على رغم استعادة الحركة السياسية المتصلة بعملية تأليف الحكومة الجديدة حيوية ملحوظة امس، خصوصاً بين بيت الوسط وعين التينة وميرنا الشالوحي، واستمرار حركة الموفدين بين المقار المعنية، بدا من النتائج الواضحة لهذه الحركة انها تهدف إلى إطلاق محاولات جديدة لتذليل العقبات التي تعترض تأليف الحكومة، لكنها لم تفضِ إلى جديد ملموس بعد، بسبب رفض حزبي التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، الزحزحة عن موقفيهما، ورغم ذلك فان المساعي مستمرة، والآمال معقودة على جولة مشاورات جديدة تتسم بدفع قوي من الرئيس نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري على السواء، لتدوير الزوايا ومحاولة اجتراح صيغة توفيقية يمكن عبرها الخوض في مرحلة توزيع الحقائب والاسماء بعد عملية مسح اولي لنقاط التقارب والتباعد والبدء بالمفاوضات التفصيلية لوضع الصيغة الحكومية، علّها تكون عيدية الاضحى.
وفي هذا الاطار، فقد شهدت الساعات الماضية تسارعا في تدفق التطورات، بدا معه ان ثمة رهاناً جديداً على حركة متعددة الاطراف يُراد لها أن تُخرج الحكومة الى النور من بوابة التنازلات الوطنية المطلوبة من القوى السياسية ودخول حزب الله والرئيس بري تحديدا على خط الدفع لتذليل العقبات. وفي سياق الاتصالات التي ستستكمل في الايام المقبلة على أكثر من محور، ذكرت وكالة الانباء المركزية ان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الموجود خارج البلاد في زيارة خاصة، على ان يعود الى لبنان نهاية الاسبوع يبقي اتصالاته مفتوحة مع كل المرجعيات ويتابع الاتصالات على المحور الحكومي لحظة بلحظة، وقد تشاور مع الرئيس الحريري في الجديد الحكومي بعيد زيارة الوزير جبران باسيل لبيت الوسط.
وفيما توقعت مصادر سياسية ان يزور الرئيس المكلف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، نهاية الاسبوع المقبل على الارجح، مشيرة الى ان الاسبوع الطالع قد يشهد استراحة بفعل عطلة عيد السيدة العذراء ومغادرة بعض السياسيين لقضاء العطل مع عائلاتهم، من بينهم الوزير جبران باسيل الذي يتوجه مع عائلته الى اللقلوق في اجازة تمتد اياما عدة، زار امس المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل بيت الوسط حيث استقبله الرئيس الحريري. وقال خليل بعد اللقاء هناك حراك جديد على الصعيد الحكومي ونأمل ان تتقدم الامور.
سلّة متكاملة
وليس بعيدا، أوضحت المصادر ان خلال اللقاء بين الحريري وباسيل، تم التطرق الى التسوية الرئاسية والتأكيد انها قائمة رغم التباينات التي سجلت في الاونة الاخيرة، كما كان اتفاق على ان لا حكومة الا جامعة وان من المفيد ان يركز كل طرف على مطالبه من دون الدخول في أمور سواه.. وعلى حد تعبيرها، فإنه فتح كوة في جدار أزمة التأليف قد تصح تسميته بالخطوة الأولى في المشوار نحو الحكومة، رافضة تحديد المدة التي ستستغرقها. وفي السياق، كشفت المصادر ان الرئيس الحريري يسعى الى إنضاج اتفاق لا يشمل فقط الحصص والاحجام، بل ايضا توزيع الحقائب على القوى السياسية والبيان الوزاري وعنوانه الاساس النأي بالنفس، من ضمن سلّة واحدة متكاملة، تفاديا لسيناريو تذليل عقدة وبروز أخرى. ووفق المصادر، فإن القوى المحلية تبدو متجاوبة مع هذا المسار، ويبقى معرفة موقفها من الصيغ- المخارج التي قرر الحريري اعتمادها. وهي: لا ثلث معطلا لاي فريق، اعطاء القوات اللبنانية اربع حقائب، اثنتين خدماتيتين وازنتين، من دون سيادية او نيابة مجلس وزراء، ومنح الحزب الاشتراكي ثلاثة وزراء على ان يكون الثالث نتيجة خيار مشترك للنائب السابق وليد جنبلاط وبري والحريري، بما يطمئن الفريق الرئاسي الخائف من فيتو ميثاقي قد يصبح في جعبة المختارة.
من جهتها، أشارت معطيات صحافية الى ان باسيل وافق على إعطاء القوات 4 حقائب منها حقيبة سيادية أو توصف بالسيادية، ولكن لم تُعرف ما هي هذه الحقائب. في المقابل، أوضحت مصادر في التيار ان باسيل لا يحدد حصص وحقائب غيره بل يتعاطى بما هو لتكتل لبنان القوي.
العقد على حالها
بيد ان منسوب التفاؤل المرتفع لا يبدو منسحبا على كل المقار المعنية بالتأليف، اذ اكدت اوساط معراب ان القوات لا تريد ان تكون من المساهمين في تعميم اجواء ايحابية قد تتبخر لاحقا وتحدث صدمة مع عودة الامور الى المربع الاول كما حصل سابقا. واذ اكدت ترحيبها باعادة فتح قنوات الاتصال بين جميع القوى السياسية خصوصا المعنية بالتشكيل لان تبادل الافكار وحده كفيل بالوصول الى حل، واصفة الاجواء بالجيدة في اعقاب لقاء الحريري- باسيل، بعد فترة من التوتر، قالت ان كل ما تقدم جيد في الشكل، انما في المضمون، العقد الاساسية على حالها لا سيما الدرزية والمسيحية، ولا يمكن الحديث عن حلول عملية بل فقط بحث في بعض الافكار. وفي ما خص معراب فإنها لن تتهاون ازاء حجمها التمثيلي المفترض ان ينعكس حكوميا.
من جهتها، افادت مصادر في الحزب الاشتراكي ان لا جديد في ما يخصنا فما زلنا على موقفنا لأنه انعكاس لنتائج الانتخابات وثقة الناس في صناديق الاقتراع وبالتالي على القوى المعنية أن تجد الحلول لهذه القضية. وعن المعلومات المتداولة عن مخرج لحلحلة العقدة الدرزية تتمثل بإعطاء جنبلاط ثلاثة وزراء دروز، على أن يتم اختيار الوزير الثالث وسطياً بين رئيس الجمهورية بالتوافق مع الرئيسين بري والحريري، قالت المصادر: لا نعرف مدى جدية هذا الطرح، لكن عندما يطرح علينا نعلق، في المقابل لدينا كامل الثقة بالرئيس الحريري وهو من الاساس متفهم لموقفنا.