، لكنه اكد لي ان الاسد كان مصمما على موقفه.
عرقلة الاصلاحات
وأعلن ان الحريري كان يؤمن بعلاقات سوية مع سوريا، لانه كان يميز بين النظام وسوريا البلد.
وأشار السنيورة الى ان الرئيس اميل لحود ابلغ الرئيس الحريري عدم السير في اي من الاصلاحات التي اعدت على مدى 5 سنوات من 1993 حتى 1998. وقال ان عرقلة اميل لحود للاصلاحات ما كانت لتتم لولا غض النظر السوري. وقال: هناك من حاول لجم اصلاحات الحريري كي يبقى لبنان مستتبعا للنظام السوري. فبالنسبة للنظام السوري، كل عملية إصلاح تؤدي الى مزيد من الكفاءة والجدارة، كان له عمل مستمر من التضييق ومنع لاصلاحات الحريري. كان هناك مسعى للتضييق على الحريري من خلال لحود.
وقال: من النماذج عن التضييق على الحريري مسألة الوقوف ضد إنشاء مدارس وبعد عام 2000 واجه الحريري تعقيدات جديدة بسبب مضايقات لحود.
وكشف السنيورة ان الحريري تحدث لي اكثر من مرة عن اسماء سورية متورطة في الفساد، وكانت على مستويات عالية، مشيرا الى عدد من مواضيع الفساد التي تورط بها مسؤولون سوريون في لبنان: التلزيمات والجمارك وقطاعات الهاتف وغيرها من الامور التي كنا نسمع بها وندرك ماذا يجري فيها.
وعن اللقاء بين الحريري والرئيس السوري بشار الاسد الذي حصل في كانون الاول 2003 في بداية عام 2004، قال السنيورة: عندما كان الحريري يذكر هذا اللقاء كان يتجهم ويظهر عليه مقدار من الغضب وشعور عميق من الاهانة.
اضاف: في احدى المرات وحين كنت مغادرا، اطرق الحريري باكيا على كتفي وقال لي لن انسى في حياتي الاهانة التي وجهها لي بشار الاسد. كان متوترا جدا عندما يستذكر تلك الحادثة وكنت اتجنب تحريك ذلك السكين في جرحه وكان جرحا عميقا. كنت اتفهم عدم رغبته باعادة العبارات التي سمعها، لكنه قال بهدلني وشتمني واهانني وهذه العبارات كافية ولست مضطرا ان اسأله ما هي العبارات الحرفية التي قالها الأسد.
وتابع: الحريري أفرج عن غيظه وغضبه امامي مباشرة، وهذا اهم من اي قول سمعته من هناك او هناك عندما وضع برأسه على كتفي وباح لي بذلك.
واكد السنيورة ان النظام السوري كان يلجأ لأسلوب التهديد والشتم والتهويل بنسب مختلفة مع السياسيين والمسؤولين اللبنانيين، وقال: طريقة النظام السوري كانت مسفة بالتهويل على المسؤولين اللبنانيين كي ينصاعوا لما كان يريده النظام.
وقال: ما حققه الحريري كان زورق النجاة للاقتصاد اللبناني الذي كان مهددا بمخاطر عالية جدا، وحتى قبل عقد باريس 2 كان لبنان مهددا بدفعه لاحداث تخفيض في العملة اللبنانية.
واشار السنيورة الى انه بعد باريس 2 ازدادت العراقيل في وجه الحريري ومشاريعه الحيوية ووصل الى الحد الذي بدأ معه يرى ان ثمة استحالة في تحقيق اختراق. وقال: وصل الى مرحلة بدأ يعد فيها الجلسات المتبقية من عهد لحود. حتى المرونة لم تنفع مع لحود لكن الحريري كان يأمل بالاحتكام الى الدستور والسير بأي رئيس آخر.