في يوم تاريخي زف اهالي العسكريين شهداءهم العشرة امس بمشاركة جامعة من اللبنانيين، من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، في وقفة وطنية متحدين مع مأساة الاهالي الذين عانوا ما عانوه من حرقة في خيم الانتظار.
في ساحة العلم في وزارة الدفاع باليرزة، اقامت قيادة الجيش مراسم تكريم الشهداء الابطال الذين خطفهم وقتلهم تنظيم داعش الارهابي في جرود السلسلة الشرقية، في حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الاجهزة الامنية وممثلين عن رؤساء الطوائف والبعثات الدبلوماسية واهالي الشهداء وعدد من الشخصيات.
وبعد ان قلّد الشهداء الاوسمة الثلاث، وسام الحرب، وسام الجرحى ووسام الاستحقاق العسكري، عاهد الرئيس عون في كلمته ذويهم بأن دماء ابنائكم امانة لدينا حتى تحقيق الاهداف التي استُشهدوا من اجلها وجلاء كل الحقائق، وأكد أن الشهداء العسكريين الذين خطفوا وقتلوا على يد التنظيمات الارهابية في جرود السلسلة الشرقية، وقفوا في العام 2014، على خطوط الدفاع عن لبنان، غير آبهين بما ظلل تلك المرحلة من غموض في مواقف المسؤولين، سببت جراحاً في جسم الوطن.
واشار الى أن الأوطان ليست مستحقة لنا إذا لم نكن مستعدين لصونها بالشهادة وكل ما غلا في حياتنا، لافتا الى أن شهادة العسكريين المكرمين اليوم امس هي شهادة للعالم على ما يدفعه لبنان ثمناً لمواجهاته الطويلة مع الإرهاب على مر السنين.
نشر الجيش
من جهته، اكد قائد الجيش الذي حيّا الشهداء انه، ورغم الإنتصار الذي حققناه، لا تزال امامنا تضحيات كبرى لا تقل اهمية عن دحرنا للإرهاب العالمي. فالجيش سينتشر من الآن وصاعداً على امتداد الحدود الشرقية للدفاع عنها، مشدداً على التزامنا التام القرار 1701 ومندرجاته كافة والتعاون الاقصى مع القوات الدولية للحفاظ على استقرار الحدود الجنوبية، ومعلناً ان ردّ الجيش مستقبلاً سيكون هو نفسه على كل من يحاول العبث بالامن والتطاول على السيادة الوطنية او التعرض للسلم الأهلي وإرادة العيش المشترك. والجيش سيكون على مسافة واحدة من مختلف الأطياف والفرقاء وفي جميع الاستحقاقات الدستورية، وسيكون في اعلى الجهوزية للدفاع عن وطننا الغالي.
وبعد ان انهى الرئيس عون كلمته، اُقيمت مراسم مغادرة جثامين الشهداء ساحة العلم، وتوجّه بعدها الموكب الى ساحة رياض الصلح التي احتضنت خيمة الاهالي فاستقبلها المواطنون بنثر الارز والزهور واطلاق الزغاريد.. ومن رياض الصلح شقّت مواكب الجثامين طريقها شمالاً وبقاعاً الى القرى والبلدات التي ازدانت بصورهم وعلمي لبنان والجيش، وجرت لهم مراسم تشييع حاشدة.
اجتماع لمجلس الدفاع
وفور انتهاء مراسم تكريم الشهداء، التأم المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون وأظهرت مداولاته الاولوية التي يبديها لبنان الرسمي لكشف الحقيقة الموضوعية لما حصل في عرسال عام 2014. وفي السياق، أكد الرئيس عون أن التحقيق في حوادث عرسال سيحدد المسؤوليات ويريح أهالي الشهداء الذين من حقهم أن يعرفوا كيف استشهد أبناؤهم، مشددا على ان التحقيق سيأخذ مجراه كي لا يدان بريء ويُبرأ متهم، لافتا الى ان التحقيق الذي طلبه في أحداث عرسال وجرودها في ٢ آب ٢٠١٤ وما تلاها هدفه وضع حد لما يصدر من مواقف واجتهادات وتحليلات.
أما الرئيس الحريري، فلفت الى ان التحقيق لا خلفيات انتقامية أو كيدية له بل يهدف إلى معرفة حقيقة ما حصل في تلك الفترة، قائلا من غير الجائز استباق نتائجه وتوجيه اتهامات من هنا وهناك، واستغلاله في السياسة ووسائل إلاعلام. واعلن اننا انتصرنا لكن للأسف، لا نعرف الاتفاق على هذا الانتصار وكأن البعض كان يريدنا أن نخسر.
وكان وزير العدل سليم جريصاتي الذي شارك أيضا في الاجتماع أشار الى أن التحقيق في حوادث عرسال سيتناول العناصر الجرمية لتفادي أي اتهام سياسي.
وأكد المجلس في بيان تلي في اعقاب الاجتماع، أن تم عرض الاوضاع الامنية وكان اتفاق على ضرورة التصدي لكل الاعمال الجرمية والارهابية. وتمّ التركيز على احترام الكفاءة عند التلاميذ الضباط والحديث عن الخرق الإسرائيلي غير المسبوق. وأبقى المجلس على مقرراته سرية.
وعلى وقع النداءات الكثيرة التي واكبت وداع العسكريين الشهداء التي طالبت بإنصافهم، وفي ظل الوعود الرسمية بملاحقة من تسبب بايصالهم الى المصير الاسود الذي لاقوه، واصل الجيش تعقّبه لمصطفى الحجيري لتوقيفه. وأشارت المعلومات الى ان فوج المكافحة يطوّق بالتعاون مع عناصر المجوقل في الجيش اللبناني، المبنى الخاص ب أبو طاقية في عرسال، منذ الثامنة من مساء امس الاول، والمؤلف من 3 طبقات: الطابق الاول مستوصف الرحمة الميداني والثاني مسجد والثالث المنزل الذي يقيم فيه، وأفيد ان الحجيري ما زال موجودا في المسجد.