هل تنجح المساعي الرئاسية المتجددة لتعميم التهدئة السياسية وتعويمها، أم تظل عرضة لخروقات وانتهاكات هي في الواقع دلالة ثابتة الى هشاشتها في ظل اتساع التباعد وعمق التمترس بين القوى السياسية؟
الواقع، ان رياح التهدئة التي هبت غداة اجتماع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري والتي انتهت الى خلاصات في هذا الصدد، تحتاج الى تنفيذ الالتزامات وترجمتها، ولا سيما وقف السجالات السياسية ومسلسل تقاذف التهم.
وقالت مصادر سياسية معنية بحركة الاتصالات التي تسارعت للجم التدهور، ان مجموعة عوامل تضافرت للدفع نحو تعويم التهدئة، مع أن أحدا لا يكتم الانطباع السائد عن ان هذه التهدئة تبدو ظرفية وموقتة ما دامت الملفات الخلافية الكبيرة المتصلة ببواخر انتاج الطاقة ومرسوم التجنيس والنزوح السوري وغيرها، على حالها من دون تراجع اي فريق عن موقفه، وطالما ان القوى السياسية متمترسة خلف مطالبها الحكومية.
ومن ابرز هذه العوامل ايضا مغادرة بعض المسؤولين لبنان في اجازات عائلية في مقدمهم الرئيس الحريري الذي يغيب عن البلاد لاقل من اسبوع حيث يشارك في مناسبة عائلية وقد يغادر ايضا بحسب معلومات المركزية وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل للغاية نفسها، حتى متى عادا تكون الارضية الساخنة بردت وباتت جاهزة نسبيا لاستئناف اتصالات التشكيل بهدوء، علما ان هذه الفترة ستشهد وفق المصادر حركة اتصالات ومعالجات للشؤون التشكيلية بعيدة من الاضواء. ولا تسقط المصادر من حساباتها ايضا القمة الاميركية- الروسية في هلسنكي في 16 تموز نسبة لما قد يترتب عليها من نتائج وخلاصات ستؤثر حكما على لبنان واستحقاقاته تماما كما على سائر دول المنطقة.
عون- جعجع
وليس بعيدا من مناخات التهدئة، وفيما تردد ان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قد يزور قصر بعبدا قريباً لانقاذ تفاهم معراب والاتفاق السياسي بعدما نعاهما رئيس التيار الوطني الحر بقوله ان الاتّفاق السياسي مع القوات اللبنانية لم يعد قائما، اكد امين سر تكتل الجمهورية القوية النائب السابق فادي كرم ل المركزية. ان لولا الايجابيات التي تلوح في سماء العلاقة الجيّدة التي تربط القوات برئيس الجمهورية، لما تقرر عقد لقاء بين الرئيس عون والدكتور جعجع، لافتاً الى اننا نعوّل على هذا اللقاء من اجل مراكمة الايجابيات اكثر.واوضح ان ما يُحكى الان، هو فتح صفحة ايجابية جديدة بين القوات ورئيس الجمهورية بهدف التنسيق، يكون عنوانها الاساسي الالتزام باتّفاق معراب، مشيراً الى ان اكثر من مسؤول في التيار الوطني الحرّ اعلن التمسّك بالاتّفاق في شقّه المتعلّق بالمصالحة.
وليس بعيدا، تتجه الانظار الى ما سيحمله قائد الجيش العماد جوزيف عون من نتائج عملية ابان عودته من الولايات المتحدة الاميركية الى بيروت اليوم، بحسب المعلومات خصوصا ان ما رشح من معلومات في شأنها اكد نجاحها بمختلف المقاييس.
في الموازاة، حضر ملف النازحين السوريين في الخارجية ايضا. فبعد التوتر الذي شاب العلاقة بين وزيرها جبران باسيل والمفوضية العليا لشؤون النازحين، سُجّل مزيد من التهدئة اليوم على هذا الخط. وفي السياق، أكد، المنسق المقيم للامم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في لبنان فيليب لازاريني من قصر بسترس ان اللقاء مع باسيل كان بناء جدا، حيث اكدنا تمسك الامم المتحدة بالشراكة الوثيقة مع لبنان في ما يتعلق بالازمة السورية، وابلغته ان الامم المتحدة ستستمر في مشاركة الحكومة اللبنانية في الهدف الاستراتيجي نفسه والذي يتمثل بدعم العودة الامنة والكريمة وغير القسرية للنازحين الى سوريا. واضاف: لقد شددنا باستمرار على اننا نحترم سياسة الحكومة ومفادها ان وجود النازحين السوريين في لبنان مؤقت، وبالتالي فإن دمجهم في لبنان ليس خيارا لنا. وهذا يعني ان العودة الى سوريا او اعادة توطينهم في بلدان ثالثة هي الحل الوحيد المستدام. وقد طلبت ايضا من الوزير باسيل رفع القيود التي وضعها على تصاريح الاقامة لطاقم عمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والذي يقوم بدور اساسي في تحقيق هدفنا المشترك.