أطل الاول من آب، والبلاد تفتقد الى حكومة كاملة المواصفات تدير شؤونها وتواجه تحديات جساما تنتظرها، في ظل كباش سياسي على الحصص والمغانم وتمترس خلف مواقع ومطالب بعيدة من الدستور وموجباته. حتى الاحتفال بعيد الجيش تحول منبرا لتوجيه الرسائل السياسية والحكومية عوض تقديم الحكومة عيدية الى المؤسسة العسكرية اسهاما في تزويدها بدعم سياسي لا يمكن ان تنسج خيوطه سوى مؤسسات دستورية، مكتملة التكوين، يحصنها في مواجهة الاستحقاقات، ويمدها بالسلاح في سبيل التصدي للمخاطر الداهمة، بعيدا من المواقف الرنانة.
فوسط تصاعد وتيرة السجالات والسخونة السياسية على خلفية المطالب التشكيلية، اجتمع اركان الدولة، تحت راية فجر الجرود، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، فيما يبقى الرئيس سعد الحريري مكلفا التشكيل، وسقطت الرهانات على حضوره بصفة رئيس حكومة العهد الاولى التي ارادها سيد العهد ليعكس صورة الوطن الجامعة. واغتنم رئيس الجمهورية مناسبة ترؤسه احتفال تقليد السيوف للضباط المتخرجين في دورة فجر الجرود، في العيد 73 للجيش، لتوجيه رسائل سياسية – حكومية في أكثر من اتجاه والرد على كثير من المواقف التي نسبت اليه في الساعات الماضية، فأكد أن صوت اللبنانيين الذي تمثل في مجلس النواب، يجب أن ينعكس على تشكيل الحكومة العتيدة، وكلنا تصميم في هذا الإطار على ألا تكون فيها الغلبة لفريق على آخر، وألا تحقق مصلحة طرف واحد يستأثر بالقرار أو يعطل مسيرة الدولة.
أضاف عزمنا واضح، وهو أن تكون هذه الحكومة جامعة للمكوِّنات اللبنانية، من دون تهميش أي مكوِّن، أو إلغاء دوره، ومن دون احتكار تمثيل أي طائفة من الطوائف. وإذا كان بعض المطالب قد أخَّر حتى الآن تشكيل الحكومة، في مرحلة دقيقة ومليئة بالتحديات بالنسبة إلى لبنان، فأود هنا أن أجدِّد تأكيد عزمي، بالتعاون مع الرئيس المكلف، على إخراج البلاد من أزمة تأخير ولادة الحكومة، مراهناً على تعاون جميع الأطراف وحسهم الوطني، لأن أي انكفاء في هذه المرحلة من تاريخنا المحاطة بالأعاصير وصفقات القرن، خيانة للوطن وآمال الناس الذين عبَّروا في صناديق الاقتراع عن خياراتهم وتطلعاتهم. وأنا ملزم بحكم مسؤولياتي كرئيس للجمهورية، باحترامها وعدم السماح بالتنكر لها.
جعجع في بيت الوسط
الى ذلك زار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مساء أمس الرئيس الحريري في بيت الوسط، حيث جرى عرض لآخر التطورات على ساحة تشكيل الحكومة ومواقف باقي الأطراف في ضوء المطالبة بحكومة أكثرية، والهدف منها في هذه المرحلة، بحضور الوزيرين غطاس الخوري وملحم الرياشي. وذكرت مصادر مطلعة ان الدكتور جعجع طلب من الوزير الرياشي زيارة القصر الجمهوري اليوم لعرض موقف القوات مع الرئيس عون من الطروحات الجديدة.
وفي السياق، دعت مصادر قريبة من بعبدا العاملين على مسار التأليف الى العودة لمضمون كلام رئيس الجمهورية كونه يشكل خريطة طريق للمرحلة المقبلة. واكدت انه وضع حدا لكل الكلام الذي قيل عن الحكومة وسبل تشكيلها وما يتعلق بما اثير من امور حول تعاونه مع الرئيس المكلف وتركيبة الحكومة وتشكيلها وتمثيل المكونات اللبنانية. واوضحت انه اراد من خلال هذه الفرصة الجامعة ان يكون كلامه واضحا للجميع من جهة وبمثابة السقف لعملية التشكيل وكل ما يتعلق ببناء الدولة من جهة ثانية، حتى انه حدد اهداف المرحلة المقبلة لجهة النهوض بالوطن والاقتصاد وقطع دابر الفساد بالاضافة الى اعادة النازحين.
في الانتظار، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري وفق ما نقل عنه نواب لقاء الاربعاء ان لا جديد على صعيد تأليف الحكومة. وجدد التأكيد على العمل بكل الطاقات للاسراع في تشكيل الحكومة نظرا لدقة الوضع الذي نعيشه جميعا. وأمل من الجميع التعامل بمرونة وبمسؤولية في التعاطي مع هذا الموضوع لتسهيل عملية التأليف والخروج من حال المراوحة التي تمر بها البلاد.